طاقة الرياح المتجددة مكلفة ولا تقدم حلولا بيئية كبرى

استمرار انقطاع سلسلة التوريد وارتفاع كلفة توربينات الرياح يمنع الشركات من الاستثمار في هذا المجال.
الثلاثاء 2023/01/24
توربينات الرياح في حاجة إلى التحديث

لندن - تخطط شركة جنرال إلكتريك لإجراء تخفيضات كبيرة في الوظائف في عمليات طاقة الرياح في الولايات المتحدة وستنظر في أسواقها الأخرى حيث أصبحت مزارع الرياح تتطلب نفقات كبيرة في أعقاب جائحة كوفيد والغزو الروسي لأوكرانيا.

ويمنع استمرار انقطاع سلسلة التوريد وارتفاع كلفة توربينات الرياح الشركات من الاستثمار في هذا المجال، لأنها تبحث عن بدائل أقل كلفة.

ويُطرح سؤال منذ سنوات، هل أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية أكثر كلفة وأقل موثوقية؟

وتكرر انتقاد مصدري الطاقة المتجددة بسبب توفيرهما المتقطع للطاقة. وفي الآن نفسه، ومع استمرار ارتفاع أسعار الصلب والمواد الأخرى، برز أن تكاليف إدارة مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كانت أعلى مما كان متوقعا في السابق.

الشركات الكبرى في مجال طاقة الرياح تواجه ضغوط المواد الخام الباهظة وتكاليف الخدمات لبناء أطول توربينات

وكانت أسعار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تتناقص مع ظهور الابتكارات التكنولوجية، وذلك بفضل مبالغ ضخمة من الاستثمار في جميع أنحاء العالم في البحث والتطوير. ولكن سعر المكونات ارتفع مرارا وتكرارا في أعقاب الوباء الذي أضرّ بسلاسل التوريد العالمية. فهل يمكن أن تتوازن الكفاءة المحسنة لتكنولوجيا توربينات الرياح مع ارتفاع أسعار المواد؟

وأشارت التقارير هذا الشهر إلى أن جنرال إلكتريك ستسرح حوالي 20 في المئة من قُواها العاملة في مجال طاقة الرياح البرية في الولايات المتحدة، مع إخطار الموظفين في أميركا الشمالية وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا بالتغييرات التي تطرأ على الشركة. ومن المتوقع أن يتبع ذلك تقييم لأسواق طاقة الرياح في أوروبا وآسيا. وقد تلقى موظفو جنرال إلكتريك خطابا ينص على “أننا نتخذ إجراءات من أجل تحسين أعمالنا في مجال استغلال الرياح البرية وملاءمتها مع واقع السوق حتى نحتل موقعا يمكّننا من النجاح مستقبلا. هذه قرارات صعبة لا تعكس مدى تفاني موظفينا وعملهم الجاد، ولكنها ضرورية لضمان قدرة الشركة على المنافسة وتحسين الربحية بمرور الوقت”.

ووفقا لعدة مصادر، تخطط جنرال إلكتريك لإعادة هيكلة الأعمال وتغيير حجمها، مشيرة إلى ضعف الطلب وارتفاع التكاليف وتأخيرات سلسلة التزوّد باعتبارها هي التحديات الأساسية. وأكدت الشركة أنها تعمل على تحسين أعمالها في مجال الرياح البرية، لكنها لم تعلق على التسريحات في صفوف العاملين.

ويسلط هذا المثال الضوء على التحدي الأكبر، حيث كانت الشركات تواجه ارتفاع كلفة طاقة الرياح لأنها تضخ استثمارات أكبر في مصادر الطاقة المتجددة في محاولة التخفيض من انبعاثات الكربون. ولا يزال مصنعو توربينات الرياح الذين شهدوا ارتفاعا في الطلب في السنوات الأخيرة يكافحون من أجل جني الأرباح.

وتشعر الشركات الكبرى في مجال طاقة الرياح كذلك، مثل فيستاس ويند سيستمز وسيمنز غاميسا للطاقة المتجددة بضغوط المواد الخام الباهظة وتكاليف الخدمات اللوجستية أثناء تسابقها لبناء أطول توربينات. وقال الرئيس التنفيذي لمجلس طاقة الرياح العالمي بن باكويل إن ما يراه “هو فشل هائل في السوق”. وأضاف أن “الخطر هو أننا لسنا على المسار الصحيح للانبعاثات الصفرية الصافية. وتكمن المخاطر الأخرى في عقود سلسلة التزود وعدم التوسع”.

ويمكن أن يكون للابتعاد المحتمل عن طاقة الرياح عواقب وخيمة، فهي مصدر رئيسي للطاقة المتجددة غير المائية على مستوى العالم. ومن المتوقع أن تدعم طاقة الرياح بقوة التحول العالمي بعيدا عن الوقود الأحفوري إلى البدائل المتجددة. كما يمكن أن يتغير المشهد الجيوسياسي إذا حدّت شركات الطاقة في أميركا الشمالية وأوروبا من تمويلها لطاقة الرياح بينما ترفّع القوى الآسيوية، مثل الصين، استثماراتها في هذا المجال.

هل أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية أكثر كلفة وأقل موثوقية؟
هل أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية أكثر كلفة وأقل موثوقية؟

وفي وقت سابق من هذا العام، قال العديد من مصنعي التوربينات الغربيين إنهم يتنافسون على عدد أقل من المشاريع في عدد أقل من الأسواق، مع خطط لرفع الأسعار، وتبسيط تشكيلة منتجاتهم، وخفض تكاليف التصنيع للسعي لتحقيق الأرباح. ويأتي ذلك في وقت يتسم بإمكانيات كبيرة لمشاريع الطاقة المتجددة، حيث يواجه العالم ندرة في الوقود الأحفوري وارتفاع تكاليف الطاقة. لكن مصنعي توربينات الرياح عانوا من خسائر في عام 2022، مع ارتفاع تكاليف المواد والمنافسة الشديدة في السوق.

وأبلغت فيستاس ويند سيستمز وسيمنز غاميسا للطاقة المتجددة، اللتان تسيطران معا على حوالي 70 في المئة من السوق خارج الصين، عن خسائر في الربع الأول من سنة 2022. وقال الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز غاميسا يوخن إيكهولت إن “المنافسة كانت شرسة إلى حد ما. وكان هناك في الماضي عنصر أراد الناس فيه كسب حصة في السوق على حساب الربحية في كثير من الأحيان”. ورفعت الشركتان أسعارهما بنسبة من رقمين خلال العام الماضي، ورفضتا المشاريع منخفضة الأرباح، ووجهتا الأعمال إلى اتجاه آخر. وأيد إيكهولت التغيير الجريء في الإستراتيجية، لكن تناول الطلبات من شركة سيمنز بين يناير ومارس انخفض بنسبة 69 في المئة عن التقديرات.

وبدا أن مستقبل طاقة الرياح أمر مفروغ منه على مدى العقد الماضي، وخاصة بعد مؤتمر كوب 26. وكانت لشركات الطاقة والحكومات والمدافعين عن البيئة آمالٌ كبيرة في طاقة الرياح، حيث استمرت في النمو بشكل أكبر وأفضل من أي وقت مضى. لكن الآثار غير المباشرة للوباء وغزو أوكرانيا جعلت هذه التوقعات أقل تأكيدا، حيث تتصارع الشركات مع حقائق ارتفاع التكاليف وانخفاض الأرباح.

16