قلب صيدا القديم في لبنان ينبض بالحياة أيام العيد

الليالي الأخيرة في رمضان بالمدينة تتنوع بين فرق إنشادية تراثية وإقبال على  محلات الحلوى والملابس وجلسات المقاهي.
الخميس 2023/04/20
حركة نشيطة

صيدا (لبنان) ـ مع اقتراب عيد الفطر تشهد ساحة باب السراي التاريخية وسط مدينة صيدا القديمة جنوب لبنان على مدار شهر رمضان حشودا من الزوار التي أتت لتكمل سهرتها بعد الإفطار حتى الفجر.
وتعد ساحة باب السراي أكبر ساحة عامة وسط صيدا القديمة التي تعود تسميتها إلى الباب الشهير لسراي فخرالدين الثاني من أهم المعالم السياحية حيث تستقبل الاحتفالات والأنشطة الثقافية التي تجعل منها مركزا نابضا بالحياة في شهر رمضان.
وتزدهر الحركة في صيدا تزامنا مع افتتاح المحلات في السوق التجاري ليلا استعدادا لعيد الفطر، وتستقبل الأسواق القديمة في المدينة روادها حتى الفجر، رغم أنها طوال السنة تكون مقفلة ليلا.

ويقول صاحب أحد محال التجارية والأكسسوارات أنيس حبلي إن أسبابا عديدة تضافرت لتجعل الحركة التجارية نشطة، منها عودة المغتربين لقضاء الأعياد وسط ذويهم، ومنها التكافل الاجتماعي في رمضان، ومساعدات المسافرين للأهل والأقارب وحتى الأصدقاء في المناسبات، باعتقادي أن الناس قرروا البحث عن الفرح بدلا من الحزن وبما تيسر لديهم.

الإقبال على شراء الحلويات في شهر رمضان وعيديْ الفطر والأضحى يزداد ، وتتحوّل محال بيعها في صيدا القديمة مقصداً على مدار الوقت ليل نهار

وأمام محل بيع ألبسة للأطفال احتشدت عائلات بأكملها، قال أحمد كرجية وهو أب لولدين “سأشتري لهما الثياب الجديدة رغم أن الأسعار بالدولار، لقد تلقيت مساعدة من شقيقي في الخارج، استعنت بها لتوفير الطعام والشراب في رمضان وشراء ثياب وحلوى العيد، الحمد لله هذا العيد أفضل من غيره”.

وتتنوع ليالي رمضان في صيدا وخاصة في العشر الأواخر بين فرق إنشادية تراثية تجول في الساحة ومحلات الحلوى والمقاهي وبين حمام تراثي يتحول إلى مركز ثقافي بامتياز.
ولا يفوت الزائر لصيدا مشاهدة الزينة في الشوارع والمحال التجارية التي فتحت أبوابها في العشر الأواخر لشهر الصيام لاستقبال المواطنين لشراء الحلويات وثياب العيد.

من جهتها أوضحت المتحدثة باسم مؤسسة شرقي المشرفة على “الحمام الجديد” دينا جرادي، أن الحمام العثماني في صيدا عمره أكثر من 300 عام عملت المؤسسة على إعادة افتتاحه من 3 سنوات ليستقطب الزوار من لبنان وخارجه خصوصا خلال العيد.
وتابعت أنه إضافة إلى جذب الزوار فإن “الحمام يستقطب المشاريع الفنية والموسيقية والمسرحية والثقافية على أنواعها”.
ورغم أن الحمام مفتوح على مدار العام لكن في رمضان نظمت المؤسسة 7 أمسيات متنوعة تتناسب مع شهر رمضان المبارك بعنوان “علو البيارق غنوا للعيد..”، حسب جرادي.
ولفتت إلى أن “الإقبال كان لافتا على جميع الأمسيات المستمرة حتى نهاية الشهر الحالي وحلول عيد الفطر ولم يكن فقط من صيدا بل كان من خارجها”.
وأوضحت أن “النشاطات التي حصلت وتحصل في رمضان تنوعت ما بين الموسيقى والكورال والمسرح والشعر والحكواتي ومعرض رسومات”.

حلويات رمضانية من التراث

Thumbnail

وتعد القطايف بالجبنة التي تشتهر بها مدينة صيدا من أهم الحلويات التي يأتي الزائرون لتذوقها من دكان “حلو يا سيفو” وسط ساحة باب السراي.
ويقول سيف الدين العبد (51 عاما) صاحب دكان حلويات، إن “هذه الحلوى مشهورة في صيدا وهي عبارة عن قطعة من القطايف محشوة بالجبنة توضع على النار وتغمس في القطر”.
ويرفع محمد قطعة من القطايف الموضوع على النار حيث يظهر الجبن بشكل خيطان وينادي “حلو يا سيفو” حيث يصطف الزبائن أمامه بالطوابير.
وأوضح أن “هذا الدكان عمره حوالي 300 سنة ورثه عن جده الذي كان يبيع القطايف وملبن العيد العثماني المحشو بالجوز وخاصة في رمضان وهو الموسم الذهبي”.
وعن الأجواء الرمضانية قال “هي ممتازة في صيدا.. الناس يأتون للسهر والسحور رغم أنها لم تكن مثل العام الماضي بسبب ارتفاع الأسعار وخاصة وقود السيارات مما يجعل البعض يفضل السهر في المنزل”.
ويزداد الإقبال على شراء الحلويات في شهر رمضان المبارك وعيديْ الفطر والأضحى، وتتحوّل محال بيعها في صيدا القديمة مقصداً على مدار الوقت ليل نهار.

فرق موسيقية تراثية تجوب الشوارع

ومنذ اليوم الأول لرمضان تجوب فرقة بالزي التراثي أحياء وساحة باب السراي حاملة معها الطبول والصنوج والدفوف، فيما ينشد جبل جوهر موشحات دينية وأغاني وزجلا لبنانيا.
ويقول قائد الفرقة جبل جوهر إن “زي الفرقة من الفولكلور التراثي لمدينة صيدا وهم بنشاطهم يهدفون لإحياء التراث القديم ليشاهده الزوار في الشارع والساحات والأمسيات الرمضانية التي ينظمونها”.
وأوضح أن “الفكرة أتت بعد أن كان لديهم برنامج يبث عبر إحدى القنوات المحلية ولقوا استحسانا لدى المواطنين فأرادوا أن ينفذوها على الأرض بعد توقف برنامجهم منذ سنوات”.
وقال “الناس يحبوننا لأننا نذكرهم بالتراث اللبناني من خلال اللباس والطربوش الأحمر والشروان والكوفية والشال”.
وأضاف “نحن نتواجد يوميا في باب السراي نقوم بجولات على المقاهي والمطاعم والشوارع نحمل الطبل والدف ونغني أغاني تراثية وننشد أناشيد دينية”.
جوهر لم يخف أن رمضان السنة الماضية أفضل من رمضان الحالي من ناحية الزائرين للمدينة الجنوبية قائلا “الأوضاع الاقتصادية أثرت بالطبع على الأجواء الرمضانية هذا العام”.
وتابع “لكن رغم الأوضاع السيئة الناس يريدون أن يفرحوا ويبتهجوا برمضان وقدوم العيد”.
وقال المواطن وائل القاضي إن “أجواء مدينة صيدا مميزة عن باقي المناطق ونأتي مع الأصدقاء والأهل كل ليلة إلى هنا لنسهر حتى الفجر”.
ووصف الأجواء بـ”الجيدة في صيدا حيث يتجمع الناس من جميع المناطق اللبنانية ومن مختلف الأديان مسلمين ومسيحيين ودروزا وهذا يعكس صورة صيدا الحقيقية في العيش المشترك”.

16