تنازلات عراقية لإتمام صفقة استثمارية ضخمة مع توتال

بغداد - خفف المسؤولون العراقيون من حدة شروطهم بشأن صفقة استثمارية ضخمة مع شركة توتال إنيرجيز الفرنسية أملا في تحقيق طموحات بغداد نحو تنمية قطاع النفط والغاز، بما يعزز إيراداتها في السنوات المقبلة.
وكشف مصدران لرويترز الثلاثاء أن بغداد توصلت إلى اتفاق مع توتال لامتلاك حصة 30 في المئة من مشروع الشركة، الذي تأجل طويلا في العراق وقيمته 27 مليار دولار.
وعكس تعثر الصفقة، حيث كانت بغداد تأمل في أن تعيد بها شركات الطاقة الكبرى إلى البلاد، تعقيدات المشهد السياسي الجاثم على دواليب الاقتصاد، رغم ما يبثه المسؤولون بين الفينة والأخرى من أن مناخ الأعمال بات مؤاتيا ويسير باتجاه الاستقرار.
وظلت حكومة محمد شياع السوداني لأشهر ترفض إلغاء قرار الحكومة السابقة بالمطالبة بنسبة 40 في المئة، حيث بررت موقفها بأنه سيُعد بمثابة تنازل عن حقوق العراق، في وقت تمسكت الشركة الفرنسية بموقفها حتى نجحت أخيرا في مسعاها.
وشهدت الصفقة خلال الأشهر الماضية جدلا سياسيا واقتصاديا كبيرا، حيث لم يُقدِم الطرفان على وضع خطوات عملية لتنفيذ المشاريع المقررة، وسط مخاوف من معوقات مالية قد تهدد تنفيذها، والتي تعوّل عليها بغداد لجني أرباح قد تصل إلى نحو 50 مليار دولار.
وبحسب الوزارة العراقية، فإن العائد الإجمالي من الأرباح خلال مدة العقد يصل إلى 95 مليار دولار، باحتساب سعر برميل النفط عند 50 دولارا.
وتم توقيع الاتفاق في عام 2021، وبموجبه تنفذ توتال أربعة مشاريع للنفط والغاز والطاقة المتجددة باستثمار مبدئي يبلغ عشرة مليارات دولار في جنوب العراق على مدى 25 عاما.
وكان من المقرر أن تستثمر شركة توتال مبدئيا 10 مليارات دولار في العراق، من خلال بدء تنفيذ الأعمال الهندسية لبعض المشروعات قبل نهاية 2021، إلا أنه لم يُبدأ في أيّ أعمال منذ توقيع الاتفاق.
لكنه واجه عدة انتكاسات وسط خلافات بين السياسيين العراقيين حول الشروط. وكان من بين العقبات الرئيسية طلب العراق حصة 40 في المئة في المشروع، بينما ترغب توتال في أن تكون لها حصة أغلبية.
وقال مصدر في القطاع، لم تذكر رويترز هويته، إن “الاتفاق على خفض الحصة إلى 30 في المئة تم بعد اجتماعات في بغداد خلال الأيام القليلة الماضية”.
وبينما لم تعلن توتال أو مكتب السوداني عن تفاصيل بشأن هذه الخطوة، غير أن مسؤولا كبيرا في وزارة النفط العراقية قال إنه “سيجري تفعيل الاتفاق في غضون أيام”.
وتتضمن المشاريع المزمعة مدّ خط الأنبوب البحري الذي ينقل ماء البحر إلى الحقول النفطية، بطاقة تصميمية قدرها حوالي 7.5 مليون برميل مياه يوميا، بهدف إدامة الإنتاج من الحقول النفطية.
ويتمثل المشروع الثاني في تطوير حقل أرطاوي بهدف زيادة الإنتاج من نحو 80 ألف برميل يوميا في الوقت الحالي إلى حوالي مئتي ألف برميل يوميا.
وإلى جانب ذلك إنشاء مجمّع غاز أرطاوي بسعة 600 مليون قدم مكعبة قياسية، بغرض استثمار حرق الغاز من حقول النفط.
أما المشروع الرابع فيتعلق بإنشاء مزرعة شمية لتوليد الطاقة الكهربائية بتكلفة إنتاج أقلّ من 45 في المئة من الإنتاج من المحطات الحالية، وبقدرة إجمالية تصل إلى ألف ميغاواط.
وما قد يعزز طموح العراق لتنفيذ هذه المشاريع هو مساعي شركة قطر للطاقة للاستحواذ على حصة فيها بالاتفاق مع توتال.
◙ العائد الإجمالي من الأرباح خلال مدة العقد يصل إلى 95 مليار دولار، باحتساب سعر برميل النفط عند 50 دولارا
وكان باسم عبدالكريم، رئيس شركة نفط البصرة العراقية، قد قال لرويترز في فبراير الماضي إنه يتوقع أن “تستحوذ قطر على حصة تتراوح بين 20 و25 في المئة في سلسلة مشروعات الطاقة التابعة لتوتال”.
ويقول محللون إن من شأن ضخ دولة خليجية استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة بالعراق أن يمثل مكسبا مهما للسوداني، الذي تولى منصبه في أكتوبر الماضي بعد اضطرابات سياسية على مدى أكثر من عام.
وسعت شركات نفط عملاقة، مثل إكسون موبيل وشل وبي.بي إلى تقليص عملياتها في العراق خلال السنوات الأخيرة، مما أسهم في ركود إنتاج النفط العراقي، لكن توتال حركت الأمل داخل العراقيين في إمكانية تنمية الموارد غير المستغلة.
وزادت الطاقة الإنتاجية للنفط في العراق إلى نحو 5 ملايين برميل يوميا من نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا في السنوات الأخيرة، حتى ضمن اتفاق تحالف “أوبك+”.
ولكن في وقت من الأوقات كانت هناك آمال في منافسة أكبر منتج، وهو السعودية، بإنتاج يبلغ 12 مليون برميل يوميا أو أكثر من 10 في المئة من الطلب العالمي.