رحّالة الإنترنت رواد لنمط حياة يجمع العمل بالمتعة

الرحالة الرقميون يرون أنفسهم كجزء من مجتمع دولي، ويتشاركون في النصائح والتجارب المتعلقة بأفضل الأماكن للعيش والعمل على الإنترنت.
الاثنين 2023/03/20
عطلة وعمل في كيب تاون

أصبحت أماكن العيش والعمل المشترك نمطا جديدا لمحبّي رحلات العمل الرقمي، وأصبح هذا المنهاج يلقى إقبالا في المدن التي ترتفع فيها كلفة المعيشة.

فالنسيا (إسبانيا) - من المعتقد أنه يراودنا جميعا حلم أن نزور الكثير من دول العالم، وتمضية عطلات نستمتع فيها بجمال الطبيعة، وفي نفس الوقت نمارس العمل للحصول على دخل جيد يعيننا على نفقات الحياة.

ولا يوجد موظف مكتبي لا يحلم بكتابة رسائل البريد الإلكتروني وهو جالس في استرخاء على مقعد هزاز، أو الرد على الاتصالات الهاتفية مستلقيا على الشاطئ متأملا زرقة السماء، أو حتى تراوده أمنية العمل من داخل مقهى، سواء كان المنظر الذي يواجهه لمحة من المحيط، أو مبان في المدينة أو جبال يكسو قممها الجليد.

هذه اللقطات تلخص إلى حد بعيد معالم حياة العمل المتنقلة من مكان إلى آخر التي تمارسها بالوسائل الرقمية كريستينا ليتنر وهي تجوب العالم طوال 11 عاما. فهي تقضي الشتاء الأوروبي في كيب تاون، في الطرف الجنوبي من أفريقيا، ثم تعود إلى موطنها النمسا للاستمتاع بموسم التزلج على الجليد لبضعة أسابيع، بينما تخطط لتمضية الفترة المتبقية من العام كما يحلو لها.

وتعمل ليتنر مترجمة لحسابها الخاص، كما تعمل صحافية تغطي شؤون السفر والسياحة، مما يجعلها دائمة التنقل من بلد إلى آخر، ففي يوم ما تستخدم جهاز اللابتوب الخاص بها داخل مساحة تخصص لها في مكان للعمل المشترك، وفي يوم آخر تعمل من داخل مطعم أو من حجرة فندق تحجزها من شركة “أيربنب”.

وحتى قبل تفشي جائحة كورونا، التي انتقل العمل فيها من المكاتب إلى المنازل، ساعدت سرعة شبكة الإنترنت على ظهور أسلوب جديد للعمل عن بعد يطلق على من يطبقونه اسم “الرحالة الرقميون”، وغالبا ما يكونون من الشباب الذين يمارسون العمل باستخدام المواقع الرقمية، وبالتالي لا يهتمون أن يعملوا من مكان ثابت بدولة بعينها، بل يتنقلون من دولة إلى أخرى فيجمعون بين العمل والسياحة، ومع ذلك ساعدت الجائحة على تحويل هذه الظاهرة الهامشية إلى اتجاه آخذ في الانتشار.

الرحالة الرقميون
الرحالة الرقميون

وهذا دفع الحكومات في كثير من الدول بشكل متزايد إلى عرض تأشيرات الدخول على الناس للسماح لهم بالعمل فيها على أسس مؤقتة، وقامت مؤخرا دول مثل ناميبيا والإكوادور وبليز وماليزيا وألبانيا بإصدار تأشيرات لاجتذاب الرحالة الرقميين. وفي أوروبا قلدت هذا الاتجاه مالطا وكرواتيا وجمهورية التشيك وإستونيا واليونان والمجر.

وتعد كيب تاون التي تتمتع بجاذبية أوروبية وطقس حوض البحر المتوسط “عاصمة للرحالة الرقميين” في أفريقيا، حيث تتيح بنية تحتية موثوقا بها، بما في ذلك شبكة إنترنت فائقة السرعة، إلى جانب الشواطئ والجبال ونوعية من الأطعمة عالية الجودة ورخيصة السعر. كما تعد نيروبي مقصدا آخرا في أفريقيا يلقى إقبالا، وهي أيضا نقطة بدء جيدة لفرص القيام برحلات السفاري في كينيا.

ويرى الرحالة الرقميون أنفسهم كجزء من مجتمع دولي، ويتشاركون في النصائح والتجارب المتعلقة بأفضل الأماكن للعيش والعمل على الإنترنت.

ومن ناحية أخرى تعد لندن واحدة من أشهر المقاصد في أوروبا بفضل استخدام اللغة الإنجليزية، ومشهدها الثقافي والترفيهي الجذاب، أما هواة الشواطئ فتجذبهم غالبا دبي أو منطقة شرق آسيا، وفقا لتحليل حول أهم المقاصد لأولئك الرحالة.

وفي أميركا اللاتينية، تهدف العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس إلى اجتذاب قرابة 22 ألفا من الرحالة الرقميين خلال عام 2023. ولكن لا ينبغي أن تكون هذه المقاصد بعيدة المنال، ويمكن للقادمين الجدد إلى نمط الحياة الرقمي الفضفاض أن يبدأوا بالجمع بين التزامات العمل وجمال العطلة.

حح

ويتضمن ذلك العمل في مكان مخصص لتمضية العطلات لمدة أسبوعين، الأمر الذي يمكن أن يساعد على دفع الإنتاجية. وفي مدينة فالنسيا الكائنة في المنطقة المشمسة من شرقي إسبانيا، يعمل موريتز الذي يبلغ من العمر 25 عاما، والقادم من مدينة رافنسبرغ الألمانية، لدى شركة أميركية لتصنيع الكمبيوترات والطابعات، واستأجر مساحة من شركة “كوتاون” للعمل والعيش المشترك، والتي تقدم أماكن للإقامة والعمل المكتبي لأشخاص من 30 دولة، وفقا لما تقوله مديرتها فانيسا إستبان.

وصارت أماكن العيش والعمل المشترك نمطا جديدا ظهر بشكل واسع نتيجة ظهور رحلات العمل الرقمي، وأصبح هذا المنهاج يلقى إقبالا في المدن التي ترتفع فيها كلفة المعيشة.

ويدرس البرلمان الإسباني حاليا إصدار تأشيرة دخول للبلاد للرحالة الرقميين تصل إلى خمسة أعوام، وفي البرتغال أيضا تسمح تأشيرة جديدة للأجانب بالعمل في البلاد لمدة عام واحد. كما تريد إيطاليا إصدار قانون لاجتذاب العمالة الماهرة المتعلمة جيدا، على أمل أن تستقر في البلاد.

18