"مدينة المسنّين" في الصين تتحدّى الشيخوخة

مدينة صينية نموذجاً لسياسة الطفل الواحد تضم أعلى نسبة من كبار السنّ في الصين.
الاثنين 2023/05/08
هواية غير مرهقة

رودونغ (الصين) - يحافظ مسنّون داخل صالة رياضية في رودونغ على لياقتهم البدنية من خلال ممارسة كرة الطاولة. وبعدما كانت هذه المدينة الصينية نموذجاً لسياسة الطفل الواحد، باتت راهناً من المناطق التي تضم أعلى نسبة من كبار السنّ في الصين.

وشهدت المدينة الساحلية الواقعة شمال شنغهاي ارتفاعاً بطيئاً في أعداد سكانها منذ ثمانينات القرن العشرين، إلى درجة أنّ مَن تتخطى أعمارهم الستين سنة يمثلون حالياً 39 في المئة من سكانها، مقابل 18.7 في المئة على الصعيد الوطني.

ومن المؤشرات على هذه التغييرات الديموغرافية الكبيرة، أنّ مدرسة سابقة مهجورة استحالت مكاناً لنمو الأعشاب الضارة في حين توفر جامعة محلية دروساً معينة لكبار السن.

وبحسب الأمم المتحدة، باتت الهند الدولة الأكثر تعداداً بالسكان في العالم، متقدمةً على الصين التي انخفض عدد سكانها خلال العام الفائت للمرة الأولى منذ ستة عقود.

وفي نهاية شارع محاط بمبان متداعية في رودونغ، يصدح صوت الكرات في نادي كرة الطاولة المحلي الذي يعج بكبار السن.

وتقول فو يابينغ (56 عاماً) التي أسست النادي عام 2011 إنّ “عدداً كبيراً من الأشخاص يرتادون هذا المكان للحفاظ على لياقتهم البدنية، في خطوة تُعدّ أفضل من بقائهم في المنازل ولعب الورق!” الذي يشكل نشاطاً شائعاً في المنطقة.

الهند باتت الدولة الأكثر تعداداً بالسكان في العالم، متقدمةً على الصين التي انخفض عدد سكانها خلال العام الفائت للمرة الأولى منذ ستة عقود

وكان ابن يابينغ انتقل إلى المدينة بحثاً عن وظيفة، ومثله فعل كثر في ظاهرة شهدتها الصين خلال العقود الأخيرة وتساهم في إفراغ الأرياف والمدن الصغيرة من سكانها.

وتقول يابينغ عن ابنها “له ابن” ولا يخطط لإنجاب طفل آخر، مضيفةً “إنّ إنجاب الأطفال يمثل عبئاً كبيراً في المرحلة الراهنة”، في إشارة إلى كلفة التعليم. ويشير الستيني تشو أحد أعضاء النادي ومتقاعد كان يعمل في شركة الاتصالات “تشاينا تيليكوم”، إلى صعوبات يواجهها الشباب الصينيون في سوق العمل.

ويضيف أنّ “الوضع ليس مماثلاً لما عاشه جيلنا. ففي تلك المرحلة، كانت الدولة توفر وظائف للشباب، أما اليوم، فبات الصينيون يبحثون بأنفسهم عن أشغال”.

ورودونغ بمثابة مختبر للتحديات الديموغرافية التي تواجهها الصين، فالمشكلة في هذا الخصوص دقيقة لأنّ شيخوخة السكان مقترنة بنزوح الفئة الشابة إلى المدن. وتضع الزيادة في عدد المسنين ضغوطاً على نظام التأمين الصحي والمعاشات التقاعدية كذلك.

ومن الشائع في الصين أن ينتقل كبار السن، وتحديداً مَن لا يتمتعون بلياقة بدنية، للعيش مع أبنائهم. ويؤكد عدد من سكان رودونغ أنهم يرغبون في الحفاظ على لياقتهم لتجنب قرار مماثل.

ويقول وانغ جيان هوا (67 عاماً) وهو يمارس الكروكيه “إذا كانت صحتنا جيدة، سيشعر أبناؤنا بتوتر أقل”.

وتخرج بينغ (74 عاماً) من حرم جامعة محلية تأخذ دروساً فيها وهي تقود دراجتها الهوائية وتتحدث مع زميلة لها.

وتقول “بسبب الثورة الثقافية، لم نرتد المدارس آنذاك” في إشارة إلى الاضطرابات السياسية التي شهدتها الصين بين عامي 1966 و1976، حين أُرسل شباب كثر إلى الأرياف لتعلّم أسلوب حياة المزارعين.  وتأخذ بينغ دروساً في الآدب والأوبرا الصينية.

18