العلاج بالحيوانات الأليفة أحدث صيحة لتخفيف آلام المرضى

البوم يجلب السكينة والسلام النفسي، ويساعد المريض على أن يصبح هادئا وذلك ما يميزه عن الحيوانات الأخرى.
الجمعة 2023/06/09
طائر البوم يجلب البهجة للمرضى الميؤوس من شفائهم

ترير (ألمانيا) – لم تعد الحالة الصحية لهورست ديمسكي وهو مريض مقيم في دار رعاية للمرضى الميؤوس من شفائهم بألمانيا، تساعده على النهوض من فراشه.

ولكنه مع ذلك شعر بالارتياح يغمره بشكل مدهش عندما شاهد طائرين من البوم يحدقان فيه بعيونهما البرتقالية الزاهية، وهما جاثمان فوق قفاز مخصص للصقور على غطاء فراشه.

ويربّت ديمسكي على ريش الطائرين برقة، ويقول بصوت خافت لكل منهما “عزيزتي، حسنا”، وبعد لحظات يضيف انه اعتاد قبل ذلك أن يزوره اثنان من الببغاوات.

ويبتسم مرارا بينما تقدم حاملة الصقور كاتارينا هافنر الطائرين له “هذه بومة الحظيرة إيما والبومة ذات الوجه الأبيض ميرلين”، وهما أصبحا يزوران بانتظام دار رعاية سان مارتن التي تستضيف الذين يعانون من أمراض خطيرة، والكائنة بمدينة كوبلنز بجنوب غربي ألمانيا.

البوم المستخدم في العلاج معتادة على الاحتضان والتربيت والتقبيل، وكل ذلك من الممكن ممارسته

وتقول هافنر إن وجود البومتين يضفي جوا من السعادة على ديمسكي، وهي الفكرة بالضبط التي تكمن وراء استخدام البوم كحيوانات أليفة للعلاج، ويقوم فريقها المسمى “صقور القلب” ومقره بلدة بسترشيت التي تبعد مسافة 100 كيلومتر جنوب غربي فرانكفورت، بزيارة دور العجزة ومراكز تخفيف آلام الذين يعانون من أمراض خطيرة في مختلف أنحاء ألمانيا، وهذه الطيور تجلب البهجة للمرضى الميؤوس من شفائهم خلال المرحلة الأخيرة من حياتهم.

وتضيف هافنر التي تبلغ من العمر 29 عاما، أنهم يجلبون الفرحة، وربما قدرا من السعادة، مرة أخرى للمرضى في هذه الدور. وفي حالة ديمسكي كانت الزيارة ناجحة، ويصف زيارة البوم بأنها كانت مفاجأة لطيفة.

بينما تقول إنغريد فرديناند نائبة مدير الدار والتي شهدت مباشرة مدى الحماس الذي استطاعت البومة أن تبعثه في نفوس الذين يعانون من أمراض خطيرة، إن هذه هي ثالث زيارة تقوم بها الطيور إلى الدار، وتعد دائما حدثا خاصا. وتضيف أن الناس يقولون دائما “إن جميع الأحوال يسودها الحزن الشديد في دور الأمراض المستعصية، وأحد مبادئنا يقول إنه يجب أن نعيش يومنا بأحسن ما نستطيع، وزيارة الطيور تعد من الأمور المبهجة”.

وفي إحدى غرف الدار التي تضم 10 غرف، يحيط بالمريض سوين بينكاتشيك الذي يعاني من ورم بالمخ أفراد أسرته.

وتبتسم زوجته تمارا بينكاتشيك التي تجلس بجوار فراشه عندما يدخل ابنهما كلاس الغرفة مع البومة الصغيرة ميرلين وحاملة الصقور هافنر التي تحمل بومة الحظيرة إيما، وتقول تمارا “هذه هي المرة الأولى التي يصبح فيها البوم قريب الصلة بنا للغاية”.

ويضع كلاس الذي بلغ السابعة من عمره البومة على الفراش ويقول لوالده “أبي يجب أن تربّت عليها هكذا دائما، فهي تحب ذلك”، وهذه اللحظة الخاصة من حياتهم تم تسجيلها بكثير من الصور.

وتعلق هافنر على هذا الموقف، قائلة “البوم يجلب كثيرا من السكينة والسلام النفسي، ويساعدك على أن تصبح هادئا”. وتنحدر هافنر من منطقة الشمال الألماني. وتضيف أن ذلك ما يميزها عن الحيوانات الأخرى التي تستخدم في العلاج، مثل الكلاب واللاما على سبيل المثال.

عندما تحضر البوم، يبدأ المرضى في الحديث بدرجة أكبر، كما أن التفاعل مع هذه الطيور، يثير كثيرا من الذكريات

وتتابع هافنر أنها عندما تحضر معها البوم، يبدأ المرضى في الحديث بدرجة أكبر، كما أن التفاعل مع هذه الطيور، يثير كثيرا من الذكريات “إنه يفتح بابا في العقل”، حتى مع مرضى الزهايمر والخرف.

وتنقل هافنر عن مقدمي الرعاية قولهم، إنه عندما يتم سؤال المرضى عن أسمائهم يتذكرها كثيرون منهم فجأة، حتى في حالة عدم قدرتهم على تذكرها خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

وعن البوم المستخدم في العلاج، تقول هافنر إنها معتادة على الاحتضان والتربيت والتقبيل، وكل ذلك من الممكن ممارسته.

وتوضح أن هذه الطيور تتم تربيتها منزليا من عمر مبكر، وتقول “نحن نحصل عليها عندما يكون عمرها عشرة أو 14 يوما على الأكثر، وهي تعيش معنا في المطبخ، وترقد على الأريكة في غرفة المعيشة معنا في المساء، وهي تتلقى الكثير والكثير من الحب والعطف”، وتضيف أنها تعلم أنها عندما تجثم على القفاز، يكون وقت العمل قد حان.

ويوجد 45 طائرا في حظيرة الصقور ببلدة بسترشيت، معظمها من البوم. وانضمت هافنر إلى فريق “صقور القلب” منذ ست سنوات، ولكن زوجها آخيم يعمل مع هذه الطيور منذ أكثر من 20 عاما.

كما يزور فريقهم دور المسنين والمدارس ورياض الأطفال ومؤسسات المعاقين، وهي كلها تدفع أموالا مقابل هذه الزيارات، وكثير من حجوزات الزيارات يأتي من مؤسسات في برلين، وفقا لما تقوله كاترينا هافنر، وتضيف أنهم يذهبون إلى هناك مرتين في العام، وتستغرق المرة من اثنين إلى ثلاثة أسابيع، بينما يزور فريق الصقور دور العجزة والمرضى الميؤوس من شفائهم، مثل دار سان ماتن بمدينة كوبلنز بلا مقابل. وهذه الرحلات تعد بالنسبة إلى هافنر نوعا من “تحقيق الذات، والتعبير عن المشاعر الحانية بأعماق القلب”.

كما يستمد مقدمو الرعاية الصحية وطاقم التمريض القوة من مثل هذه التجارب، وفقا لما تقوله نائبة المدير فرديناند وتضيف أنها تمثل بلسما للروح لكل من الجانبين.

16