الحصانات السياسية تعرقل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

البرلمان السابق امتنع عن رفع الحصانة عن نواب شغلوا مناصب وزارية، ما حال دون جلبهم واستجوابهم.
الأربعاء 2023/01/25
إجراء غير مسبوق

بيروت - ادعى المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار على أربعة قضاة بينهم النائب العام التمييزي، في إجراء غير مسبوق رفضته النيابة العامة التمييزية الثلاثاء، ما ينذر بأزمة قضائية وسط ضغوط سياسية عرقلت التحقيق منذ انطلاقه.

ورغم العشرات من الدعاوى التي طالبت بعزله وعلّقت تحقيقاته منذ أكثر من عام، استأنف القاضي  بيطار الإثنين تحقيقاته في الانفجار. وحدّد الثلاثاء مواعيد لاستجواب 13 شخصا مدعى عليهم، على أن تحصل في الفترة الممتدة بين السادس من فبراير والثاني والعشرين من الشهر ذاته، في إطار دعاوى حقّ عام “بجرائم القتل والإيذاء والإحراق والتخريب معطوفة جميعها على القصد الاحتمالي”، من دون تفاصيل محددة حول المآخذ على كل المدعى عليهم.

وجاء تحديد مواعيد الاستجواب غداة ادعائه على ثمانية أشخاص، بينهم النائب العام التمييزي غسان عويدات، إضافة إلى ثلاثة قضاة آخرين، في إجراء غير مسبوق في تاريخ لبنان، البلد الذي تسود فيه ثقافة الإفلات من العقاب منذ عقود وتعطل التدخلات السياسية عمل المؤسسات الدستورية والقضائية.

تعليق التحقيق والتدخّلات السياسية المتكرّرة يؤجّج غضب أهالي الضحايا ومنظمات حقوقية

وأوقع الانفجار في الرابع من أغسطس 2020 أكثر من 215 قتيلا و6500 جريح. ومنذ البداية، عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقا أنّ مسؤولين على مستويات عدّة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحرّكوا ساكنا.

وأوضح مصدر قضائي أن عويدات أشرف العام 2019 على تحقيقات أولية أجراها جهاز أمن الدولة حول وجود ثغرات في العنبر رقم 12 حيث كانت تخزّن شحنة نيترات الأمونيوم.

ومن بين الأشخاص الثمانية الذين ادعى عليهم إلى جانب القضاة، المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم الذي تربطه علاقة جيدة بالقوى السياسية خصوصا حزب الله، اللاعب السياسي والعسكري الأبرز في لبنان، ومدير جهاز أمن الدولة طوني صليبا المقرب من الرئيس السابق ميشال عون.

وكان بيطار ادّعى في صيف 2021 على رئيس الحكومة السابق حسّان دياب وطلب رفع الحصانة عن نواب آنذاك، بينهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، ووزير المالية السابق علي حسن خليل. كما طلب الإذن لاستجواب إبراهيم وصليبا.

وامتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن نواب شغلوا مناصب وزارية، ما حال دون استجوابهم، وامتنع مسؤولون عن منح بيطار الإذن لاستجواب مسؤولين أمنيين تحت سلطتهم، وامتنعت قوى الأمن عن تنفيذ مذكرات توقيف.

oio

وكان التحقيق في الانفجار عُلّق في ديسمبر 2021 جراء دعاوى رفعها تباعا مُدّعى عليهم بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون، ضدّ بيطار. واصطدم المحقّق بتدخلات سياسية حالت دون المضي بمهمته، مع اعتراض قوى سياسية عدّة أبرزها حزب الله، على عمله واتهامه بـ”تسييس” الملف، وصولا إلى المطالبة بتنحّيه.

لكن بيطار أجرى مطالعة قانونية أعلن على أساسها قراره استئناف التحقيقات برغم الدعاوى المرفوعة ضده، ما أثار جدلا قانونيا وسياسيا واسعا.

وفي المواقف من استئناف التحقيق، قال المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل الإثنين لصحافيين “هذا الثوب القضائي الذي يفترض أن يكون أبيض اللون، للأسف تعرض للكثير من النقاط السوداء، أحدها ما جرى قضائيا في ملف المرفأ”.

ويؤجّج تعليق التحقيق والتدخّلات السياسية المتكرّرة غضب أهالي الضحايا ومنظمات حقوقية تطالب الأمم المتحدة بإرسال بعثة تقصي حقائق مستقلة.

2