تطورات جديدة في مكافحة أنواع كثيرة من السرطان

اختراقات في علاج أورام المخ والرئة والثدي وسرطان الدم.
الأربعاء 2023/06/07
الاكتشافات في مجال مكافحة السرطان تقلل من نسب الوفاة

يعمل المتخصصون في الأمراض السرطانية في مختلف أنحاء العالم على ابتكار علاجات جديدة تخفف من حدة المرض وتزيد من مؤمل الحياة لدى المرضى المصابين، وتكون بمثابة الاختراقات التي تحمل تطورات إيجابية في مجال علاج أورام الرئة والدماغ والثدي وسرطان الدم والرحم والمبيض. وسجل المتخصصون تقدما تكنولوجيا في مجال اللقاحات العلاجية التي يرتفع بخصوصها عدد التجارب ويشهد الحديث عنها تزايدا مستمرا.

باريس - اختتم المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري، الملتقى البارز للمتخصصين في الأمراض السرطانية من العالم أجمع، أعماله في شيكاغو، الثلاثاء، بعدما سلّط الضوء على سلسلة تطورات إيجابية على صعيد علاج المصابين بالسرطان. وفي ما يتعلق بسرطان الرئة تبيّن أنّ تناول حبة دواء (مع العلاج الكيميائي أحيانا) يوميا ساهم في تقليص خطر الوفاة الناجمة عن الإصابة بأحد أنواع سرطان الرئة إلى النصف، على ما أظهرت نتائج “مذهلة” لتجارب سريرية عُرضت الأحد في المؤتمر وأثارت ضجة كبيرة.

وطوّرت مجموعة “أسترازينيكا” للصناعات الدوائية عقار “أوزيميرتينيبت” الذي يُعطى للمصابين بنوع معين من سرطان الرئة يسمى بسرطان الرئة غير صغير الخلايا الذي يظهر نوعا من الطفرات. وقال روي هيربست من جامعة ييل إن البيانات المرتبطة بانخفاض خطر الوفاة “مذهلة".

وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، قالت إيريس بوبورتيه، من الاتحاد الفرنسي لمكافحة السرطان، “في هذا النوع من المرض الذي تشكل التطورات العلاجية المتعلقة به حدثا منتظرا، يبرز بصيص أمل كبير". وأكدت المسؤولة عن البحث والتطوير في الاتحاد الفرنسي لمراكز مكافحة السرطان مورييل داهان أنّ ما “جرى التوصل إليه يُفترض أن يغيّر الممارسات المعتمدة، ويدفع إلى الحاجة إلى اختبارات منهجية للطفرة ‘إي.جي.أف.آر’ إذا تم تأكيد نتائج الدراسة".

كما ساهم علاج “فوراسيدينيب” بتحسين متوسط البقاء على قيد الحياة لدى المرضى المصابين بورم دبقي، على ما بيّنت بيانات جديدة لتجربة سريرية في المرحلة الثالثة عرضها مختبر "سيرفييه" الفرنسي. ويعمل الدواء الذي يؤخذ يوميا عن طريق الفم، على جزيء يوقف نشاط أنزيم مسؤول عن تطور بعض أنواع سرطانات الدماغ التي يصعب علاجها.

◙ الحديث عن اللقاحات العلاجية يشهد تزايدا
الحديث عن اللقاحات العلاجية يشهد تزايدا

وقال باتريك تيراس، نائب الرئيس المسؤول عن المنتجات المبتكرة للأورام في المراحل الأكثر تقدما لدى "سيرفييه"، “سُجّل تقدّم علاجي محدود في ما يتعلق بأورام المخ خلال السنوات العشرين الفائتة"، مضيفا "بفضل العلاج المستهدف الذي ابتكرناه، لم يتقدّم السرطان لدى المرضى لـ27.7 شهرا مقابل 11.1 شهرا لمن تلقوا علاجا وهميا".

وقال فابريس أندريه، مدير الأبحاث في مركز “غوستاف – روسّي” الفرنسي الذي يشكّل أول مؤسسة تكافح السرطان في أوروبا، إنّ “هذا العلاج المحدَّد يحمل آمالا في مرض لم تكن تتوفَّر له أي علاجات حتى اليوم". وأظهر علاج اختبر لدى مصابات بسرطان الثدي في مراحله المبكرة انخفاضا بنسبة 25 في المئة في خطر تكرار الإصابة به، على ما أظهرت النتائج الأولية لتجربة سريرية واسعة.

وعلاج ربوسكليب (من ابتكار نوفارتيس) مستخدم أساسا (مع علاج بالهرمونات) لمحاربة أكثر أنواع سرطان الثدي شيوعا (أتش.آر وأتش.آر 2) في مرحلة متقدمة من المرض، وتم اختباره لدى المصابات بالسرطان في مراحله المبكرة. ويستهدف العلاج نوعين من البروتين، هما “سي.دي.كاي 6” و”سي.دي.كاي 4”، ويؤثران على نمو الخلايا السرطانية.

وبالنسبة إلى سرطان عنق الرحم في مراحله المبكرة ومع خطر محدود في تقدّمه، بيّنت دراسة سريرية في المرحلة الثالثة أنّ استئصال الرحم فقط لا يؤدي إلى تكرار الإصابة بالمرض أكثر مما يتسبب به استئصال الرحم مع إزالة واسعة لعنق الرحم وجزء من المهبل. وتحمل هذه النتيجة وعودا بتحسين نوعية الحياة للنساء اللاتي يخضعن لعمليات مماثلة.

كما أظهر علاج بالأجسام المضادة المقترنة، وهو بمثابة قنبلة صغيرة من العلاج الكيميائي تنفجر في الورم، تحسينا كبيرا في معدل البقاء على قيد الحياة لدى المصابات بأنواع من سرطان المبيض تكون فيها نسبة البقاء على قيد الحياة لـ5 سنوات أقل من 20 في المئة، فيما تتكرر الإصابة بها بشكل شائع، على ما بيّنت تجارب سريرية في المرحلة الثالثة.

وأكّد رئيس قسم التجارب السريرية المبكرة في معهد كوري الذي يتخذ مقرا له في باريس كريستوف لو تورنو أنّ "الحديث عن اللقاحات العلاجية يشهد تزايدا، فيما يرتفع عدد التجارب التي تُجرى راهنا، مع تسجيل تقدم تكنولوجي كبير في هذا المجال". وتركّز دراسات أولية كثيرة على هذا السلاح الجديد المضاد لسرطان الرئة والأنف والأذن والحنجرة والورم الأرومي الدبقي وفايروس الورم الحليمي البشري المسبب لأنواع كثيرة من السرطانات.

◙ دراسات أولية كثيرة تركّز على اللقاحات كسلاح جديد مضاد لسرطان الرئة والأنف والأذن والحنجرة والورم الأرومي الدبقي

وعرض معهد كوري دراسة عن لقاح علاجي مضاد لفايروس الورم الحليمي البشري 16 في سرطانات الشرج التناسلي، بالإضافة إلى تجربة على لقاحات ابتكرتها شركة “ترانسجين” للتكنولوجيا الحيوية من خلال تسلسل فردي للأورام وباستخدام إحدى أدوات الذكاء الاصطناعي، في سرطانات الأنف والأذن والحنجرة.

كما أظهر علاج يعمل على تغيير خلايا الجسم المناعية جينيا، قدرة على تقليص خطر تقدّم نوع نادر من سرطان الدم بنسبة 74 في المئة، على ما أظهرت نتائج دراسة حديثة. وأُخضع “سيلتاكابتاغن أوتولوسل” المعروف باسمه التجاري “كارفيكتي”، لاختبار ضمن تجربة سريرية شملت 419 مريضا مصابين بالورم النقوي المتعدِّد، ولم تستجب حالاتهم لعلاج “ليناليدوميد” الكيميائي الذي عادة ما يُوصف للمرضى.

وفيما بات استخدام هذا العلاج شائعا، لم تعد حالات نسبة كبيرة من المرضى تستجيب لهذا الدواء، على ما قال الاختصاصي في الأورام أوريوف أوديجيد خلال المؤتمر السنوي للمتخصصين في السرطان الذي استضافته الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري في شيكاغو وعُرضت خلاله نتائج التجارب. وأضاف أوديجيد الذي لم يشارك في الدراسة أنّ “كارفيكتي” أظهر نتائج فعالة بشكل ملحوظ مقارنة بخيارات المريض الحالية”، و"يمكن استخدامه بأمان في مرحلة مبكرة من العلاج".

وفي التجربة السريرية، تلقّى نصف المرضى “كارفيكتي”، بينما أُعطيت للنصف الثاني مجموعة من الأدوية الموصوفة بشكل شائع حاليا، بينها علاج كيميائي ومنشطات. وأشار بيان إلى أنّ الباحثين توصّلوا بعد متابعة المرضى مدى 16 شهرا، إلى أنّ “سيلتاكابتاغن أوتولوسل” يقلّص خطر تقدّم المرض بنسبة 74 في المئة، مقارنة بالعلاجات المعيارية.

والورم النقوي المتعدّد هو نوع من سرطان الدم يطول خلايا الدم البيضاء المسماة بخلايا البلازما، وقد يتسبّب بتلف للعظام والكلى والجهاز المناعي. ويصيب الورم النقوي المتعدّد سبعة من كل مئة ألف شخص سنويا.ويزداد خطر الإصابة بهذا المرض مع التقدّم في السنّ بحسب مركز "كليفلاند كلنيك"، فيما يرتفع احتمال إصابة الرجال وذوي أصحاب البشرة السوداء.

وراهنا، لا يوجد علاج للورم النقوي المتعدّد، فيما يمكن إبطاء تقدم المرض أو إيقافه لفترة طويلة. ويتمثّل العلاج الجديد بإزالة الخلايا التائية لمستقبلات المستضد الخيمري لدى المريض وتعديلها جينيا في المختبر، ليصبح لديها بروتينات محددة تسمى مستقبلات وقادرة على البحث عن الخلايا السرطانية وتدميرها.

◙ مقاربة واضحة للعلاج على مراحل
◙ مقاربة واضحة للعلاج على مراحل 

16