تونس تسعى لتجنب أزمة كهرباء خلال فصل الصيف

تونس - تكثّف شركة الكهرباء الحكومية (ستاغ) في تونس من جهودها لتجنب أزمة كهرباء متوقعة مع حلول فصل الصيف، في ظل تضاعف استهلاك التونسيين للطاقة الكهربائية.
ورجّح مدير التعاون والاتصال بالشركة منير الغابري أن تتراوح ذروة استهلاك الكهرباء لهذا الصيف بين 4700 و4900 ميغاواط بسبب الطلب المتزايد على استعمال مكيّفات الهواء.
وأكد الغابري في تصريح لوكالة الأنباء التونسية أن “الشركة تعمل من أجل اتخاذ الإجراءات والاستعدادات الكافية لمجابهة هذه الذروة بهدف تأمين استمرارية التزويد بالكهرباء لكافة المواطنين رغم الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة بسبب التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة”.
وتتزايد متاعب تونس بشأن تأمين استقرار إمدادات الكهرباء بشكل مستمر نتيجة ما تواجهه الشركة الحكومية من وضع مالي مأزوم منذ سنوات بسبب الديون التي خلفت عجزا ماليا متفاقما.
وتواجه “ستاغ” مزيجا من المشكلات التي أدت في السنوات الماضية إلى عجزها عن تأمين إمدادات الكهرباء بشكل مستمر في بعض المناطق جراء عدم توفر السيولة الكافية للقيام بأعمال الصيانة الدورية على الشبكة.
وتتشعب مشاكل الشركة الحكومية وصعوباتها حسب الخبراء والمراقبين، حيث يعتبر هؤلاء أن تفاقم الديون من سنة إلى أخرى حال دون تسوية الوضعية المالية لهذا الكيان الحكومي، ما جعل إمكانية رفع الدعم والزيادة في أسعار الاستهلاك واردة أكثر من أي وقت مضى.
وكشف الغابري أنه تم في السنة الماضية تسجيل ظاهرة تعد الأولى من نوعها من خلال ذروة طلب على الكهرباء لغرض التكييف قياسية بتاريخ 8 سبتمبر بلغت 4677 ميغاواط.
وأفاد المسؤول بأن الشركة “شرعت في الإعداد الجيّد والمدروس لمختلف السيناريوهات والفرضيات الممكنة لهذا الصيف بهدف تفادي الأعطاب وانقطاع الكهرباء”.
ولفت إلى أنه “تم إيلاء الأهمية للمحوّلات الكهربائية التي بيّنت عمليات القيس أن أحمالها قد بلغت أقصاها مما يحتّم اتخاذ ما من شأنه تخفيف تلك الأحمال حتى يشتغل كل محوّل كهربائي في ظروف مناسبة، حيث يمكن في هذا الإطار تقوية المحوّل المعني أو معاضدته بآخر مع مد الشبكة الكهربائية اللازمة وحفظ سلامة المعدات والحد من الانقطاعات”.
وأكد الغابري أن “ستاغ” “لا تتأثر نتيجة الاستهلاك خارج أوقات الذروة بقدر ما تنشغل بكل استهلاك في فترة الذروة الصيفية (بين الساعة الحادية عشرة صباحا والثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي) جرّاء ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية وتزامن مختلف الاستعمالات وخاصة منها استعمال المكيفات في الإدارات والقطاعات التجارية والخدماتية والمنزلية”.
وتستورد تونس ما يقارب 70 في المئة من الغاز الطبيعي من الجزائر لسد حاجياتها الضرورية لإنتاج الطاقة الكهربائية في ظل انحسار الإنتاج المحلي في حدود 35 في المئة.
وتبلغ طاقة إنتاج محطة قرطاج 471 ميغاواط، وهي توفر نحو عشرة في المئة من الطلب المحلي على الكهرباء.
تونس تسابق الزمن من أجل تنفيذ إستراتيجيتها المتعلقة بإنتاج الطاقة البديلة من خلال خطط طموحة لتشجيع القطاعين العام والخاص للاستثمار في هذا القطاع المستدام
وتقوم الشركة بصفة دورية بعمليات صيانة لمختلف شبكات الكهرباء للمحافظة على وظيفتها الفنية عند تطور الأحمال وسط مؤثرات طبيعية غير ملائمة، حيث تقوم مصالحها الفنية بالصيانة والتعهد بتلك الشبكات إما بتكثيف عمليات التنظيف والغسيل للمكونات العازلة بالشبكة بعد تلوّثها نتيجة الأتربة وعدة عوامل طبيعية أخرى، فضلا عن ربط خطوط جديدة أو دعم القديمة منها للترفيع في قدرتها.
وحول اعتزام الشركة تخفيف الأحمال أو ما يعرف بالقطع الإرادي للكهرباء، قال الغابري إن “تخفيف الأحمال ليس غاية في حدّ ذاته بقدر ما هو إجراء احترازي معروف ومعمول به عند الضرورة للمحافظة على توازن اشتغال الشبكة الكهربائية وتفادي انهيارها”.
وتتصاعد تشكّيات المواطنين من سوء الخدمات على غرار ضعف الشبكة وتكرر الانقطاعات دون موجب أحيانا. وتتزايد المخاوف من إمكانية تسبب عدم تطوير شبكات الكهرباء بما يتناسب مع تزايد الاستهلاك في أزمة شبيهة بتلك التي تشهدها الدول التي تعيش نزاعات مسلحة وحروب مثل ليبيا ولبنان والعراق.
وتشهد تونس أزمات اقتصادية ومالية مركبة فاقمتها جائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية مما ساهم في تدهور القدرة الشرائية للتونسيين. ويخشى التونسيون المنهكون من الزيادات المتتالية في أسعار الطاقة والمواد الاستهلاكية من زيادة أخرى في فواتير استهلاك الكهرباء والغاز.
وقررت الحكومة التي تقودها نجلاء بودن في مايو 2022 زيادة أسعار الكهرباء والغاز من خلال اعتماد تعريفات جديدة لأصحاب الحرف المنزلية والصناعية بمقدار 12.2 في المئة للكهرباء و16 في المئة للغاز الطبيعي، وبين 12 و15 في المئة للصناعيين. وتسابق تونس الزمن من أجل تنفيذ إستراتيجيتها المتعلقة بإنتاج الطاقة البديلة من خلال خطط طموحة لتشجيع القطاعين العام والخاص للاستثمار في هذا القطاع المستدام.