عواقب اجتماعية تواجهها عائلات مهاجرين مفقودين من غزة

المرصد الأورومتوسطي: هناك أشخاص ينفذون عمليات ابتزاز منظمة، ويستغلون حاجة الأهالي للاستيلاء على أموالهم.
الثلاثاء 2023/03/07
عواقب طويلة الأمد يواجهها ذوو المفقودين

غزة - كشف مرصد حقوقي عن عواقب اجتماعية واقتصادية ونفسية معقدة تواجهها عائلات مهاجرين مفقودين من قطاع غزة.

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه، إن زوجات المفقودين من المهاجرين وطالبي اللجوء الفلسطينيين الذين حاولوا الهجرة من غزة هن أكثر من يواجه العواقب لفقد المهاجرين، حتى بعد مرور سنوات على اختفاء أزواجهن.

ووثق المرصد في تقرير بعنوان “أعجز عن الحصول على لقب أرملة” العواقب طويلة الأمد التي يواجهها ذوو المفقودين في ظل حالة عدم اليقين المتعلقة بمصير أبنائهم.

وأظهر التقرير الذي استند إلى 50 مقابلة شخصية مع ذوي المفقودين من المهاجرين في القطاع استغلال أشخاص وعصابات لأزمة عائلات المفقودين وحاجتهم إلى الحصول على معلومات عنهم.

وأوضح أن هؤلاء يتواصلون معهم ويزعمون معرفة مصير الضحايا أو مشاهدتهم أو امتلاك معلومات تدل على مصيرهم، ويطلبون من تلك العائلات مبالغ مالية كبيرة لقاء ذلك.

وفي جميع الحالات التي وثقها المرصد الأورومتوسطي ثبت أن هؤلاء الأشخاص ينفذون عمليات ابتزاز منظمة، ويستغلون حاجة الأهالي للاستيلاء على أموالهم.

زوجات المفقودين من المهاجرين وطالبي اللجوء الفلسطينيين الذين حاولوا الهجرة من غزة هن أكثر من يواجه العواقب لفقد المهاجرين

وكشف التقرير عن أن النساء عادة ما يعانين بشكل مضاعف بحيث يعجزن عن الحصول على لقب “أرملة” أو “مطلقة” نتيجة لعدة اعتبارات مجتمعية واقتصادية وقانونية، وبالتالي يبقين حبيسات للوضع الراهن وتتوقف حياتهن كليا.

إلى جانب ذلك، تحجم العديد من عائلات المهاجرين وطالبي اللجوء المفقودين عن توزيع الميراث لاعتبارات مجتمعية.

وأكد المرصد أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ نحو 17 عاما يمثل السبب الرئيسي والدافع الأول للغالبية العظمى من حالات الهجرة وطلب اللجوء التي تم توثيقها، لمحاولة البحث عن حياة كريمة وآمنة خارج القطاع.

وخلص إلى أن الحد من المعاناة المركبة لذوي المفقودين ومعالجة حوادث الغرق تبدأ من معالجة المشكلة الأساسية لتلك الأزمة، أي من خلال إنهاء إسرائيل حصارها لقطاع غزة والسماح لسكانه بممارسة حقوقهم.

وطالب السلطة الفلسطينية والحكومة التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة باتخاذ جميع التدابير الممكنة لتخفيف الأعباء الاجتماعية والاقتصادية على عائلات المفقودين من المهاجرين وطالبي اللجوء، وتسهيل وتوحيد جميع الإجراءات القضائية المتعلقة بالمفقودين والضحايا وذويهم.

ويستمر الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزّة منذ 17 عاماً في التنكيل بأهالي هذا القطاع الذي يقطنه مليونا فلسطيني غالبيتهم من اللاجئين، ما يدفع أبناء القطاع إلى الهجرة بحثاً عن العمل والملاذ الآمن لحيواتهم من أجل تأمين مستقبلٍ كريم لهم، وبين الحين والآخر يُفجع أهالي القطاع بغرق مراكب الهجرة التي يستقلها أبناؤهم وأزواجهم ويُصبحون في عداد الموتى والمفقودين.

الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ نحو 17 عاما يمثل السبب الرئيسي والدافع الأول للغالبية العظمى من حالات الهجرة وطلب اللجوء

وتؤكد ميماس بكر زوجة المفقود محمود بكر أن سبب الهجرة هو الوضع الاقتصادي الصعب جداً، وتقول إن محمود كان يعمل على “بسطة”، وكانت البلدية تأتي لترفع “البسطات” بالقوة، ما يعني أن وضعهم صار صعبا جداً، “بعدها فكر محمود في الهجرة”.

ويتشارك في ذات الألم ديب بكر والد المفقود محمود الذي يؤكّد أنّ المهربين يعلمون تماماً أنّ ظروف الناس في غزة سيئة جداً ويتاجرون بهم، يصفهم بتجار الموت ويقول “إنهم يكتبون على الشبان سندات أمانة يضعون عليها السعر الذي يريدونه ويخبرونهم أنها تستحق السداد بعد الوصول إلى أوروبا ولكن لو مات الشخص أثناء عملية التهريب تصبح مهمة سداد المبلغ على أهل المتوفي”.

ويدرك أغلب شباب غزة أهوال الهجرة غير الشرعية لكنهم ما زالوا يبحثون عنها، وعادة ما يكون لها مسلكان، إما من خلال السفر إلى تركيا ومن ثم الهرب إلى اليونان أو عن طريق الوصول إلى ليبيا وركوب البحر حتى إيطاليا، لكن في الطريقين تكون النهاية في الغالب الغرق في البحر. وعادة ما تكلف رحلة الموت هذه نحو أربعة آلاف دولار، ما بين الخروج من غزة إلى القاهرة إلى وجهة السفر، ومن ثم دفع تكاليف التهريب إلى السماسرة.

وخلال عام 2022 تمكن أكثر من 74 ألف مواطن من السفر خارج قطاع غزة عبر معبر رفح، فيما عاد منهم 57 ألفاً فقط. وبقي خارج القطاع نحو 17 ألفاً (مسافرون قد لا يكونون من الساعين إلى الهجرة) بحسب بيانات الهيئة العامة للمعابر والحدود في وزارة الداخلية.

وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” فإن أكثر من 360 فلسطينياً من غزة لقوا مصرعهم أو فقدوا في البحر خلال العام الماضي أثناء محاولات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

ويقول مستشار وزارة الخارجية والمغتربين أحمد الديك “يلجأ كثير من الشبان في غزة إلى مغادرتها بغرض الهجرة إلى الدول الأوروبية أحياناً بطرق غير شرعية، هرباً من الأوضاع الاقتصادية المتردية في القطاع، ونتابع جميع هذه الرحلات لكن لا نستطيع إيقافها”.

ويضيف “معظم الرحلات تغرق في البحر، وهناك من يفقد أثره ربما يأكله السمك أو ينقله الموج لمكان بعيد، لقد ألقى البحر عدداً من الجثث خلال السنوات الماضية، وحاولنا إعادة الجثامين التي تأكدنا منها إلى غزة”.

وبحسب الديك فإن “عصابات الإتجار بالبشر تقف وراء رحلات الهجرة غير الشرعية هذه وتستغل شباب غزة وتتقاضى منهم أموالاً طائلة، لذلك يجب الامتناع عن أساليب الهجرة غير الشرعية وعدم الوقوع في مصيدة تجار الموت في البحار وعصابات الإتجار بالبشر وأعضائها حتى لا تتكرر هذه المأساة”.

15