رام الله.. مدينة لا تعرف النوم قُبيْل حلول العيد

المواطنون يهرعون إلى التسوق والمتاجر تقدم عروضها على مدار الساعة.
الجمعة 2023/04/21
الغلاء لم يمنع النساء من شراء مستلزمات كعك العيد

تعتبر رام الله أبرز مدينة في الضفة الغربية، لأنها تقع وسط الضفة، وهو ما يجعلها مركزا تجاريا وعاصمة سياسية في الضفة الغربية. وقبيل حلول عيد الفطر تصبح رام الله مدينة لا تعرف النوم؛ حيث تعج بالمتسوقين الذين يتجولون بين المتاجر والبسطات حتى ساعات الفجر الأولى لاختيار ملابس العيد. ورغم غلاء الأسعار وعدم صرف الرواتب كاملة بسبب الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة ظلت الحركة نشطة في أسواق رام الله.

رام الله (فلسطين) ـ لم تعرف مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة النوم منذ أيام تزامنا مع اقتراب عيد الفطر، واستمرّ هروع المواطنين إلى التسوق.

يقول فلسطينيون للأناضول “كأن المدينة لا تعرف النوم قبيل حلول العيد”. وتعج المدينة بالمتسوقين، وامتلأت الشوارع بالبسطات، فيما تقدم المتاجر عروضا على مدار الساعة.

وتقع مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، مما يجعلها مركزا تجاريا، إضافة إلى كونها المدينة الأبرز التي تعتبر بمثابة عاصمة سياسية في الضفة الغربية، حيث يقع فيها مقر الرئاسة الفلسطينية والحكومة والوزارات.

يقول إبراهيم جمال (46عاما) للأناضول، بينما كان يتسوق من متاجر في شارع الإرسال الأشهر في رام الله، “الساعة على وشك أن تشير إلى منتصف الليل ولا تجد لك موطئ قدم، كأن المدينة كلها لا تعرف النوم.. الكل في الأسواق”. وعلى الرغم من أن جمال اشتكى من غلاء الأسعار وضيق الحال فإنه اشترى ملابس العيد لأسرته.

وعن ذلك يقول “على الرغم من الغلاء لا بد من شراء ملابس جديدة للعيد تعبيرا عن الفرحة. بعد ساعات طويلة من الصيام، يمكن التسوق دون عناء في ساعات الليل”.

وفي متجر يقع في الشارع ذاته تقول أسماء عبدالغني للأناضول “عادة ما تسنح فرصة الخروج من البيت ليلا في شهر رمضان؛ تناولنا الإفطار مع العائلة في أحد مطاعم رام الله، ثم خرجنا للتسوق”. وتضيف “الأسعار باهظة نوعا ما، لكن لا بد من التسوق”.

  التسوق ليلا متعة لا توصف في رام الله
  التسوق ليلا متعة لا توصف في رام الله 

ويقول المتسوق محمد عمر (موظف حكومي)، والذي لم يتقاض راتبا كاملا سوى مرة واحدة منذ نوفمبر 2021، “نشتري ما هو ضروري للعيد، خاصة ملابس الأطفال؛ فالأسعار باهظة”. وتابع “تعلمون الحال منذ مدة طويلة.. لا نتلقى رواتب كاملة بسبب الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة، مؤخرا تم صرف 30 في المئة كسلفة من راتب أبريل الجاري”. وأشار إلى أن المبلغ لا يكاد يغطي أثمان بعض الاحتياجات.

والثلاثاء صرفت الحكومة الفلسطينية 30 في المئة من رواتب موظفيها عن أبريل الجاري قبيل حلول عيد الفطر. ومنذ نوفمبر 2021 تصرف الحكومة الفلسطينية رواتب موظفيها منقوصة، إثر أزمة مالية جراء استمرار إسرائيل في خصم جزء من أموال المقاصة (الضرائب) وتراجع الدعم الدولي.

ومنذ أكثر من عامين تصادر إسرائيل 50 مليون شيكل (14.5 مليون دولار) شهريا من أموال الضرائب الفلسطينية، وازداد المبلغ مؤخرا ليصل إلى أكثر من 60 مليون شيكل (17.5 مليون دولار) شهريا.

وتقول إسرائيل إن هذه الأموال تعادل ما تدفعه السلطة الفلسطينية شهريا لذوي الأسرى والشهداء مساعدات اجتماعية. وعلى الرغم من ازدحام المدينة بالمتسوقين، يقول تجار إن الوضع الاقتصادي المتردي يلقي بظلاله.

ويقول محمد كامل (صاحب متجر للأحذية وسط رام الله) “تمر البلاد بأزمة مالية خانقة جراء تعذر صرف الحكومة الفلسطينية رواتب الموظفين منذ أكثر من عام”. وأضاف “توجد حركة نشطة، لكن بالمقارنة مع سنوات سابقة تبدو ضعيفة، حيث يبحث المتسوقون عن البضائع الأرخص ولا يلتفتون إلى جودتها”.

ويعرض عبدالباسط بضائع محلية الصنع، وأخرى مستوردة ومن ماركات عالمية. ويقول إن المتسوقين من فلسطينيي الداخل (إسرائيل) ومدينة القدس هم الأكثر طلبا لتلك الماركات. وأشار إلى أن أغلب المتسوقين يفضلون التسوق ليلا هربا من مشقة نهار رمضان.

بدوره قال جمعة حمايل (صاحب متجر لبيع الملابس) “هناك حركة نشطة من قبل المتسوقين، لكن الاعتماد أكثر على فلسطينيي الداخل”. وأضاف “الأسعار تعد مقبولة جدا بالنسبة إلى فلسطينيي الداخل، مقارنة مع الأسواق الإسرائيلية أو البلدات العربية في الداخل”.

ويشتكي حمايل من سوء الأوضاع الاقتصادية، وقال “الوضع يسير نحو الأسوأ”.وألقت الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية بظلالها على  الفلسطينيين إثر قرصنة سلطات الاحتلال الإسرائيلي أموال المقاصة، ما اضطر الكثير منهم إلى تقليص مشترياتهم.

oo

كما اضطرت السلطة الفلسطينية إلى دفع راتب غير كامل لموظفيها بعد قرصنة سلطات الاحتلال مخصصات الشهداء والأسرى والجرحى من أموال المقاصة، قبل نحو أربعة أشهر.

ويقف الشاب الفلسطيني محمود المملح (تلميذ ثانوية عامة) وسط مدينة رام الله حيث يبيع البالونات للأطفال؛ فالفترة التي تسبق عيد الفطر يستغلها في مساعدة ذويه وتخفيف مصاريفه عن كاهلهم، كغيره من الباعة على عربات وبسطات البيع الذين يشكل لهم العيد عملاً مؤقتا أو موسماً جيداً للبيع.

يقول المملح إنّه خرج للبيع من أجل مساعدة ذويه طوال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، وسيبقى على هذه الحال خلال الأيام الثلاثة من عيد الفطر. ويصف أوضاع عائلته المعيشية بأنّها “مستورة”، لكنّه يرى أنه لا بدّ له من تقديم ولو شيء بسيط لمساعدتها.

وفي مكان آخر من رام الله أعد الشاب مجدي عبدالعال لنفسه بسطة منذ أربعة أعوام، يبيع عليها الملابس إلى جانب أعمال أخرى. وفرص العمل ليست سهلة كما يقول، لكنّ العيد موسم جيد بالنسبة إليه هو والباعة أمثاله، وهو يعتقد أنّ ما يشجع الناس على الشراء منه هو الفارق بين أسعار بضاعته وأسعار بضاعة المحلات التجارية، خصوصاً لمن يريد شراء ملابس كسوة العيد لثلاثة أو أربعة من أبنائه مرة واحدة.

وفي القدس الشرقية تدخل السياسة في كل مناحي الحياة حتى في استعدادات الفلسطينيين لاستقبال عيد الفطر؛ فالفلسطينيون يعتبرون تسوقهم من القدس الشرقية وخاصة البلدة القديمة تثبيتا لصمود المقدسيين في مدينتهم وشكلا من أشكال التمسك بالمدينة عاصمة للدولة الفلسطينية.

وفي باب العامود المؤدي إلى أسواق البلدة القديمة، تتداخل المشاهد بين المتسوقين الفلسطينيين الذين يخترق صفوفهم مستوطنون وسط تواجد شرطي إسرائيلي ملحوظ.

غير أن أنغام الأناشيد الدينية المنبعثة من مكبرات الصوت في عدد من المحال التجارية، على طول الطريق من باب العامود مرورا بسوق خان الزيت ووصولا إلى أسواق اللحامين والقطانين والصاغة، تقدم فكرة عن أصحاب المكان.

وتجذب انتباه المتسوقين أصوات متداخلة لباعة متجولين وأصحاب محال تجارية يعرضون منتجاتهم بأسعار مخفضة. ويشتري الفلسطينيون أساسا الحلويات والملابس وغير ذلك مما يعتبرونه سلعا أساسية للعيد.

rr

ويُعِدّ محمد أبوصبيح الحلويات، بما فيها “معمول العيد”، وهو كعك سميد لا يخلو منه منزل في القدس خلال فترة عيد الفطر ويقدم ضيافة للمهنئين بالعيد.

ويقول أبوصبيح للأناضول “عادة ما يكون هناك إقبال لا بأس به في عيد الفطر وعيد الأضحى على المعمول بالبلدة القديمة والقدس”. ويضيف “نعد المعمول المكون من السميد والبهارات والسمنة البلدية، والمحشو بالعجوة أو الجوز أو الفستق الحلبي”، وبين أن المعمول “بمثابة ابتهاج بقدوم العيد بعد شهر رمضان”.

وتكتظ أسواق البلدة القديمة في ما يعتبره التجار موسما لا يتكرر إلا مرتين سنويا، ويقصدون عيد الأضحى وعيد الفطر.

وبالنسبة إلى الكثير من أصحاب المحال التجارية في القدس بشكل عام والبلدة القديمة بشكل خاص فإن رمضان يعوض خسائر غيره من أشهر السنة بعد الكساد الذي تشهده المدينة منذ عزلها عن محيطها الفلسطيني في تسعينات القرن الماضي.

فبعد أن كانت القدس الشرقية مركزا تجاريا لسكان المدينة نفسها والمدن والقرى الفلسطينية المحيطة، جعلتها محاصرتها بالجدار الإسمنتي والحواجز العسكرية مقتصرة أساسا على سكانها ومن يتمكن من الوصول إليها من الضفة الغربية، إضافة إلى السياح.

16