سعوديات ينقلن الحجاج في قطارات سريعة

السعودية تتيح للنساء تقلد وظائف جديدة لتعزيز نموها الاقتصادي.
الاثنين 2023/01/30
قطار التغيير انطلق

قلصت التدابير التي اتخذت خلال السنوات الأخيرة في السعودية التمييز بين الجنسين في مكان العمل وأتاحت للنساء تقلد وظائف جديدة من بينها قيادة القطارات السريعة.

جدة - تجلس السعودية ثراء علي على مقعد القيادة في قطار فائق السرعة ينقل الحجاج إلى مكة، مستفيدة من سعي المملكة المحافظة لتعزيز نموها الاقتصادي، إلى جانب توفير الوظائف لعدد متزايد من السعوديات اللواتي يُقبلن على سوق العمل.

ولم تحصل السعوديات على حق قيادة السيارات إلا عام 2018 فقط، وحتى وقت قصير كانت تجربة علي في القيادة مقتصرة على التنقل بسيارة أسرتها في مدينتها الساحلية جدة.

إلا أنها انضمت في العام الماضي إلى 28 ألف امرأة تقدمن لشغل 32 وظيفة لسائقات قطار الحرمين السريع الذي يقطع المسافة البالغة 450 كيلومتراً بين مكة والمدينة بسرعة تصل إلى 300 كيلومتر في الساعة.

وكانت معلمة اللغة الإنجليزية السابقة ضمن عدد قليل من المحظوظات اللواتي وقع عليهن الاختيار، وقد أنجزت رحلتها الأولى في الشهر الماضي.

وقالت ثراء “أول يوم عمل ودخول القطار ومقصورة القيادة كان أشبه بالحلم”. وتابعت “عندما تكون في المقصورة، ترى الأشياء تتجه نحوك بسرعة فائقة. انتابني قليلا شعور بالخوف والرهبة لكن الحمد لله مع الأيام والتدريب أصبحت واثقة بنفسي”.

وارتفعت نسبة السعوديات في سوق العمل بأكثر من الضعف منذ 2016، من 17 في المئة إلى 37 في المئة.

وتساهم هذه الأرقام الإحصائية في تعزيز الانطباع الذي تسعى السلطات السعودية لإعطائه عن كونها تعمل بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على تعزيز حقوق المرأة، ما أتاح لها الحصول على إشادة أخيرا في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

إلا أن نسب البطالة بين السعوديات لا تزال مرتفعة، إذ بلغت 20.5 في المئة العام الماضي، مقارنة بـ4.3 في المئة للرجال السعوديين.

وهذا الرقم، مثله مثل تدفق المتقدمات لشغل وظيفة قيادة القطارات السريعة، يسلط الضوء على مهمة ملحة تواجه صنّاع القرار في السعودية، وتتمثل في توفير وظائف لجميع السعوديات المهتمات بالمشاركة في اقتصاد يشهد تغيرات سريعة.

سعوديات يقتحمن مجالا كان حكرا على الرجال
سعوديات يقتحمن مجالا كان حكرا على الرجال

ويرى الخبير الاقتصادي السعودي مشعل الخويطر أن “التحدي تحوّل من تشجيع النساء على الانضمام إلى القوى العاملة، إلى توفير عدد كاف من الوظائف لتوظيف الآلاف من السعوديات اللواتي يدخلن سوق العمل”.

ودرجت السعوديات على العمل وتحقيق النجاح في مجالات عدة مثل التعليم والطب.

لكنّ التدابير التي اتخذت في السنوات الأخيرة وقلصت إلى حد ما التمييز بين الجنسين في مكان العمل وخففت القيود المفروضة على الملابس النسائية، أتاحت فرصًا جديدة.

ويشمل ذلك وظائف في قطاع الفنادق والمطاعم مثل النوادل وموظفي الاستقبال، وهي أعمال كان يهيمن عليها الأجانب في السابق، وهو ما شكّل تعزيزا لسياسة “السعودة” التي تتبناها الحكومة منذ سنوات طويلة وتزايدت وتيرتها أخيرا.

ورغم أن الأعراف الاجتماعية لا تواكب دائما التغيير بسرعة، تلاحظ السائقات الجديدات أن البعض بدأ يغير رأيه في تقلد المرأة السعودية وظائف كانت حكرا على الرجل.

وتروي السائقة رنيم عزوز أن إحدى الراكبات اعترفت لها في نهاية إحدى الرحلات إلى المدينة بأنها لم تكن تصدق أن في استطاعة النساء تولّي هذه المهمة إلا بعد أن رأت ذلك بأم عينها.

وبعد الوصول إلى وجهتها بسلام أكدت الراكبة لعزوز أنها أثبتت جدارتها، وأخبرتها بأنها لم “تشعر بأي فارق”.

ويقول نائب الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للسكك الحديد ريان الحربي إن السائقات “يتمتعن بكفاية عالية وأثبتن جدارتهن أثناء التدريب”.

ويرى أنّ “هذا دليل على أنّ لدى المرأة السعودية قدرة كاملة متى تم تمكينها لأداء المهام أسوة بالرجال”.

لكن هذا التغيير الكبير لم يقنع الجميع. فبالنسبة إلى موظف استقل القطار السريع إلى مطار جدة، على النساء ان يهتممْن بالأعمال المنزلية.

وترى الباحثة في معهد دراسات الخليج العربي في واشنطن سوزان سيكالي أن مثل هذه الآراء تمثل على الأرجح وجهة نظر الأقلية بين السعوديين.

18