شقيقتان سوريتان تعزفان الألحان الكردية في أربيل

نورشين وبروين صالح تقدمان عروضا موسيقية من أجل كسب لقمة العيش، لكنهما في الصميم تعشقان الموسيقى، وتسعيان إلى احترافها.
السبت 2023/06/03
ألحان الحزن جميلة جدا

الموسيقى تروي قصص الفرح وتقلب المعاناة إلى ألحان ذات بعد جمالي تماما كقصة الشقيقتين السوريتين اللتين كابدتا رحلة التهجير الطويلة من مدينة كوباني إلى تركيا، وصولا إلى شمال العراق حيث استقرتا في أربيل.

أربيل (العراق) - في مطعم في أربيل، تعزف شابتان سوريتان كرديتان ألحانا حزينة من فولكلور كردي تعشقانه، وترغبان بالحفاظ عليه، لاسيما أنه يشكّل صدى لمعاناتهما من التهجير من كوباني إلى تركيا، وصولا إلى شمال العراق.

تقدم نورشين وبروين صالح عروضا موسيقية من أجل كسب لقمة العيش، لكنهما في الصميم تعشقان الموسيقى، وتسعيان إلى احترافها.

وتقول بروين (20 عاما) التي تجيد العزف على السنطور والدف والدودوك، أي المزمار الأرمني، وقد أسدلت شعرها الأسود الطويل على كتفيها، “أكثر شيء نعشقه هو الموسيقى الفولكلورية الكردية لأنها حقيقية وغالبا ما تحكي كلمات أغانيها عن المعاناة والأحداث التي مرّ بها الأكراد”.

إلى جانبها، تؤدي نورشين أغنية “أز غريبم” (أنا غريبة) الحزينة، بينما تعزف على الغيتار وترافقها شقيقتها على السنطور. “أنا غريبة، بدونك يا أمي أنا مكسورة الجناح، في الغربة الدنيا تحولت من حولي إلى سجن، أنا غريبة. يا حبيبي سأموت ولن أراك مجددا”.

نورشين تعزف على آلات الغيتار والكمان والبيانو والكمنجة، وهي آلة وترية تستخدم في الموسيقى الكردية

في عام 2015، شهدت مدينة كوباني في محافظة حلب  أربعة أشهر من معارك ضارية خاضها مقاتلون أكراد ضد داعش.

لكن في حصار المدينة واشتداد القصف عليها في سبتمبر 2014، نصح والدا نورشين وبروين أبناءه الستة بالمغادرة.

وتروي نورشين (23 عاما) أنهم خرجوا عبر “ممر آمن”، و”لم يتبق أحد في كوباني”.

في مطعم بيروا  الذي تعزف فيه الأختان في حي عينكاوا في أربيل، تضيف الشابة التي تعشق الموسيقى الكلاسيكية وتستمع لباخ وتشايكوفسكي وفيفالدي ورحمانينوف وتحلم بأن تصبح عازفة كمان معروفة، “لا يزال داعش يراودني في أحلامي مثل الكوابيس، إنهم يأتون بملابسهم السوداء ويكسرون آلاتي الموسيقية ويخطفوني وأنا أصيح وأبكي وأبحث عن بقايا آلاتي”.

رغم مرور ثماني سنوات على هجوم الجهاديين على كوباني، لا تزال بروين تتذكّر أيضا تلك الأيام. وتقول “أحتفظ بصورة في رأسي عن داعش تأبى أن تغادرني: ملابسهم ورايتهم السوداء وسعيهم لتحويل الحياة إلى اللون الأسود، ومنعهم الموسيقى وحرية المرأة والإنسان… أنا أخاف من داعش”.

رغم مرور ثماني سنوات على هجوم الجهاديين على كوباني، لا تزال بروين تتذكّر أيضا تلك الأيام

ويقول رياض عثمان، أحد شركاء المطعم الأربعة الذي تغني فيه الفتاتان، وهو من قامشلي السورية ويجيد الغناء والعزف هو الآخر، “أحاول مساعدة هاتين الفتاتين لأنهما متمكنتان في مجالهما وأمامهما مستقبل واعد”. ويضيف “لست مستغربا أنهما هنا، فحياة الأكراد كلها عبارة عن هروب وغربة ومعاناة”.

في تركيا، مكثت الشقيقتان أولا في إسطنبول ثم في ديار بكر حيث درستا الموسيقى والعزف على الآلات الشرقية والغربية في معهد كردي.

في 2019، قررتا العودة إلى كوباني حيث بقيتا ثلاث سنوات شهدتا خلالها أوضاعا صعبة، ثم نزحتا مجددا مع تعرّض المنطقة لهجمات تركية.

في المرة الثانية، كانت الوجهة كردستان العراق التي وصلتا إليها في ديسمبر الماضين وقد استأجروا منزلا في حي شعبي في أربيل.

وتعزف نورشين على آلات الغيتار والكمان والبيانو والكمنجة، وهي آلة وترية تستخدم في الموسيقى الكردية.

وتقول “على الحدود بين سوريا و طلب جنود النظام السوري أن نعزف لهم كي يسمحوا لنا بالمرور مع آلاتنا الموسيقية. (…) عزفنا وكنا نبكي”.

Thumbnail

وتروي الفتاتان أنهما كبرتا مع الموسيقى، وتحلمان باحترافها في المستقبل.

وتقول بروين “أخبرتني أمي أنها كانت تغني لنا قبل النوم عندما كنا صغارا، وكان أبي يعزف لنا الطنبور ويغني . كبرنا على سماع الأغاني الكردية بصوت أمي وأبي”.

وتضيف “حلمي أن أعود إلى كوباني عندما تستقر الأوضاع كي نستمر بالموسيقى والغناء وأعمل كي أساعد مدينتي فهي تستحق الحياة”.

وتقول نورشين بدورها “أتمنى أن يعود الأمن والاستقرار إلى كوباني وأن تنتهي الحرب ونصبح أحرارا كي نعود إلى بيوتنا لنعزف موسيقانا للناس ونعلّم الأطفال الموسيقى”.

18