قيادة اتحاد الشغل في تونس: لا أحد يملك أحقية محاسبتنا سوى هياكلنا

متابعون يرون أن قيادة المنظمة الشغيلة بدأت تخشى فعليا من إمكانية فتح القضاء التونسي لملفها.
الثلاثاء 2023/03/14
تصريحات لا تخلو من مخاوف

تونس - تعكس تصريحات الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي وجود قلق لدى قيادة المنظمة النقابية حيال إمكانية أن تطالها يد المحاسبة، في ظل إصرار الرئيس التونسي قيس سعيد على فتح كل الملفات بدون استثناء.

وقال الطبوبي الخميس إن المنظمة ليست ضد المحاسبة ولا فوقها، ولكن للمنظمة هياكلها النقابية الرقابية الداخلية والخارجية التي تتولى ذلك.

وجاءت تصريحات الطبوبي خلال افتتاح أعمال الهيئة الإدارية للاتحاد بجزيرة قرقنة التابعة لمحافظة صفاقس.

واعتبر الأمين العام لاتحاد الشغل أن المنظمة منفتحة على “حوار بناء وشفاف فيه احترام بين الاتحاد والحكومة”، لافتا إلى أن المبادرة التي يعتزم طرحها ما تزال في مرحلة بلورة التصورات.

ناجي جلول: كل الأطراف بمن فيها اتحاد الشغل متخوّفة من فتح ملفات فساد
ناجي جلول: كل الأطراف بمن فيها اتحاد الشغل متخوّفة من فتح ملفات فساد

وبدا من تصريحات قيادة الاتحاد أنها ترنو إلى التهدئة مع السلطة السياسية بعد أن استنفدت جميع خطوات الضغط، من تنظيم إضرابات قطاعية واحتجاجات، ويرى متابعون أن قيادة المنظمة الشغيلة بدأت تخشى فعليا من إمكانية فتح القضاء التونسي لملفها، خصوصا مع تصاعد المطالبات الشعبية في هذا الخصوص.

ويشير المتابعون إلى أن حديث الطبوبي على أنه لا أحد يملك أحقية محاسبة قيادات أو أعضاء المنظمة سوى الهياكل التابعة لها، يعكس في جانب منه حالة من تضخم الأنا لدى هذه القيادة، التي تعتبر نفسها فوق القانون، أو المحاسبة، لكن حديثه أيضا لا يخلو في الآن ذاته من مخاوف.

وقال ناجي جلول رئيس الاتحاد الوطني التونسي ووزير التربية الأسبق إن “كل الأطراف بمن فيها اتحاد الشغل متخوفة من فتح ملفات فساد قد تطالها”.وشدد جلول في تصريحات لـ”العرب” على ألا أحد فوق المحاسبة القانونية، مشيرا إلى أن المنظمة الشغيلة ارتكبت أخطاء في العشرية الماضية، وعليها تحمل مسؤولياتها.

وسجل متابعون للمشهد التونسي تراجعا في حماسة اتحاد الشغل للمبادرة التي طرحها في أواخر العام الماضي، والتي أطلق عليها تسمية “مبادرة الإنقاذ”، بعد أن أعلن الرئيس سعيد صراحة رفضه لهذه المبادرة التي اعتبر أنها بلا معنى.

وكانت قيادة الاتحاد هددت في معرض إعلانها عن المبادرة الرئيس التونسي بالتصعيد، لكن موقف الأخير الحازم جعلها في ما يبدو تعيد النظر حيالها، على الأقل من حيث موعد إطلاقها ومضمونها.

وقال الطبوبي إن المبادرة لا تزال في مرحلة اللجان لبلورة التصورات، مضيفا “المبادرة ستكون متوازنة فيها من المعقولية والممكن لإخراج بلادنا من كل هذه التوترات.. لأنه لا أحد من الخارج بإمكانه إيجاد حلول لنا”.

حديث الطبوبي على أنه لا أحد يملك أحقية محاسبة قيادات أو أعضاء المنظمة سوى الهياكل التابعة لها، يعكس في جانب منه حالة من تضخم الأنا لدى هذه القيادة

وتابع “رؤيتنا يجب أن تكون تونسية – تونسية، لا يمكن أن تأتي إلا بتنقية المناخات وبعيدا عن خطاب الترهيب والتخوين والتخويف”. ومضى قائلا “شعب تونس لا يمكن أن يقبل أن يعيش في مناخات الترهيب والتخويف.. ولا يقبل إلا أن يعيش في مناخ الاستقرار والقبول بالرأي والرأي المخالف.. نلتقي على قاعدة الاختلاف لصياغة كل الخيارات”.

واعتبر جلول أن “مشكلة اتحاد الشغل أنه ما زال يمارس العمل النقابي المعروف عنه في ستينات القرن الماضي، وهو أكثر من نقابة وأقل من حزب سياسي، والتطورات الاقتصادية والاجتماعية تحتم عليه مراجعة طرق عمله”.

وأوضح أن “الاتحاد اليوم في مأزق، وهو يطالب الرئيس سعيد بالديمقراطية، في حين أنه لا يمارس الديمقراطية داخل هياكله، وقد فقد الكثير من مصداقيته في المسائل السياسية ويعاني من تجاذبات ومشاكل داخلية”.

ولفت وزير التربية الأسبق إلى أن “الاتحاد يعرف حقيقة إمكاناته التي لم تعد تسمح بمواجهة الرئيس، ويدرك جيّدا أنه سيخسر تلك المواجهة”.

ويخوض اتحاد الشغل سلسلة من التحركات الاحتجاجية أعلن عنها منذ مطلع فبراير الماضي تحت شعار الدفاع عن الحق النقابي ورفضا للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور بالبلاد، لكن مراقبين يرون أن تلك الإضرابات لا تخلو من خلفيات سياسية في علاقة بصراع نفوذ مع السلطة السياسية.

ونظم اتحاد الشغل الأسبوع الماضي مسيرة احتجاجية شابها جدل كبير في صفوف التونسيين، لاسيما في علاقة بتصريحات الأمين العام للمنظمة التي لم تخل من تدخل في شؤون القضاء التونسي وبدت منحازة لموقوفين تحوم حولهم شبهات فساد وتآمر على الدولة.

وقد حاول الطبوبي لاحقا تدارك تلك التصريحات التي لم تستفز فقط القوى الداعمة لمسار المحاسبة، بل وأيضا أعضاء ومنظوري المنظمة الشغيلة.

4