تبون يعيد إحياء نظرية المؤامرة مع إصراره على معاداة المغرب وإسبانيا

الرئيس الجزائري يبدي أسفه لتعليق العمل بمعاهدة الصداقة والتعاون مع إسبانيا ملمحا إلى مشروع خطة لوقف الحرب في أوكرانيا.
السبت 2023/02/25
ورقة المؤامرة للهروب من الأزمة الاقتصادية

الجزائر – عاد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى إحياء "نظرية المؤامرة" المفضلة لديه في خطابه الجمعة، معتبرا أن بلاده "مستهدفة من جميع الجوانب لأنها لا تقبل الانبطاح"، مبديا أسفه لتعليق العمل بمعاهدة الصداقة والتعاون مع إسبانيا، كما لمّح إلى وجود "مشروع خطة سلام" يمكن أن تطرحها بلاده لوقف الحرب في أوكرانيا.

ولا تنفك لغة المؤامرة تسيطر على خطاب تبون السياسي الموجه داخليا في محاولة للإلهاء شعبه عن الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، فيما يرى كثيرون أنها ورقة يستخدمها النظام الجزائري للتهرب من مسؤوليته الاقتصادية والاجتماعية.

فالرئيس الجزائري لا يتوانى في اتهام معارضيه والإعلام الغربي خصوصا الفرنسي بالسعي إلى محاولة زعزعة استقرار بلاده، رغم أنه تجاهل الحديث عن الأزمة الدبلوماسية الطارئة بين الجزائر وباريس، حيث أعلنت الجزائر، في الثامن من فبراير الجاري، استدعاء سفيرها السعيد موسي من باريس، وتسليم وزارة الخارجية الفرنسية مذكرة احتجاج رسمية على خلفية تدخل السلطات الفرنسية لإجلاء الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي من تونس، والتي وصلت إليها بطريقة غير قانونية عبر الحدود البرية قادمة من الجزائر، بحجة أنها تملك جواز سفر فرنسيا، بدلا من السماح بترحيلها إلى الجزائر لدواع قضائية.    

ولئن أعادت أزمة بوراوي العلاقات الجزائرية – الفرنسية إلى مربع التوتر، فإن تغيير مدريد موقفها بشأن النزاع في الصحراء المغربية، دفع النظام الجزائري في 8 يونيو 2022، إلى تعليق معاهدة الصداقة والتعاون المبرمة عام 2002 مع إسبانيا، قبل تقييد المعاملات التجارية معها وتجميد العمليات المصرفية، على خلفية إقدام مدريد على تغيير موقفها

ففي 18 مارس عدّلت إسبانيا بشكل جذري موقفها من قضية الصحراء المغربية الحساسة لتدعم علنا مقترح الحكم الذاتي المغربي، مثيرة بذلك غضب الجزائر، الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو الانفصالية.

والإجراءات التي اتخذت الجزائر انتقامية، لكن من المتوقع أن ترتد عليها سلبا في ظل إعلان الاتحاد الأوروبي دعمه لإسبانيا وتحذيره للجانب الجزائري من انتهاك. 

وذكر تبون، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية "أتأسف كثيرا على قطع العلاقات مع إسبانيا لأنهم أقدموا (الحكومة) على خطوة خاطئة".

وقال "علاقتنا بالشعب الاسباني طيبة جدا، والملك نحترمه كثيرا وهو يعرف ذلك".

وأضاف "بعض الدول الأوربية تعتقد بكل سذاجة أن الجزائر محمية خاصة، لكن الجزائر حرة، هي تدرك مثلا أن مصلحتها اليوم هي مع إيطاليا، لأن هذا البلد هو الوحيد الذي وقف معنا في أحلك الظروف التي عاشتها بلادنا في تسعينيات القرن الماضي".

وتابع "نحن لا ننسى أبدا من قدم لنا ذرة خير، كما لا ننسى دون أن ننتقم ممن فعل بنا شرا". في إشارة إلى المغرب حيث قررت الجزائر في العام 2021 عدم تمديد اتفاق لتصدير الغاز عبر خط أنابيب يمر عبر المغرب إلى إسبانيا يشكل تقريبا كل إمدادات الغاز المغربية.

كما هدّدت مدريد بفسخ العقد المبرم بينهما لتصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا إذا ما أعادت الدولة الأوروبية تصدير أي شحنة من هذا الغاز إلى طرف ثالث، في إشارة إلى المغرب.

وفي المقابل وسعت الجزائر تعاملها مع إيطاليا، حيث وقعت شركة سوناطراك الجزائرية، في 23 يناير الماضي، مع شركة إيني الإيطالية اتفاقية تعاون لإنجاز خط غالسي، ليس فقط لنقل الغاز الطبيعي بل أيضا الهيدروجين والأمونيا الزرقاء (المنتجة باستخدام الغاز الطبيعي) والخضراء (المنتجة باستخدام الطاقات النظيفة).

وتعد الجزائر الممون الرئيس لإيطاليا من الغاز بنسبة 40 في المائة من احتياجاتها، حيث رفعت الجزائر من إمداداتها من الغاز إلى روما إلى أكثر من 25 مليار متر مكعب مع نهاية سنة 2022.

وهاجم تبون، المنظمات غير الحكومية مشيرا بأن هناك كل 5 أو 10 سنوات محاولات لزعزعة استقرار الجزائر.

وأشار إلى أن أغلب هذه المنظمات تابعة لمخابرات دول تدافع عن أشخاص وصفهم بأنهم "عملاء"، ولا تتكلم على المجازر التي تحدث في فلسطين حيث يقتل الأبرياء بالرصاص الحي.

وتابع "إلى وقت قريب كان بعض المسؤولين في أوروبا يتكلمون أن الجزائر يجب أن تمر إلى مرحلة انتقالية لكي يسيرها الطابور الخامس التابع لهم".

وقال "الجزائر مستهدفة ولا زالت مستهدفة من جميع الجوانب لأنها لا تقبل الانبطاح وشعبها كذلك".

واستطرد "الجزائر ليست جنة لكن ليست بالجحيم، على أبنائها ان يثقوا في قدرة بلادهم التي تعتبر قوة سياسية واقتصادية، لها نفوذ في أفريقيا والعالم العربي وفي البحر الأبيض المتوسط".

وأضاف "عدوي الحالي هو عدم التنمية، ونستهدف بناء دولة اجتماعية التي نحن بصدد تجسيد مبادئها".

وانتقد تبون، من يسعون لـ" بيع الجزائر" للخارج، منوها إلى حق النقابات العمالية في الاحتجاج والاضراب لأنه حق مكفول دستوريا، بيد أنه شدد على ضرورة الاحتكام للقانون.

ولمّح تبون إلى وجود "مشروع خطة سلام" يمكن أن تطرحها بلاده لوقف الحرب في أوكرانيا، من دون الحديث عن أي تفاصيل، في الوقت الذي تقررت فيه إعادة فتح السفارة الجزائرية المغلقة في العاصمة الأوكرانية كييف.

ورفض تبون، الكشف عن تفاصيل "مشروع خطة سلام" يُعتقد أن الجزائر تحضّر لطرحها خلال زيارة الرئيس تبون المقررة إلى موسكو في مايو المقبل.

وقال "دبلوماسيتنا معروفة بالعمل في صمت، لا يمكننا الحديث عن ذلك الآن، سنتحدث عن الأمور عندما تنضج، لا أستطيع الحديث في الوقت الحالي عن أي تفاصيل لأنها أمور ما زالت قيد السرية".

وذكر الرئيس الجزائري: "لقد اتخذنا قرارا الخميس مع وزير الخارجية (رمطان لعمامرة)، على أساس أن تتم هذا الأسبوع إعادة فتح السفارة في كييف التي أغلقت قبل فترة لأسباب أمنية"، مشيرا إلى أن "بيانا سيصدر من وزارة الخارجية بشأن ذلك، وعلاقتنا عادية مع أوكرانيا".