اجتماع شرم الشيخ: وجه آخر للخلاف بين الفصائل الفلسطينية وعباس

رام الله / غزة - قوبل الاجتماع الخماسي المقرر الأحد في مدينة شرم الشيخ المصرية بحضور ممثلين عن إسرائيل والسلطة الفلسطينية بانتقادات واسعة من فصائل فلسطينية تطالب الرئيس محمود عباس بمقاطعته. لكن الأخير يتمسك بالمشاركة حتى لا يزيد من توتير علاقته مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وطالبت ثلاثة فصائل في منظمة التحرير عباس بوقف المشاركة الفلسطينية في اجتماع شرم الشيخ الأمني بوصفه “مسارا بالغ الخطورة على القضية الفلسطينية”.
ويقول مراقبون إن الرئيس الفلسطيني يجد نفسه في ورطة حقيقية هذه المرة، فهو من ناحية يفتح قنوات التواصل مع الفصائل ويحثها على التصعيد ليفهم الإسرائيليون حجمه ودوره في السابق الذي يقوم على منع التصعيد، ومن ناحية ثانية يريد الحفاظ على قنوات التواصل مع إسرائيل، وهذا التناقض جعله يخسر وضعه الاعتباري لدى الطرفين أكثر مما كسبه من هذه المناورة.
ازدواجية عباس جعلته في صف التصعيد الذي تخوضه الفصائل وفي نفس الوقت يريد استمرار التواصل مع إسرائيل
وقالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفلسطيني والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) في بيان مشترك إن المشاركة الفلسطينية في اجتماع شرم الشيخ “لم تكن نتيجة أيّ قرار نظامي في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير”.
وأضافت أن النتائج المترتبة على هذا الاجتماع “غير ملزمة لنا”، مشيرة إلى أنه “منفصل عن جوهر القضية السياسية للشعب الفلسطيني ويزيد من عوامل الانقسام والضعف في مواجهة المخاطر القائمة”.
من جهتها، دعت “حركة المبادرة الوطنية” الفلسطينية السبت إلى “إلغاء اجتماع شرم الشيخ”، مطالبةً “السلطة (الفلسطينية) بعدم المشاركة فيه”.
وقالت المبادرة في بيان لها إنّ “هناك ما يكفي من الأسباب لرفض المشاركة في هذا الاجتماع، وأولها عدم السماح لحكومة الاحتلال باستغلاله للتغطية على جرائمها، وثانيًا: أنّ هذه الحكومة تنكّرت لبيان العقبة قبل أن يجف حبره، وارتكبت مجزرة حوّارة وبعد ذلك مجزرة جنين، وستُكرّر سلوكها بالتأكيد إن عُقد اجتماع شرم الشيخ”.
وأضافت المبادرة “وثالثًا أنها ترفض أيّ تجميد للنشاط الاستيطاني الذي صعّدته بشكل خطير بقرارها بناء 13 مستعمرة جديدة وعشرة آلاف وحدة استيطانية وتواصل اعتداءاتها ومجازرها الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني”.
وكانت حركة حماس أعربت عن استهجانها من إعلان السلطة الفلسطينية عزمها المشاركة في اجتماع شرم الشيخ “في استهتار بدماء شعبنا الفلسطيني المستباح على يد جيش الاحتلال ومستوطنيه”.
وقال الناطق باسم حماس حازم قاسم، خلال اعتصام نظمته الحركة في جنوب قطاع غزة، “ندين قبول السلطة الفلسطينية المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ في ظل تواصل الجرائم بحق شعبنا”.
واعتبر قاسم أن “اجتماع شرم الشيخ يهدف إلى محاربة المقاومة الفلسطينية، لكنه سيفشل في ذلك والمقاومة قادرة على تخطي كل العقبات وتتحول إلى ثورة عارمة في كل المدن الفلسطينية”.
ودعا قاسم السلطة الفلسطينية إلى العدول عن قرارها في المشاركة في اجتماع شرم الشيخ “الذي لا يخدم إلا أجندة الاحتلال في تعزيز سطوته وسيطرته على أرضنا”.
وفي السياق ذاته قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش إن اجتماع شرم الشيخ “محاولة أميركية لفك العزلة عن حكومة إسرائيل، ومشاركة السلطة فيه تشكل طوق نجاة لحكومة اليمين المجرم في تل أبيب”.
واعتبر البطش ، في تصريحات للصحافيين في غزة، أن مشاركة السلطة الفلسطينية في اجتماع شرم الشيخ “إمعان في التجاهل غير المقبول للإرادة الشعبية وتجاوز لقرارات الإجماع الوطني”.
وندد مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في قطاع غزة محمود الراس بإعلان السلطة مشاركتها في اجتماع شرم الشيخ “بما يقدم خدمة مجانية لحكومة إسرائيل اليمينية”، معتبرا أن “هذا السلوك المرفوض من الشعب الفلسطيني والمدان وطنيا يؤسس لانقسامات فلسطينية جديدة وعميقة”.
لكن السلطة الفلسطينية المشغولة بوضعها الداخلي والتي تبحث عن “مصالحة” تعيد لها وضعها الاعتباري لدى إسرائيل ولدى الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين بمسار السلام رفضت الاستجابة لدعوات المقاطعة.
وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ السبت مشاركة الوفد الفلسطيني في اجتماع الأحد بشرم الشيخ، بحضور إقليمي ودولي.
وقال الشيخ ، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر إن المشاركة في الاجتماع تأتي “للدفاع عن حقوق شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال”.
وطالب الشيخ بـ”وقف هذا العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد أبناء شعبنا ووقف الإجراءات والسياسات كافة التي تستبيح دمه وأرضه وممتلكاته ومقدساته”.
ومن المقرر انعقاد اجتماع خماسي في مدينة شرم الشيخ الأحد يضم ممثلين من الولايات المتحدة ومصر والأردن إلى جانب السلطة الفلسطينية وإسرائيل، على غرار الاجتماع الذي عقد في مدينة العقبة الأردنية في 26 فبراير الماضي.
والأربعاء، التقى الشيخ في رام الله الممثل الأميركي الخاص للشؤون الفلسطينية هادي عمرو بحضور مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل أبوردينة تحضيرا للاجتماع الخماسي بمدينة شرم الشيخ المصرية.
وفي فبراير الماضي، انعقد اجتماع خماسي في مدينة العقبة جنوب الأردن ضم الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأردن ومصر.
وخلص الاجتماع إلى إعلان الجانبين التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم، وضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف.
كما اتفقا على وقف الإجراءات أحادية الجانب لأشهر محددة بما يشمل وقف الترويج للاستيطان، وعقد لقاء ثان في شرم الشيخ.
واتهم مسؤولون فلسطينيون إسرائيل بالتنصل من التفاهمات التي تم التوصل إليها في العقبة لاسيما وقف اقتحام المدن الفلسطينية.
وكانت قوات إسرائيلية خاصة قد قتلت الخميس أربعة فلسطينيين بينهم ناشطان من حركتي حماس والجهاد الإسلامي في جنين شمال الضفة الغربية. وبذلك يرتفع إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وشرق القدس إلى 88 منذ بداية العام الجاري.
ومنذ مطلع 2023 تصاعدت المواجهات في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وأسفرت عن مقتل 88 فلسطينيا، و14 إسرائيليا في عمليات متفرقة.