الفوانيس والأهلة تزين رمضان في الولايات المتحدة

انتشرت العادات والتقاليد العربية والإسلامية مع انتشار العرب والمسلمين في مختلف أنحاء الأرض، فصارت المتاجر الأميركية تولي اهتماما بزينة رمضان وهدايا العيد بما يشبه أجواء الكريسماس عندهم، وهو ما زاد من بهجة المسلمين المهاجرين الذين يريدون من أبنائهم وحتى الجاليات الأخرى التعرف على تقاليد شهر الصيام وخصوصياته.
أوهايو (الولايات المتحدة) - زارت آية خليل أحد متاجر التجزئة التابعة لشركة تارغت مع ابنتها البالغة من العمر 3 سنوات. وكانت تريد أن ترى ما إذا كان الكتاب الذي ألّفته عن صبي مسلم موجودا في متجر تارغت المحلي في مدينة طليطلة التابعة لولاية أوهايو الأميركية.
وبثّ وجوده على إحدى الرفوف الفرحة فيها وفي ابنتها. وكانت تلك لحظة هائلة لخليل بصفتها مؤلفة وأُمّا، وقالت “لم يكن هذا يحدث عندما كنت صغيرة. هل تتغير الأمور حقا الآن؟”.
وأكّدت سعادتها لكون أطفالها سيتمتعون بتجربة توفّر كتب تعكس ثقافتهم مما سيُشعرهم بنوع من الانتماء.
وطرحت تارغت مجموعتها الأولى المخصصة لرمضان والعيد، بما في ذلك الفوانيس وأثاث التزيين على شكل هلال. وتُعتبر الشركة واحدة من أحدث تجار التجزئة الكبار في الولايات المتحدة الذين أصبحوا يلبون احتياجات المتسوقين المسلمين.
ورحّب العديد من المسلمين الأميركيين بهذا الاعتراف، مشيدين بتجار التجزئة الذين يسهلون عليهم جلب البهجة لعائلاتهم كغيرهم من المحتفلين بأعياد الأديان الأخرى.
وقال هاس بيضون الذي يعيش في ديربورن هايتس بولاية ميشيغان إن “المتاجر وفّرت حاجيات الاحتفال بعيد الفصح وعيد الميلاد لعدة قرون، ويسعدني أن أراها تطرح اليوم سلعا رمضانية. نرحب بهذا الاعتراف بثقافتنا ومعتقداتنا”.
وعبّر آخرون عن امتنانهم على موقع تارغت على الإنترنت. وكتب أحد المتسوقين “شكرا جزيلا لكم على توفير ديكور رمضان”، وكتب آخر “نشعر بأنكم تروننا وتسمعوننا!”.
لكن البعض يناقشون توفّر ديكور رمضان لتشجيع التمثيل عبر متاجر التجزئة الكبرى في الولايات المتحدة، حيث يشكل المسلمون جزءا صغيرا ولكن متزايدا من السكان، مقابل دعم تجار مسلمين صغار يبيعون نفس الديكورات. ويحذر البعض الآخر من الإفراط في تسويق المناسبات الدينية.
ويعتبر رمضان شهر الصيام والعبادة والصدقة. وغالبا ما يكون فترة للتجمعات الاحتفالية. ويشارك البعض على وسائل التواصل الاجتماعي صورا لمنازلهم المزينة أو يتبادلون الأفكار حول صناعة ديكور رمضاني بأنفسهم حتى أصبح شهر الصيام يشبه “كريسماس” للمسلمين في الدول الغربية.
وتتوفّر مجموعة تارغت الجديدة لشهر رمضان والعيد عبر الإنترنت وفي المتاجر الموجودة في مناطق يعيش فيها العديد من المتسوقين المسلمين.
وقال بائع التجزئة، الذي لم يقدم أرقام مبيعاته، إنه تلقى تعليقات إيجابية من المتسوقين وإنه يهدف إلى تحقيق التنوع والتمثيل.
وطرحت متاجر بارتي سيتي المتخصصة في بيع لوازم الحفلات، مجموعات رمضان والعيد منذ 2018. وارتفعت كميات هذه المنتجات مع تزايد الطلب. وتتواجد الفوانيس والديكورات التي كُتب عليها “رمضان مبارك” في أكثر من 280 متجرا تابعا لها.
وقالت سوزان ساندرسون وهي نائبة الرئيس الأولى لتسويق العلامات التجارية في بارتي سيتي، إن الشركة تهدف “إلى توفير خيارات شاملة لجميع زبائنها، وخاصة الذين كان تمثيلهم ناقصا في قطاع البيع بالتجزئة”.
وقالت شركة وول مارت التي تعتبر أكبر متاجر التجزئة في البلاد، إنها انطلقت مؤخرا في بيع سلع شهر رمضان والعيد عبر الإنترنت فقط، وليس في المتاجر.
لكن هذا يبقى تغييرا عما كانت عليه عندما تلقت جمانة صديقي هدية عيد ملفوفة في ورقة تغليف هدايا عيد الميلاد في 2011. وقالت صديقي التي تعيش في فولرتون بولاية كاليفورنيا إنها لم تكن تر تجار التجزئة الأميركيين يطرحون مستلزمات شهر رمضان أو العيد. وحاولت إقناع مراكز التسوق والمتاجر بوضع لافتات تعترف بأعياد المسلمين دون جدوى.
ثم عملت مع سلسلة متاجر مايسيز في مجمع ساوث كوست بلازا التجار يبكوستا ميسا في كاليفورنيا من 2014 إلى 2016، حيث شاركت في تصميم لافتات رمضان. وقررت في 2018 بيع منتجاتها الخاصة في متجر مؤقت في مايسيز في وستمنستر بكاليفورنيا. وما زالت تكافح لإقناع كبار تجار التجزئة ببيع سلعها التي تشمل أطباق “بركات رمضان” وأوراق تغليف مناسبة لشهر رمضان والعيد.
وتؤكد أن على العديد من تجار التجزئة تجنّب الصور النمطية الثقافية في تعاملهم مع المسلمين الأميركيين المتنوعين عرقيا وثقافيا. وقالت إن “اعتماد الجمال والنخيل في تصميم ما لا يجذب المسلمين الإندونيسيين أو المسلمين المكسيكيين”.
وكتبت الخطّاطة فاطمة صديقي التي تعيش في منطقة مترو ديترويت على فيسبوك أن أعضاء المجتمع يجب أن يدعموا المشاريع الصغيرة المملوكة للمسلمين وسط إثارة تجار التجزئة الذين يبيعون زينة رمضان.
واختلفت الردود، فقال بعض المتسوقين إن دعم هذه الأعمال مهم، لكن الشراء من الشركات الوطنية الكبيرة يشجّع المزيد من التمثيل ويشعر الأطفال المسلمين بلذّة الاحتفال.
وجادل آخرون بأن المنتجات التي تقدمها العديد من الشركات الصغيرة كانت باهظة الثمن في الغالب، أو أن الوصول إلى بائعي التجزئة الكبار أسهل بالنسبة إليهم. واقترح آخرون الشراء من كليهما.
وقالت فاطمة “لماذا لا يشترك تجار التجزئة مع الشركات الصغيرة لعرض منتجاتهم المصنوعة يدويا؟”.
ونظمت سوقا رمضانيا في كانتون بميشيغان، حيث طرح البائعون سلعا تشمل لافتات وأكاليل زهور وأواني تقديم.
وقالت إن “ديكور رمضان يزيد من حماستنا ويساعد جيلنا الأصغر على الشعور بأنه مميز لتمتعه بعروض كتلك المتوفرة في عيد الميلاد والاحتفالات الأخرى غير الإسلامية”.
وقالت ياسمين باغ التي تعيش في جيرسي سيتي وتبيع بالونات في أشكال مثل المساجد والفوانيس، إن الديكور يمكن أن يثير محادثات تعليمية مع غير المسلمين. وترى فيها توعية للجيران وتغييرا لصور المسلمين المشوّهة التي عادة ما يشاهدونها على التلفزيون.
وتبقى باغ متشككة بشأن دخول كبار تجار التجزئة إلى فضاء رمضان والعيد، قالت “أشعر بالسعادة لكوني مسلمة، وبالقلق في ما يتعلّق بمصدر رزقي”.
ويقول بعض أصحاب الأنشطة التجارية الآخرين، إن هناك متسعا للجميع. وبينما يجادل بعض المسلمين بأن التركيز على الديكور وغيره من الأشياء المادية الأخرى يمكن أن يصرف الانتباه عن جوهر الشهر الروحي، يقول آخرون إن تحقيق التوازن ممكن وأن المنتجات تساعد الأطفال على الاحتفال.
وأولى تجار التجزئة الرئيسيون مزيدا من الاهتمام بالعملاء المسلمين. وتبيع مايسيز الملابس المحتشمة.
وتبيع ماركة ماتيل للأطفال منذ عام 2021 زيا للاحتفال بعيد الفطر يتضمن عباية بأكمام طويلة باللون الفيروزي لدمى “أميريكان غيرل”.
ويتبع احتضان المتسوقين المسلمين إستراتيجية أوسع لتواصل تجار التجزئة مع مختلف العملاء. ويعارض بعض المنتقدين هذه الجهود باعتبارها تكتيكا تسويقيا لزيادة الأرباح.
وقالت صبيحة أنصاري وهي المؤسسة المشاركة ونائبة رئيس اتحاد المستهلك الأميركي المسلم غير الربحي، إنها لا تمانع كون الهدف هو جني المال. فهي سعيدة بتبني الشركات للمنتجات التي تلبي احتياجات المسلمين. وقالت إن “الناس يريدون الاعتراف بهم”.
وقالت المؤلفة خليل إن كتابها هو للأطفال المسلمين أولا، ولكنه يصلح للبالغين الذين لم يروا أنفسهم في الكتب. ويحكي قصة زين الذي يساعد جدته القادمة من مصر في خبز البسكويت التقليدي المغطى بمسحوق السكر للعيد قبل أن يتقاسمه مع زملائه الذين يحبونه.
يُذكر أن خليل وُلدت في مصر، واختارت في رمضان هذا العام تزيين منزلها بالأنوار والفوانيس واللافتات، ومعظمها من التجار الصغار. وانشغل أطفالها بمجموعة تشكيلية يدوية اشترتها لهم من تارغت.
