العراق يعتزم الذهاب في تحلية مياه البحر لمواجهة شح الموارد

رئيس الوزراء العراقي يدعو إلى تدخل دولي عاجل لمعالجة انخفاض مناسيب مياه نهري دجلة والفرات ويطالب تركيا وإيران بحصة بلاده المائية.
السبت 2023/05/06
تحلية مياه شط العرب في البصرة

بغداد - دفع شح المياه الذي يشهده العراق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى إعلان اعتزام بغداد البدء في مشروع لتحلية مياه البحر لتوفير الإمدادات بغرض الشرب وسقي الزراعات، مع مطالبته بتدخل دولي "عاجل" لمعالجة انخفاض مناسيب مياه نهري دجلة والفرات.

وقال السوداني، خلال افتتاحه مؤتمر بغداد الثالث للمياه بمشاركة دولية وعربية وإقليمية إن "ملف المياه في العراق حساس ويمر بوقت حرج جراء التغييرات المناخية حيث تعاني البلاد من هذه الآثار".

وأضاف "ورثنا المشاكل المائية من النظام السابق واستمر عدم الإدراك الإداري حتى وصلنا إلى هذه المرحلة"، مشيرا إلى أن حكومته "وضعت الملف المائي من أولوياتها، وقد اتخذنا الكثير من السياسات وكان لا بد الوقوف على المشاكل مع دول المنبع".

ولفت إلى أن "من بين المعالجات الأساسية ضبط الخطة الزراعية الشتوية من خلال إدخال الوسائل الحديثة للري"، مشددا على أن "الخطط الزراعية المقبلة تقتصر على المزارعين المستخدمين لوسائل الري الحديثة".

وأوضح أن "الحكومة الحالية اتجهت إلى الخبرات التي تملكها الدول المتقدمة للاستفادة من المياه"، لافتا إلى إن "الحكومة عازمة على الذهاب إلى تحلية مياه البحر".

وتابع، أن "الحكومة عملت على تشكيل مجلس أعلى للمياه"، محذرا أن "شح المياه يعد تهديداً لثقافة وحضارة العراق".

وأضاف أن أزمة المياه بحاجة إلى التعاون بين العراق ودول المنبع التي نتشارك معها بالمياه، مشددا على ضرورة أن يحصل العراق على حصته المائية دون نقص وضرورة ضبط الخطط الزراعية في البلاد من خلال استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة.

وأكد ضرورة "التوصل إلى إدارة رشيدة مشتركة مع الدول الإقليمية بشأن ملف المياه، ونحن جادون في معالجة جميع المشاكل"، داعيا المجتمع الدولي والمنظمات المتخصصة إلى إنقاذ نهري دجلة والفرات على خلفية التغييرات المناخية التي يواجهها العراق.

وسبق أن وجه السوداني خلال اجتماع وزاري في ديسمبر الماضي إلى تسريع آليات التعاقد والتمويل، والخطوات التنفيذية لمشروع تحلية ماء البحر في محافظة البصرة، مشيرا إلى عزم الحكومة إشراك شركات عالمية رصينة في تنفيذ المشروع، من أجل تقديم منجز يتسم بالكفاءة وينهي ملف تحلية المياه بشكل جذري.

وأوضح أن المشروع سيشتمل أيضا تشييد محطّة كهربائية جديدة، إضافة إلى توفير المياه لرفع طاقات المكامن النفطية.

ويعتمد العراق في تأمين المياه أساسا على نهري دجلة والفرات وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوب البلاد لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.

وأجبر الجفاف ونقص المياه العراق بالفعل على خفض المساحات المزروعة إلى النصف لموسم الشتاء 2021-2022. وكان الرئيس العراقي السابق برهم صالح أكد العام الماضي أن بلاده ستواجه عجزا في المياه يقدر بأكثر من 10 مليارات متر مكعب بحلول عام 2035.

وبدوره، أكد وزير الموارد المائية في العراق عون ذياب عبدالله أن هذا المؤتمر يشكل فرصة لمواجهة المخاطر التي تواجه الموارد المائية والعمل على تقاسم المياه.

كما أكد وزير الطاقة الإيراني على أكبر محربيان أن بلاده ملتزمة بكل الاتفاقيات الدولية بشأن تقاسم المياه مع الدول الإقليمية والتوصل إلى تفاهمات مشتركة لحل مشكله المياه.

وقال محربيان "لدينا مع العراق اتفاق طويل الأمد بشأن إدارة ملف المياه".

ويناقش المؤتمر على مدى يومين ملفات وتقارير حول التحولات المناخية وأثارها السلبية على المياه والخطط الموضوع لمواجهة مشاكل نقص المياه والادارة المشتركة بين الدول المتشاطئة.

وفي ظل الاحتباس الحراري وشح الأمطار والمياه، تتوالي مؤشرات الجفاف المتصاعدة بالعراق على مدار السنوات الأربعة الماضية، وتتصاعد المخاوف من الانعكاسات الكارثية لظاهرة التغير المناخي التي باتت تهدد باستنزاف ونفاد المخزون الاستراتيجي من المياه، مما يهدد أمن العراقيين المائي.

وفي مارس الماضي، حذرت وزارة الموارد المائية العراقية من أن الوضع المائي هو الأكثر صعوبة منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

وأشارت إلى أن الخزين المائي بات في وضع حرجة جدا، كون مجموع الخزين الحالي يتراوح بين 7 و7.5 مليار متر مكعب، فيما كان يتراوح في نهاية 2019 ما بين 55 و60 مليار متر مكعب.

وعلى مدار الآونة الأخيرة، يبحث العراق بشكل مكثف عن حلول وصفها محللون بأنها "متأخرة" لأزمات شح المياه والتغير المناخي، في ظل تحذيرات من صيف قاس قد تتضرر البلاد فيه على مستويات عدة.

وفي مؤتمر المناخ الذي عقد في محافظة البصرة، مارس الماضي، قالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، إن بغداد تعاني من أزمة مياه حقيقية، مؤكدة ضرورة وجود تحرك إقليمي ودولي لوضع الحلول لتلك المعضلة.