الدبيبة يكرس الدعاية الدينية للبقاء في منصبه

انتقادات واسعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها بعد رفعه الأذان في مسجد بمصراتة، واتهامه بممارسة الشعبوية لأغراض سياسية.
السبت 2023/01/21
مستعد لفعل أي شيء نظير استمراره في السلطة

طرابلس - أثار رفع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، أذان صلاة الجمعة بأحد مساجد مدينة "مصراتة"، موجة من الجدل والسخرية، بعدما اتهمه نشطاء ليبيون بممارسة الشعبوية والدعاية الدينية لأغراض سياسية لخصها البعض في تكريس البقاء في منصبه.

ووضع الدبيبة نفسه في موقف محرج فعلا، فلا صوته يصلح لرفع الأذان، ولا أداؤه أثبت أنه معتاد على تلك المهمة، ولا حضوره كشف عن موهبة كانت غائبة عن جماهير الشعب الليبي.

وقال الدبيبة عبر صفحته على فيسبوك إنه تشرف بحضور افتتاح مسجد "السكت" بمدينة مصراتة وإقامة أول صلاة جمعة فيه، بحضور أسرة مؤسس المسجد الحاج مصطفى أبودبوس الذي توفي قبل أيام من افتتاحه.

ووصف المترشح الرئاسي الليبي سليمان البيوضي، رفع الدبيبة أذان صلاة الجمعة، بأنه "شعبوية دينية ونفاق".

وأضاف في تدوينة على فيسبوك "خطوة الدبيبة بأن يؤذن لصلاة الجمعة، هل هي أمر طبيعي ( يمكن قبوله) أم شعبوية دينية ونفاق ( يحاول) من خلاله التغطية على سرقاته وبيعه للوهم أم بحث عن التريند؟".

وبدوره، انتقد الناشط السياسي والمترشح للانتخابات البرلمانية المرتقبة في ليبيا، مصطفى مصباح قدورة أذان الدبيبة لصلاة الجمعة ووصفه بأنه "ممثل بارع".

وقال قدورة، متهكما "لا تعرفه إن كان على نيته أو أنه داهية، فمرة ينظم حركة المرور، ومرة يوزع سفر الأكل في دار الرعاية، ومرة يلعب الكرة مع الصبية، واليوم (الجمعة) يرفع الأذان في جامع السكت في مصراتة بمناسبة إعادة صيانته".

وفي تعليقه على خطوة الدبيبة، قال الكاتب والصحافي محمد بعيو ”لو طلب منه وزير المعاصي أن يمشي عارياً ليصبح بلغة السوشيال ميديا (تريند) لفعل ذلك فوراً”.

وأضاف "فلا تستغربوا أن يتجرأ على الأذان وهو يجهل اللغة العربية وقراءة القرآن ولا يحفظ حتى سورة الفاتحة".

وتابع "العيب ليس فيه ولا في المرتشين الذين أوصلوه، العيب فينا نحن الجبناء الخانعون".

ومن جانبه اتهم فتحي الغزالي الدبيبة بممارسة الدعاية، من خلال ظهوره رافعا أذان صلاة الجمعة في أحد مساجد مصراتة الليبية.

وقال الغزالي، في تدوينة على فيسبوك، إن رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها يستخدم الدعاية بأنواعها إلى أن وصل لتوظيف ركن صلاة وأذان الجمعة لأغراض دعائية.

وليست هذه المرة الأولى التي يؤذن فيها الدبيبة للصلاة، فقد سبق أن أتى نفس السلوك في مارس الماضي لدى افتتاحه رفقة رئيس الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية مسجد أبورقيبة وسط العاصمة بعد استكمال صيانته وتجهيزه.

وتلك التصرفات ليست بمعزل عن المشهد العام لتحركات الدبيبة منذ أن وصل إلى الحكم، وبات هدفه أن يقيم فيه إلى ما لانهاية، بدعم أصحاب المصلحة من استمراريته، وهي جهات مستفيدة من بقاء الوضع على ما هو عليه.

وتعكس زيارة رئيس جهاز المخابرات التركية هاكان فيدان إلى ليبيا أن المجال الحيوي لمصر باتا منطقة حضور رئيسية لتركيا.

وتدعم القاهرة السلطات في الشرق (القيادة العامة للجيش والبرلمان وحكومة فتحي باشاغا) وتتحرك منذ فترة لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة بهدف إبعاد الدبيبة عن السلطة، الحليف الأول لأنقرة في ليبيا، حيث احتضنت خلال الأسبوع الماضي عدة لقاءات، بدأت باجتماع رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري، ثم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي وقائد الجيش الليبي وقبله لقاء بين المنفي وحفتر.

بينما تعكس التحركات التركية رغبة في تثبيت الدبيبة لسنوات أخرى في السلطة عن طريق إجراء انتخابات تشريعية فقط تنتهي بانتخاب الدبيبة رئيسا للبلاد أو إعادة تسميته رئيسا للحكومة، لإتمام مشاريع أنقرة واستثماراتها في البلاد.

وبعد كلمة الدبيبة بمسجد "السكت" شهدت مدينة ورشفانة (جنوب غرب طرابلس) تحشيدا عسكريا، عقب محاولة اغتيال قائد ميليشيا "السرية 3 مشاة"، في حادثة قد تزيد من التوتر بين المجموعات المسلحة ومن تفاقم الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار غرب ليبيا.

أعلن آمر "السرية 3 مشاة" ومقرها مدينة ورشفانة، "رمزي اللفع" تعرّضه إلى محاولة اغتيال فاشلة بمنزله من قبل مجموعة مسلحة، متهما خصومه بالوقوف وراء عملية الاغتيال.

وعقب ذلك، أظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تجمّع عناصر مسلّحة وعشرات الآليات العسكرية التابعة لميليشيا السرية 3 وسط المدينة، وهددت في بيان باتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية اللازمة للردّ على محاولة اغتيال قائدها.

وتنقسم خارطة ولاءات الميليشيات المسلحة في مدينة ورشفانة بين حكومتي الدبيبة وفتحي باشاغا المعينة من البرلمان في مارس الماضي.

ويأتي ذلك، بعد ساعات من اندلاع اشتباكات بين ميليشيات "جهاز الردع" برئاسة عبد الرؤوف كارة"، و"اللواء 111 مجحفل" بقيادة عبد "السلام الزوبي"، وكلاهما مواليان لحكومة عبد الحميد الدبيبة، قرب مطار العاصمة طرابلس، على خلفية نزاع على عقد لصيانة واستغلال المطار.

ومع التخوف المتزايد من انزلاق البلاد لقتال جديد، تقود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي جهودا كبيرة لحثّ ودفع الأطراف الليبية على التوصل إلى توافق يفضي إلى حلّ سياسي وإلى إجراء انتخابات هذا العام في البلاد.

والخلاف الأساسي بين الأطراف الليبية يتمحور حول قانون الانتخابات، وأساسا حول شروط الترشح إلى الانتخابات الرئاسية، حيث يرفض المجلس الأعلى للدولة وأطراف الغرب الليبي ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، بينما يدعو البرلمان إلى السماح للجميع بالترشح دون إقصاء.