فلسطيني يحول القنابل المسيلة للدموع إلى تحف

أكرم الوعرة يعتمد في المواد الخام على قنابل الغاز من أجل تحويلها بعد ذلك إلى قطع فنية.
الجمعة 2023/02/10
أدوات الموت تنبض بالحياة

تتمثل رسالة الفنان الإنسانية في إيجاد بارقة أمل في الحياة، تماما كما يفعل الفلسطيني أكرم الوعرة الذي يجمع قنابل الغاز المسيل للدموع ويحولها إلى إكسسوارات وقطع فنية يبيعها للسياح الأجانب في ورشته بمدينة بيت لحم.

بيت لحم (الأراضي الفلسطينية) - اعتاد الفلسطيني أكرم الوعرة جمع قنابل الغاز المسيل للدموع التي يطلقها الجيش الإسرائيلي ضد المتظاهرين الفلسطينيين في مخيم عايدة للاجئين في مدينة بيت لحم في الضفة الغربية، وتحويلها إلى إكسسوارات وقطع فنية يبيعها للسياح الأجانب.

يقول الوعرة إن كمية القنابل التي تسقط على المخيم بشكل مرعب دفعته إلى تبني فكرة إعادة تدويرها وتحويلها إلى قطع فنية، مشيرًا إلى أنه يختار قنابل الغاز بعناية نظرًا إلى اختلاف أنواعها، فمنها ما يصعب عليه تنظيفه والتحكم به، لهذا يختار نوعًا معينًا من هذه القنابل لسهولة تنظيفه وتفريغه من المواد السامة.

ويحتوي مشغله الصغير القريب من الجدار الفاصل الذي يمر أحد مقاطعه من المدخل الشمالي للمدينة على عشرات من التحف الفنية والإكسسوارات التي كانت في الأصل قنابل غاز.

ويقول “في أحد الأيام وجدت قنبلة غاز وأخذتها معي إلى المشغل، وفكرت أن أصنع منها شيئاً ما يجعلني أفرغ القهر الذي بداخلي من هذه القنابل التي يطلقونها على المخيم”.

ويضيف أن مرحلة تدوير قنبلة الغاز تحتاج إلى عملية شاقة حتى تصل إلى مرحلة إنتاجها فعليا، إذ يتم قصها ثم قطعها إلى قطع صغيرة، ومن أجل صقل قطعة النحاس اللاصقة في قنبلة الغاز من الأسفل يحتاج إلى عملية تخطيط ورسم للخروج بفكرة مميزة، ثم يتم تحويلها إلى سلاسل وأساور وإكسسوارات مختلفة، ثم ينتقل إلى تنظيف وتسهيل سطحها وتبسيطه قبل تلوينها وصبغها والرسم أو الكتابة عليها، ثم لصقها على قطع من خشب الزيتون لتصبح جاهزة للعرض.

e

ويعتمد أكرم الوعرة في المواد الخام على قنابل الغاز من مخيم عايدة ثم أصبح يجمعها في محافظات أخرى مثل الخليل ورام الله ومحيط القدس، من خلال السياح والأصدقاء الذين جمعوها وجلبوها إليه لتحويلها إلى قطع فنية.

ويحرص الوعرة على تنظيف القنابل بشكل كامل لتصبح “صحية وآمنة مئة في المئة على جسم وصحة الزبون الذي سيضع العقد أو السوار أو الأقراط”.

ويشير المهندس الذي حصل على شهادة الهندسة من العراق حيث عاش عشر سنوات، إلى الأثر الذي تركه تنظيف القنابل على يديه. وعُلقت في المشغل قطع فنية تحمل عبارات مثل “فلسطين” و”الحرية” و”السلام” وأخرى من أعمال رسام الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي وخريطة فلسطين.

ويقول الوعرة إن التركيز على الشعارات الفلسطينية هدفه أن يوصل إلى العالم “رسالة مفادها أن الشعب الفلسطيني حرّ وصامد في أرضه رغم كل شيء”.

وفي العام 1996 عاد الوعرة مع زوجته الكردية واستقر مع أسرته التي تضم ستة أبناء. ويتخذ الوعرة من إعادة تشكيل القنابل مصدر دخل له ولأسرته إذ يتراوح سعر القطعة الواحدة من القنابل المعاد تدويرها ما بين 10 و60 دولاراً.

ويشير الوعرة إلى الأثر الذي تتركه القطع التي يصنعها في نفوس السياح، إذ أن 90 في المئة من زبائنه من الدول الأوروبية و10 في المئة من العرب الذين يحملون جنسيات أجنبية.

ويقول “حتى بعد أن يسافروا، يرسلون أناساً آخرين، أو يطلبون قطعاً أخرى عبر واتساب أو الإيميل لأرسلها إليهم إلى بلدانهم”.

kk

وتستقطب مدينة بيت لحم الآلاف من السياح والحجاج الأجانب سنويا بمناسبة أعياد الميلاد لزيارة المدينة التي ذكر الإنجيل أن يسوع المسيح ولد فيها، وهي تقع في منطقة تشرف عليها السلطة الفلسطينية جنوب مدينة القدس في الضفة الغربية المحتلة ويسكنها نحو 30 ألف نسمة.

ويرافق الدليل السياحي مروان فرارجة السياح إلى مشغل الوعرة الذي أصبح مقصدًا سياحًيا هامًا، وطافت تحفه دول العالم حاملة رسالة المواطن الفلسطيني.

ويقول فرارجة إن المشغل “أهم المحطات التي أقصدها كلما وصل وفد سياحي”، مضيفا “أعتبر أن هذا المكان يمثل رسالة حقيقية تبيّن أننا شعب صامد وصابر ونؤمن بحقوقنا ولدينا أمل ومتشبثون بالحياة”.

ويفسر فرارجة عملية التدوير التي يقوم بها الوعرة بأنها “تحويل العنف إلى اللاعنف”، وتحويل أدوات الموت إلى فن وحياة.

Thumbnail
18