آبي أحمد في الخرطوم وسيطا في الأزمة السودانية لإبرام اتفاق نهائي

الملفات الأمنية وقضايا الحدود على طاولة مباحثات رئيس مجلس السيادة السوداني ورئيس الوزراء الإثيوبي.
الخميس 2023/01/26
مبادرة إثيوبية متأخرة لجمع فرقاء السودان

الخرطوم – دخلت إثيوبيا على خط الوساطات في الشأن السوداني بعد وصول رئيس وزرائها آبي أحمد إلى الخرطوم الخميس، للقاء عدد من أطراف الأزمة السياسية.

واستقبل رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بمطار الخرطوم الدولي رئيس الوزراء الإثيوبي، وذلك عقب وصوله رفقة وفد إثيوبي رفيع المستوى، في زيارة رسمية تستغرق يوما واحدا، وفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

وذكرت الوكالة أن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي إلى البلاد "تأتي في إطار تعزيز التعاون والمصالح المشتركة بين البلدين".

وقال مجلس السيادة السوداني في بيان إن آبي أحمد يجري خلال زيارته مباحثات مع البرهان "بشأن سبل تعزيز وترقية العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دفع آفاق التعاون المشترك".

وأضاف المجلس أن آبي أحمد يلتقي خلال زيارته أيضا "عددا من القوى السياسية للاطلاع على تطورات الوضع السياسي الراهن بالسودان".

ويعيد التحرك الإثيوبي إلى الأذهان تحركات مماثلة قام بها آبي أحمد في العام 2019، كانت قد انتهت بتوقيع العسكر والمدنيين على إعلان سياسي ووثيقة دستورية حكمت البلاد، قبل أن ينقلب البرهان عليها في الخامس والعشرين من أكتوبر.

ومن المنتظر أن يلتقي رئيس الوزراء الإثيوبي خلال زيارته كلا من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، وتحالف الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية).

وتعد الكتلة الديمقراطية من أبرز الكتل الرافضة للاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر الماضي، ويسعى آبي أحمد وفقا لمصادر إعلامية للجمع بين التحالفين في اجتماعات مباشرة، لإنهاء الخلاف وإكمال ما تبقى من قضايا عالقة في الاتفاق النهائي.

وتأتي المبادرة بعد أيام على مقترح مصري لجمع فرقاء الأزمة السودانية في القاهرة، وهو المقترح الذي رفض تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير التعاطي معه، لأنه يعود بالعملية السياسية إلى نقطة الصفر ويجمع المقترح عناصر الثورة المضادة.

ويرى مراقبون أن هناك تصاعدا في الاهتمام بالشأن السوداني لقرب التوصل إلى اتفاق نهائي، مشيرين إلى أن تدخل إثيوبيا وقبله تدخل مصر يأتيان في سياق بحث البلدين عن مصالحهما، لكن الدولتين تأخرتا جدا بعد أن مضت اللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات بعيدا بعملية التسوية السياسية، وذلك بالتعاون مع اللجنة الثلاثية التي تتشكل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة "إيغاد".

ويعتقد مراقبون أن رئيس الوزراء الإثيوبي سيعمل على تأييد العملية الحالية والتقارب بين الأطراف الرئيسية، والحيلولة دون إشراك جهات ذات ارتباط بمصر، وربما أراد من الزيارة الاطمئنان أكثر على الترشيحات لرئيس الوزراء المقبل.

وكان وفد من قوى إعلان الحرية والتغيير قد التقى في زيارته لجوبا الرئيس سلفاكير ميارديت، وأبلغه بالخطوات التي تمت في العملية السياسية الهادفة إلى استرداد مسار الانتقال المدني الديمقراطي ووصولها إلى مرحلتها النهائية.

ونقل بيان من الحرية والتغيير عن سلفاكير ترحيبه بالتوقيع على الاتفاق الإطاري، مؤكدا دعمه الكامل للعملية السياسية، وواضعا خبرات وإمكانيات حكومة دولة جنوب السودان للمساهمة في استقرار السودان وتحقيق تطلعات شعبه.

وتستعد القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري والآلية الثلاثية المؤلفة من بعثة الأمم المتحدة في السودان ومنظمة إيغاد والاتحاد الأفريقي، لاستئناف النقاشات حول القضايا الملعقة في الاتفاق الإطاري بعقد مؤتمر خاص باتفاقية جوبا للسلام في الحادي والثلاثين من يناير الجاري.

وتواجه العملية السياسية رفضا من قبل حركات مسلحة وبعض تنسيقيات لجان المقاومة، علاوة على تنظيمات إسلامية موالية لنظام الرئيس المعزول عمر البشير.

وستركز مباحثات البرهان وآبي أحمد على نقاش عدد من الملفات الأمنية والحدود، فضلا عن أزمة سد النهضة الإثيوبي.

وجمعت مشاورات مماثلة في الخرطوم وأديس أبابا خلال شهر أكتوبر ونوفمبر الماضيين، رؤساء أجهزة المخابرات والاستخبارات في البلدين.

ونقل "سودان تربيون" عن مصادر دبلوماسية قولها إن البرهان وآبي أحمد سيكملان على طاولة المباحثات نقاشهما حول ملف الحدود الذي شرعا فيه على هامش "قمة منتدى تانا" خلال أكتوبر الماضي.

كما أكدت المصادر أنه ستتم مناقشة مستوى تنفيذ بعض التفاهمات التي تمت خلال لقاء البرهان وآبي في نيروبي والمتعلقة بالوضع الأمني على الحدود الشرقية للسودان، وتبادل المعلومات والتقارير الاستخباراتية بشأن النشاطات الإجرامية وتجارة السلاح والبشر.

وتشهد العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا تطورات مهمة بعد فترة من الخلافات الحدودية وانتشار الحيش السوداني في منطقة الفشقة عام 2021، لكن ملف سد النهضة لا يزال موضع خلاف بين البلدين.

وبينما تتجمد المفاوضات بين السودان ومصر وإثيوبيا حول سد النهضة، تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد، لضمان استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل، غير أن أديس أبابا ترفض ذلك، وتؤكد أن سدها الذي بدأت تشييده قبل نحو عقد لا يستهدف الإضرار بأحد.