العودة إلى المدارس.. كيف يتم التعامل مع الطلاب بعد زلزال تركيا

من المهم أن يكون المعلمون على دراية جيدة بالتجارب النفسية للأطفال الذين تعرضوا لزلازل في هذه الفترة.
الثلاثاء 2023/02/28
الأطفال بحاجة ماسة إلى الدعم الإنساني

إسطنبول - بدأ أطفال المناطق المتضررة من زلزال تركيا بالعودة إلى مدارسهم، وسط مخاوف من التأثير النفسي للصدمة عليهم، لاسيما من فقدوا أحد أو بعض أفراد أسرهم. وبدءا من العشرين من فبراير عاد الأطفال من المناطق المتضررة، الذين جرى نقلهم إلى مدارس لم تتأثر بالزلزال، إلى حياتهم التعليمية في 71 ولاية في جميع أنحاء تركيا.

ولضمان تكيف الأطفال المتضررين من الزلزال في مدارسهم الجديدة، وتلبية احتياجاتهم النفسية بشكل فعال، هناك بعض النقاط التي يجب مراعاتها خلال هذه المرحلة، وفق ما بينته عائشة بيلكه سلجوق أخصائية علم النفس التنموي وعضو هيئة التدريس بجامعة ميف التركية ومقرها إسطنبول، لاسيما أنه من المفترض أن توفر المدرسة بيئة مناسبة لتنمية المهارات الاجتماعية وتعزيز قيم المساعدة والتعاون وتطوير المهارات العاطفية كالتعبير عن المشاعر والتحكم والتعاطف ومهارات التواصل والتعبير عن الذات.

وفي السادس من فبراير، ضرب زلزال مزدوج جنوبي تركيا، الأول بقوة 7.7 درجة، والثاني 7.6 درجة، تبعتهما الآلاف من الهزات الارتدادية العنيفة، ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.

وقبل التخطيط لأي نقاش أو درس عن الزلازل في الفصول الدراسية، ينبغي على المدرسين مراعاة أنه قد يكون هناك في الفصول الدراسية طلاب فقدوا أقاربهم في الزلزال، حتى لو كانوا لا يعيشون في المناطق المتضررة.

التعامل مع موضوع الموت ينبغي أن يكون بقدر عال من الحذر والتقليل من احتمالات إثارة القلق بشكل خاص لدى الأطفال

ومن المفيد أيضا أن يدرك المدرسون أن تركيا خرجت للتو من جائحة كورونا، وأن أكثر من 100 ألف شخص فقدوا حياتهم بسبب الوباء في البلاد خلال ثلاث سنوات، ما يعني أن بعض التلاميذ قد يكونون قد فقدوا أحد أفراد أسرهم.

لذلك ينبغي التعامل مع موضوع الموت بقدر عال من الحذر والتقليل من احتمالات إثارة القلق بشكل خاص لدى الأطفال الذين عانوا من تجربة مؤلمة أو فقدوا أحدًا من الأحباء، وفي هذا يمكن تعزيز التواصل بين التلاميذ والمعلمين بشكل فوري.

وإذا كان في الفصل طالب جديد قادم من إحدى مناطق الزلزال، فمن الضروري التحدث مع عائلته بشأن مكان وكيفية تعرضه للزلزال، والحصول على معلومات عن طبيعة الطالب قبل وبعد الزلزال، وإجراء مقابلة مع الطفل.

فلكل أسرة تجربتها الخاصة مع الزلازل، مثل مدى تأثر المبنى الذي كانوا يعيشون فيه، والخسائر في المناطق المحيطة، كما أن وضع هذه الأسر واحتياجاتها تكون مختلفة عن بعضها البعض.

ويلعب المعلمون دورا حاسما في التعرف على احتياجات الأطفال، وتقديم التوجيه اللازم أثناء فترات الكوارث والحالات الطارئة، في الوقت الذي يكافح فيه الآباء جسديا أو اجتماعيا أو نفسيا أثناء محاولتهم تأسيس حياة جديدة.

لذلك من المهم أن يكون المعلمون على دراية جيدة بالتجارب النفسية للأطفال الذين تعرضوا لزلازل في هذه الفترة، ومعرفة المواقف الأكثر شيوعا التي لا تتطلب تدخلا من قبل أخصائيين والمواقف التي تتطلب الإحالة إلى طبيب نفسي.

وخلال اللقاءات بشأن الزلزال في الفصول الدراسية، من الممكن أن يشير المعلم إلى مرور البلاد بكارثة زلزال حزينة للغاية، دون إعطاء معلومات مفصلة بشأن ماهية الزلازل. كما يمكن توجيه أسئلة للطلاب عن مشاعرهم، لكن دون توجيه تلك المشاعر والأفكار، بل تشجيع الطلاب على الكتابة ومشاركة مشاعرهم وأفكارهم مع الآخرين، وترسيخ التعاطف الوجداني مع الضحايا.

حح

وفي هذه الحالة من المفيد عدم تكرار جميع المدرسين نفس الأسلوب، ويمكن ضمان ذلك من خلال تعزيز التواصل والتنسيق بين المعلمين في ما يخص الأنشطة المشتركة.

وينبغي عدم التسرع في إجراء تدريبات على التعامل مع الزلازل في المدارس، وفي حالة عرض مقطع فيديو أو صورة في الفصل الدراسي أثناء التدريب على الزلزال، يجب أن تكون فنية وتمثيلية وألا تحتوي على صور حقيقية للأنقاض.

وأثناء التخطيط لإجراء تدريبات على التعامل مع الزلازل، من الضروري جدا مراعاة الأطفال الذين عايشوا كارثة الزلازل من قبل، وربما ينبغي تنظيم تدريبات منفصلة لهؤلاء الأطفال.

وينبغي إبلاغ جميع العائلات أثناء التخطيط لتلك التدريبات، لأن هذا النوع من التدريبات يمكن أن يزيد من القلق ويؤثر على أنماط النوم لدى بعض الأطفال، رغم ضرورتها وأهميتها.

4.6

مليون طفل يعيشون في 10 مقاطعات ضربها الزلزال في تركيا، كما تأثر أكثر من 2.5 مليون طفل في سوريا

ومن المفيد أن يكون المعلمون على دراية بما يجب قوله أو عدم قوله، وفعله أو عدم فعله، أمام الطلاب والتلاميذ الذين فقدوا أحباءهم أو تعرضوا لكارثة الزلازل. كما يتعين على وحدة التوجيه في المدارس إجراء دورات تدريبية لتعريف جميع المعلمين في تركيا بالإسعافات الأولية النفسية.

وينبغي على المعلمين ألا يجعلوا الطفل الذي أتى إلى الفصل الدراسي من منطقة منكوبة بسبب الزلزال يشعر أنه في موضع الشفقة، بل التعامل معه كطفل أو مراهق في طور التغلب على تجربة صعبة.

كما يجب على المعلمين عدم استخدام مصطلحات من قبيل “ضحايا الكوارث” أو “ضحايا الزلزال” وعدم مخاطبة الطفل بمصطلحات من هذا القبيل، ذلك أن القلق والتوتر يؤثران على الانتباه والتركيز والتعلم.

وأخيرا، بإمكان المدارس خلال الأسابيع المقبلة تنظيم المزيد من هذه الأنشطة التي تعزز مسؤولية المجتمع تجاه الطلاب وتقييم الأنشطة لتطويرها وتقديم ما هو أفضل استعدادًا لمرحلة التعافي من آثار الكارثة.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” قد حذرت من أن الملايين من الأطفال بحاجة ماسة إلى الدعم الإنساني بعد أكثر من أسبوع من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا وأسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص.

الحصول على المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي بات مصدر قلق كبير

وفي حين أن العدد الدقيق للأطفال المتضررين لا يزال غير واضح، تشير التقديرات إلى أن 4.6 مليون طفل يعيشون في 10 مقاطعات ضربها الزلزال في تركيا، كما تأثر أكثر من 2.5 مليون طفل في سوريا.

وقالت كاثرين راسل المديرة التنفيذية ليونيسف “يواجه الأطفال والأسر في تركيا وسوريا مشقات لا يمكن تصورها في أعقاب هذه الزلازل المدمرة، يجب أن نبذل قصارى جهدنا لضمان حصول جميع الناجين من هذه الكارثة على الدعم المنقذ للحياة، بما في ذلك المياه المأمونة والصرف الصحي والتغذية والإمدادات الطبية الضرورية ودعم الصحة العقلية للأطفال، ليس فقط الآن، ولكن على المدى الطويل”.

وألحق الزلزال أضرارا واسعة النطاق بالمدارس وغيرها من البنى التحتية، كما بات الحصول على المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي مصدر قلق كبير، وذلك بالإضافة إلى الاحتياجات الصحية للسكان المتضررين.

وتعمل يونيسف على إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال والأسر حيث تولي أولوية قصوى لحماية الأطفال في تركيا وسوريا، بما في ذلك تحديد الأطفال غير المصحوبين بذويهم أو المنفصلين عنهم ولم شملهم بعائلاتهم، فضلا عن تقديم الدعم النفسي للأطفال الذين عانوا من صدمة الزلزال.

15