الهجمات بالغاز تكشف حربا على المرأة الإيرانية

الهجمات البيولوجية تأتي في وقت تتحدى فيه النساء الإيرانيات النظام أكثر من أي وقت مضى.
الاثنين 2023/03/20
ترهيب ممنهج

طهران - في الأشهر القليلة الماضية أثرت الهجمات السامة على مئات الطالبات في المدارس الإيرانيات، مما دفع بعض الآباء إلى إخراج بناتهم من المدرسة خوفًا مما أطلق عليه البعض “الإرهاب البيولوجي”.

وبدأت هذه الهجمات في نوفمبر في محافظة قم، معقل التطرف الشيعي وموطن المعاهد الدينية الشيعية والمؤسسات الإسلامية في إيران. وتوسعت هذه الموجة من الهجمات بالغازات السامة لتشمل باقي أنحاء البلاد، لكن مع ثلاثين هجومًا على المدارس لا تزال مدينة قم شديدة المحافظة تتصدر قائمة المدن الأكثر استهدافًا.

وتتواصل التكهنات بشأن مرتكبي مثل هذه الهجمات، لكن عناصر النظام نفسه والجماعات المتطرفة التابعة له هم المشتبه بهم الرئيسيون.

وقالت بعض وسائل الإعلام المحلية إنه قد يكون من عمل المتعصبين الدينيين الذين يريدون منع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة. وتكهن آخرون ، بمن فيهم نائب الرئيس السابق محمد علي أبطحي، بأن حالات التسمم هي من عمل المتشددين الذين يريدون “نسخ” حركة طالبان في أفغانستان والجماعة الإسلامية المتشددة بوكو حرام في نيجيريا، التي حظرت تعليم النساء. وسأل أبطحي في منشور على إنستغرام “هل أتت بوكو حرام إلى إيران؟”.

◙ إسكات النساء ورجمهن واستعبادهن والانتقام منهن جزء لا يتجزأ من الكيانات الإسلامية المتطرفة التي تحتقر النساء فقط لكونهن نساء
◙ إسكات النساء ورجمهن واستعبادهن والانتقام منهن جزء لا يتجزأ من الكيانات الإسلامية المتطرفة التي تحتقر النساء فقط لكونهن نساء

وسلط العديد من مسؤولي النظام الضوء على الطبيعة المتعمدة لتسميم الطالبات في قم ومدن أخرى. واعترف نائب وزير التعليم الإيراني بأن هذه الهجمات “متعمدة”، كما اعترف المدعي العام الإيراني بأن تسميم الطلاب في مدينة قم قد يكون “عملاً إجرامياً متعمداً”.

ومع ذلك، كما هو الحال في جميع الحالات الأخرى عندما تسوء الأمور، ألقى كبار المسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم الرئيس إبراهيم رئيسي، باللوم على أعداء أجانب.

وتأتي هذه الهجمات البيولوجية المتعمدة حسب التقارير في وقت حرج؛ فقد واجه النظام في إيران تحديًا بوفاة مهسا أميني خلال توقيفها من قبل “شرطة الأخلاق” الإيرانية في 16 سبتمبر 2022 بدعوى عدم تقيدها بقواعد اللباس، مما أثار احتجاجات كبيرة في جميع أنحاء البلاد. وبالتالي يبدو أن النظام الإيراني ينتقم من هذه الحركة التي تقودها النساء من خلال الاستهداف العشوائي لطالبات المدارس.

وكدولة ذات أغلبية شيعية اعتادت إيران على العداء الطائفي للجماعات المتطرفة مثل القاعدة. ومع ذلك شكلت طهران من حين إلى آخر تحالفًا مناهضًا للولايات المتحدة مع المنظمات الإرهابية السنية، وتستضيف قادتها وتزودهم بالدعم اللوجستي والمالي.

وصرحت وزارة الخارجية الأميركية في فبراير الماضي بأن سعيد العدل (مصري مقيم في إيران) أصبح زعيم القاعدة بعد مقتل أيمن الظواهري في يوليو 2022. وبالإضافة إلى ذلك قال الممثل الأميركي الخاص السابق للمصالحة في أفغانستان زلماي خليل زاد مؤخرًا إن إيران أصبحت مركزًا جديدًا للقاعدة.

وإلى جانب استضافة وتمويل وتسليح المتطرفين السنة تتنافس إيران أيضًا مع هذه الجماعات لجعل نسختها الشيعية من الإسلام علامة أكثر تزمتًا ووحشية وكراهية للنساء. وما تفعله إيران بطالباتها يذكرنا بأعمال المنظمات الإرهابية مثل طالبان وداعش وبوكو حرام والقاعدة التي تعارض تعليم المرأة.

ويتنافس المتعصبون الشيعة في إيران مع خصومهم السنة بينما يتخوف الملالي في طهران كثيرا من الحركة النسائية التقدمية التي تبنت شعار “المرأة، الحياة، الحرية”، وهي ثلاثة مكونات تتعارض مع المبادئ التأسيسية لهذا النظام الديني. وبالتالي فإن الحكومة مصرة على قمع وردع نشاط النساء في إيران، حتى عن طريق تسميمهن.

ويعد إسكات النساء ورجمهن واستعبادهن والانتقام منهن جزءًا لا يتجزأ من الكيانات الإسلامية المتطرفة التي تحتقر النساء فقط لكونهن نساء، خاصة إذا كانت هؤلاء النساء -مثل الفتيات الشجاعات في إيران- يسعين للتحرر من الاستبداد الديني وكراهية الإسلاميين للمرأة وقانون الشريعة اللاإنسانية.

وبينما تخاطر النساء في إيران بحياتهن ويقاتلن من أجل تحرّرهن وكرامتهن يجب على العالم الديمقراطي الذي تقوده الولايات المتحدة اتخاذ تدابير لضمان الوقوف إلى جانب النساء الساعيات إلى الحرية في إيران، وليس النظام. وتحتاج إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى استراتيجية فعالة وقسرية لمعالجة ملف إيران النووي وملف حقوق الإنسان. ولا يمكن أن تظل غير مبالية بتهديد إيران بالانتشار النووي وانتهاكات حقوق الإنسان.

◙ لدعم النساء الإيرانيات يجب على الدبلوماسيين الغربيين التوقف عن الامتثال للقوانين التمييزية والعضلية عند السفر إلى إيران

ويجب على واشنطن أن تتصرف بسرعة لأن النظام الإيراني قام بتخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء 84 في المئة، ليصبح أقرب من أي وقت مضى إلى المواد المستخدمة في صنع الأسلحة النووية.

وفي الوقت نفسه تسعى طهران للحصول على أنظمة دفاع جوي متطورة من طراز أس 400 من روسيا، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الضربة الجوية الإسرائيلية المحتملة على المنشآت النووية الإيرانية أكثر صعوبة.

ويجب أن يكون العالم الحر أيضًا قادرًا على الموافقة على أن الحجاب الإلزامي يتعارض مع حقوق المرأة. وعلى عكس ما يقوله النظام الإيراني وغيره من الإسلاميين الراديكاليين، فإن الحجاب الإلزامي ليس جزءًا من التقاليد الوطنية في إيران أو في أي مكان آخر في العالم الإسلامي.

والحجاب الإجباري علامة على خضوع المرأة واستعبادها. هذا هو أحد الأسباب التي جعلت النساء الإيرانيات يحرقن الحجاب بشكل رمزي خلال الاحتجاجات.

ولدعم النساء الإيرانيات يجب على الدبلوماسيين الغربيين التوقف عن الامتثال لهذا القانون التمييزي والعضلي عند السفر إلى إيران. وفي الآونة الأخيرة غضب الإيرانيون من قرار السفير السويسري بارتداء حجاب أسود طويل خلال زيارة أحد المزارات في قم، المدينة الأكثر تضررا من الهجمات السامة ضد الفتيات والنساء.

وبالنسبة إلى الولايات المتحدة فإن وضع إستراتيجية شاملة لاستهداف منتهكي حقوق الإنسان أمر لا غنى عنه. ويجب أن يكون تحديد الأشخاص الإيرانيين المسؤولين عن الحرب البيولوجية ضد النساء والمتورطين في تسميم وقتل وإيذاء وتشويه سمعة وإخضاع النساء في إيران أولوية.

ويمكن لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية القيام بعمل أفضل في فرض المزيد من العقوبات وإدراج الأفراد والكيانات الإيرانية المرتبطة بانتهاكات حقوق المرأة في قائمة المحظورين.

6