اتفاقيات أبراهام ستحقق السلام في الشرق الأوسط وليست صفقة بكين

انضمام السعودية لاتفاقيات أبراهام سيجلب سلامًا أكثر ديمومة.
الاثنين 2023/04/03
استجابة من غير المرجح أن تجلب السلام للشرق الأوسط

حققت الصين اختراقا نوعيا في الشرق الأوسط بتوسطها في التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإيران، لكنّ محللين يؤكدون أن هذه الصفقة لن تجلب السلام لمنطقة الشرق الأوسط، بل إن توسيع اتفاقيات أبراهام بانضمام الرياض إليها من شأنه أن يحقق سلاما أكثر ديمومة وعلى الولايات المتحدة العمل على ذلك.

واشنطن - في مارس الماضي اتفقت المملكة العربية السعودية وإيران على إعادة العلاقات الدبلوماسية في صفقة توسطت فيها الصين. وأثارت الصفقة مزيجًا من الاحتفال والذعر.

وبعد سبع سنوات من التجميد الدبلوماسي، يمكن أن يساعد ذوبان الجليد في العلاقات في تحقيق الاستقرار بالمنطقة التي عانت من عقود من الحرب الباردة بين البلدين، لكن الصفقة تسلط الضوء على صعود الصين المتزايد كوسيط قوي، مما جعل البعض ينتقد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن باعتبارها ضعيفة وغير منخرطة في عملية السلام بالشرق الأوسط.

وعلاوة على ذلك، قد تهدر الصفقة جهود إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وهي أولوية لصناع السياسة الأميركيين في المنطقة. لكن الحقيقة هي أن الاستعادة الدبلوماسية بين السعوديين والإيرانيين من غير المرجح أن تعيد تشكيل الخارطة الإستراتيجية للشرق الأوسط.

يجب الترحيب بأي جهد لتخفيف التوتر بين الرياض وطهران، لكن على واشنطن مواصلة جهودها لتوسيع اتفاقيات أبراهام

ويؤكد محللون أنه يجب على المسؤولين الأميركيين الترحيب بأي محاولة لتخفيف التوترات، لكن عليهم أيضًا المضي قدمًا في جهودهم لتوسيع اتفاقيات أبراهام.

وجربت المملكة العربية السعودية وإيران الانفراج في الماضي. وفي تسعينات القرن الماضي حاول البلدان تضميد جراحهما من خلال مختلف التبادلات الدبلوماسية والإيماءات بعد تصاعد التوترات خلال ثمانينات القرن العشرين.

وبدلاً من بكين، كانت واشنطن هي التي تقوم بالحث. وفي ذلك الوقت، ضعفت إيران بشدة بعد حرب استنزاف وحشية مع العراق وكانت السعودية، أيضًا، تأمل في تعزيز صورة الوحدة الإسلامية في الداخل وكان كلاهما سعيدًا أيضًا باحتواء صدام حسين بعد غزوه للكويت.

وفي عام 1991، استأنف البلدان العلاقات الدبلوماسية. وبعد سبع سنوات، في عام 1998، زار الرئيس الإيراني أكبر هاشمي رفسنجاني الرياض لمدة عشرة أيام وسط ضجة كبيرة. لكن الانفراج لم يدم طويلا، وبسبب استمرار إيران في تطوير برنامجها النووي وبسبب العنف الطائفي المتزايد في العراق، عادت الدول إلى مواقفها السابقة.

ويشير مراقبون إلى أنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن إيران ستوقف تقدمها نحو التسلح النووي كما لا يوجد سبب للاعتقاد بأن المملكة العربية السعودية ستجلس كمراقب هادئ. وقد يخفف الحوار والمشاركة الدبلوماسية من التوترات، لكنّ الدولتين عالقتان في معارضة إستراتيجية طالما ظلت إيران ملتزمة بأن تصبح قوة نووية.

وإذا كان هذا هو الحال، فإن تجديد العلاقات الدبلوماسية لا يشير إلى تغيير جدي في الخارطة الإستراتيجية الإقليمية، بل هو توقف مؤقت. ولدى كلا البلدين سبب للاستفادة من مثل هذا التوقف في الأعمال العدائية.

وكانت إيران يائسة للتخلص من العزلة الدبلوماسية منذ أن أصبح من الواضح قبل عام أن المحادثات النووية مع الولايات المتحدة لن تتقدم.

hh

وعلى الصعيد المحلي، لديها بعض الأعمال التي تقوم بها. وعلى مدى الأشهر السبعة الماضية تعاملت طهران مع الاحتجاجات التي عمّت أرجاء البلاد والتي تم تنشيطها مؤخرًا. وعلاوة على ذلك، تواجه البلاد أزمة اقتصادية متفاقمة وانهيار عملة.

ومع ذلك، فإن هذه الحوافز للمشاركة لا تغيّر تصميم رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط. ولا تزال إيران قوة تعديلية استفادت من الفوضى الإقليمية فهي تحافظ على فصائل متطرفة جيدة التسليح في لبنان واليمن وسوريا ولها نفوذ قوي في العراق.

وطالما ظل قادة إيران متمسكين بمهمة روح الله الخميني لنشر الثورة فإنهم سيعملون على توسيع رؤيتهم للحكومة الإسلامية، وبالتالي يتحدّون القوى المحافظة مثل المملكة العربية السعودية. لكن لا يوجد دليل على أن القادة الإيرانيين قد أطاحوا بالخمينية. وفي الواقع، يشير ردّهم العنيد على موجة الاحتجاجات الأخيرة إلى تصميم حازم.

الدبلوماسية بين السعودية وإيران ليست معادية لمصالح الولايات المتحدة ولا هي نذير حقبة جديدة من السلام في الشرق الأوسط

وإذا كانت السعودية وإيران لا تزالان في خضم منافسة على السلطة ولدت من الانقسام الأيديولوجي، فإن الأخبار الأخيرة عن التطبيع لا تتغير كثيرًا. ويرى محللون أنه يجب على الولايات المتحدة ألا تغير مسارها السابق: بناء كتلة إقليمية من القوى ذات العقلية المحافظة لاحتواء إيران وتعزيز السلام في المنطقة، وهذه الكتلة تعمل بالفعل لكن توطيدها يتطلب تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، أي التوسع الرسمي لاتفاقيات أبراهام.

وعلى الرغم من المخاوف من عكس ذلك، فإن أحلام نضوج اتفاقيات أبراهام ما زالت حية وبصحة جيدة. وفي أواخر فبراير، أعلنت عُمان أنها ستسمح لجميع رحلات الركاب بالوصول إلى مجالها الجوي، بما في ذلك الطائرات الإسرائيلية. وعلاوة على ذلك، قبل ساعات فقط من الإعلان عن الصفقة بين الرياض وطهران، تم الكشف عن تفاصيل حول ما يتطلّبه تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وتعرف الرياض أنها لا تستطيع الوثوق بطهران وتعلم أيضا أن إسرائيل لا تريد أكثر من تطبيع العلاقات وهي تعرف كذلك كيف تجذب انتباه الأميركيين.

ويفكر السعوديون علنًا في إحراز تقدم مع إسرائيل لكن ذلك رهن الالتزام بمبادرة السلام العربية. ويقول مراقبون إن السعوديين حذرون بما يكفي ليعرفوا أن إسرائيل لن تتجه نحو حل الدولتين، لكنهم قد يطلبون من إسرائيل أن تعمل على تهدئة التوترات في الضفة الغربية وتطويق الأصوات المتطرفة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

ويضيف هؤلاء أن الدبلوماسية بين السعودية وإيران ليست معادية لمصالح الولايات المتحدة ولا هي نذير حقبة جديدة من السلام في الشرق الأوسط.

ويؤكدون على ضرورة ترحيب صانعي السياسة في الولايات المتحدة بأيّ جهد لتخفيف التوترات بين الدول. كما يجب أن تستمر في تقوية أسس التقارب بين السعودية وإسرائيل، فاتفاقيات أبراهام، وليست محادثات بكين، ما سيجلب سلامًا أكثر ديمومة في الشرق الأوسط.

6