ملف المهجرين في العراق يطفو على سطح المساومات

ميليشيا كتائب حزب الله العراقي: عودة المهجرين إلى ديارهم حلم إبليس بالجنة.
الاثنين 2023/04/03
إلى من ستؤول الكلمة الفصل

عاد ملف المهجرين والنازحين إلى صدارة المشهد العراقي، في ظل عملية شد حبال تجري بين تحالف السيادة وقوى في الإطار التنسيقي، حيث يسعى الأول لتحقيق اختراق في هذا الملف قبل انتخابات مجالس المحافظات.

بغداد – يخوض تحالف السيادة السني جهودا من أجل فك عقدة الآلاف من المهجرين من مدنهم قبل انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل، لكن هذه الجهود تصطدم بفيتو من قبل الميليشيات الشيعية المسلحة التي تستولي على تلك المناطق.

ويوجد حوالي نصف مليون عراقي ممنوعين من العودة إلى بلداتهم ومدنهم منذ أن جرى تهجيرهم منها في العام 2014، في خضم الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان احتل حينها مناطق واسعة في العراق.

ومن أبرز المناطق المعنية مدينة جرف الصخر وجزء من العويسات، وذراع دجلة، والثرثار ومجمع الفوسفات في محافظة الأنبار غرب العراق، وبلدات في محافظة صلاح الدين وسط البلاد أبرزها العوجة، ويثرب، وعزيز بلد، والطوز، ومكحول، إلى جانب مناطق في شمال شرق محافظة ديالى، وأهمها المقدادية، وحوض العظيم، والسعدية.

باسم العوادي: ندعو رئاسة البرلمان والقوى السياسية إلى حسم الموازنة
باسم العوادي: ندعو رئاسة البرلمان والقوى السياسية إلى حسم الموازنة

وتحولت هذه المناطق إلى قواعد خاضعة لسيطرة عدد من الميليشيات الشيعية خلال السنوات الأخيرة وأهمها ميليشيا كتائب حزب الله العراقي وحركة النجباء ومنظمة بدر وعصائب أهل الحق، وترفض هذه الميليشيات إعادة أهالي هذه المناطق بحجة أنهم ينتمون أو لهم صلة بتنظيم داعش، الذي لا يزال ينشط في شكل خلايا في العراق، على الرغم من انتهاء المعركة ضد التنظيم الجهادي في العام 2017.

وقد شكل ملف إعادة المهجرين والنازحين أحد المحاور الرئيسية التي توظفها قوى سنية مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، لكن دون أن تنجح هذه القوى في تحقيق أي اختراق حقيقي، الأمر الذي أفقد هذه القوى مصداقيتها لدى ناخبيها.

ويرى مراقبون أن عودة بعض القوى السنية وفي مقدمتها تحالف السيادة الذي ينضوي داخله تحالف العزم بقيادة رجل الأعمال العراقي خميس الخنجر وحزب تقدم بزعامة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي للضغط في اتجاه إعادة المهجرين، لا يخلو من حسابات انتخابية، مشيرين إلى أن هناك عملية شد حبال تجري بين الطرفين لا يمكن التكهن بمآلاتها.

وجددت ميليشيا كتائب حزب الله العراقي ليل السبت، رفضها الانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها وتمنع سكانها من العودة إليها.

وأصدر المسؤول الأمني للميليشيا أبوعلي العسكري بيانا قال فيه إن عودة من وصفهم بـ”الإرهابيين” إلى “أي منطقة من مناطق البلاد ومنها عوجة مجزرة تكريت، آمرلي، بلد، أبوغريب، جرف الصخر، الكرمة، مناطق البو نمر، الجغايفة، سنجار، ومثيلاتها هي حلم عودة إبليس إلى الجنة”.

وأضاف العسكري في البيان أن “من بين النازحين من جرف الصخر من يصنفون بأنهم سفاحون وقتلة ومتورطون بجرائم كبرى وذووهم ومعاونوهم، ويبدو أن هؤلاء هم المقصودون بمحاولات الإعادة”.

وجاء موقف كتائب حزب الله العراقي ردا على تصريحات لرئيس تحالف السيادة طالب من خلالها الحكومة بالمضي في تنفيذ وعودها بإعادة النازحين وفتح المدن وتشريع تعديل قانون العفو العام، ليشمل المعتقلين الذين انتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب، أو وفقاً لنظام المخبر السري المعمول به في العراق.

ووفق تحالف السيادة فقد كان ملف المهجرين أحد النقاط الرئيسية التي جرى الاتفاق عليها مع الإطار التنسيقي الذي يمثل القوى الموالية لإيران، والتي تم بموجبها إنهاء الأزمة السياسية التي تفجرت على إثر الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر من العام 2021، واستمرت لعام.

قوى الإطار التنسيقي ترى بأنها في وضع مريح لاسيما بعد نجاحها في تمرير قانون الانتخابات المثير للجدل، وبالتالي هي ليست في حاجة إلى تقديم استرضاءات

وقد تعهد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالمضي قدما في تنفيذ الاتفاق وإنهاء معاناة الآلاف من العائلات العراقية، لكن هذه الوعود تجابه بفيتو ترفعه الميليشيات.

وتقول أوساط عراقية إن قوى الإطار التنسيقي ترى بأنها في وضع مريح لاسيما بعد نجاحها في تمرير قانون الانتخابات المثير للجدل، وبالتالي هي ليست في حاجة إلى تقديم استرضاءات، أو هدايا سياسية لتحالف السيادة قبيل استحقاق المحافظات.

وتشير الأوساط إلى أن تحالف السيادة السني ولاسيما الحلبوسي الذي يعاني من تدهور كبير في شعبيته داخل البيئة السنية يحاول اليوم تصعيد ضغوطه، وتوظيف بعض الأوراق لديه لدفع الطرف المقابل للالتزام بتعهداته ومن بين هذه الأوراق تمرير مشروع قانون الموازنة العامة التي تراهن عليها قوى الإطار التنسيقي من أجل ضمان استقرار نسبي لحكومة السوداني.

ويتحفظ الحلبوسي حتى الآن على عرض مشروع قانون الموازنة العامة والذي يعد الأضخم في تاريخ البلاد (يقدر بـ152 مليار دولار)، والذي قدمته حكومة السوداني قبل أسابيع، في ظل ضغوط من قوى الإطار ولاسيما من ائتلاف إدارة الدولة الذي يقوده نوري المالكي من أجل تسريع الخطوة.

ودعا الناطق باسم الحكومة باسم العوادي الأحد، رئاسة مجلس النواب والقوى السياسية إلى تكثيف جهودهم بحسم الموازنة.

وقال العوادي في بيان إنه “في الوقت الذي يستعد فيه مجلس النواب للشروع بمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية، التي يتطلع إليها شعبنا الكريم بفارغ الصبر، بما اشتملت عليه من مشاريع خدمية واستثمارية وغيرها، تجدد الحكومة ثقتها بممثلي الشعب ورئاسة المجلس وحسن تقديرهم للظروف التي يمر بها بلدنا وحاجته الماسّة إلى الإسراع في المصادقة على الموازنة؛ لتأخذ طريقها إلى التنفيذ، وتلبية ما تستطيع الحكومة تلبيته من أولوياتها، بأسرع وقت ممكن”.

وأوضح المتحدث باسم الحكومة أن “مجلس النواب الموقّر على علم بما تضمنته الموازنة من مشاريع تنموية وملفات كبيرة وأساسية، ذات بعد إستراتيجي، لذلك تدعو الحكومة السادة النوّاب ورئاسة مجلس النوّاب والقوى السياسية إلى تكثيف جهودهم بحسمها؛ لما يترتب على ذلك من تفاصيل لها مساس مباشر باحتياجات المواطنين”.

ويرى مراقبون أن هناك اليوم أشبه بعملية مساومة بين الحلبوسي وقوى الإطار التنسيقي، محذرين من أن الأمر قد يتجه نحو تفكك تحالف إدارة الدولة، لاسيما وأن بعض قوى الإطار ولاسيما الميليشيات المسلحة ترفض الإفراج عن عدد من الملفات ومنها ملف المهجرين.

وقال الباحث في الشأن السياسي العراقي مهند الجنابي إن أبوعلي العسكري (المسؤول الأمني لكتائب حزب الله) يعترف بوقوف الميليشيات أمام عودة النازحين إلى جرف الصخر والعوجة وبلد وآمرلي وسنجار وغيرها من المناطق. تغريدة العسكري فيها اعتراف آخر هو قرب انتزاع تحالف السيادة أحد أهم شروطه عند تشكيل الحكومة”.

وتساءل في تغريدة على حسابه في تويتر إن كان “رئيس الوزراء سيلتزم بما وعد به قبل نهاية أبريل الجاري؟”.

3