المعارضة الإسرائيلية تحتكم إلى الشارع في مواجهة نتنياهو

بداية غير موفقة للحكومة اليمينية المتطرفة تنذر بأزمات أعمق.
السبت 2023/01/14
مظاهرات مرشحة بقوة للخروج عن الطابع السلمي

لم تمض أكثر من ثلاثة أسابيع على تسلم الحكومة الإسرائيلية اليمينية لمهامها حتى دعت المعارضة إلى التظاهر السبت دفاعا عما تصفه بـ”جوهر الديمقراطية”. وتمثل هذه التظاهرات بداية غير موفقة للحكومة الإسرائيلية كما أنها تنذر باتساع نطاق المواجهة في ظل مناخ سياسي مشحون.

القدس - تتجه الأنظار في إسرائيل إلى مظاهرة دعت إليها المعارضة مساء السبت في تل أبيب وسط تبادل غير مسبوق للتهديدات بين المعارضة والحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو.

والخلاف في إسرائيل عادة ما يكون حول الموقف من القضية الفلسطينية أو عملية عسكرية خارج الحدود، لكن الآن حول ما تعتبره المعارضة “جوهر الديمقراطية”، فالأحزاب الوسطية واليسارية قلقة من هيمنة الأحزاب اليمينية الدينية واليمينية القومية على مقاليد الحكم في البلاد.

إستر حايوت: خطة الإصلاح القضائي تقوض الديمقراطية في البلاد
إستر حايوت: خطة الإصلاح القضائي تقوض الديمقراطية في البلاد

وللمرة الأولى باتت تُسمع في إسرائيل بشكل جدي تعبيرات “الحرب الأهلية” و”زلزال شعبي” و”يشعلون النار في البلاد”.

وعن قمة الهرم السياسي، سواء الحكومة أو المعارضة، صدرت هذه التصريحات وغيرها، ما دعا الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى قرع جرس الإنذار بقوله إن “هذه فترة حساسة ومتفجرة في الرأي العام”.

ومنذ أن منح الكنيست ثقته للحكومة، الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، قبل أسبوعين، أعلنت المعارضة أنها لن تصمت عن تنفيذ الحكومة سياساتها.

وفي المعارضة يعتبرون ما تنفذه الحكومة حاليا “انقلابا” ويحذرون من “حرب أهلية”، ولذلك يدعون الإسرائيليين للخروج إلى الشوارع للاحتجاج.

وهذا الخلاف بدأ مع منح الكنيست صلاحيات واسعة لزعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف إيتمار بن غفير كوزير للأمن القومي، مرورا بتصريحات نواب من الأحزاب اليمينية الدينية عن تطبيق الشريعة اليهودية في البلاد، وصولا إلى إعلان وزير العدل ياريف ليفين، وهو من قادة حزب الليكود بزعامة نتنياهو، عما أسماها خطة الإصلاح القضائي.

وقالت إستر حايوت رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية الخميس إن خطة الإصلاح القضائي التي تقترحها حكومة نتنياهو ستسحق منظومة العدالة وتقوض الديمقراطية في البلاد.

وأصدرت حايوت هذا التحذير الصارخ في رد فعل على خطة يدعمها نتنياهو للحد من أحكام المحكمة العليا ضد إجراءات الحكومة أو قوانين الكنيست، مع إعطاء أهمية أكبر لآراء السياسيين في اختيار القضاة.

وقالت حايوت في خطاب أذاعه التلفزيون إن الاقتراح “ليس خطة لإصلاح النظام القضائي بل هو خطة لسحقه”.

بيني غانتس: حكومة نتنياهو تدفع البلاد باتجاه حرب أهلية
بيني غانتس: حكومة نتنياهو تدفع البلاد باتجاه حرب أهلية

وأضافت أن ذلك “سيوجه ضربة قاضية” لاستقلال القضاة وقدرتهم على خدمة الجمهور. ومضت تقول “معنى هذه الخطة إذن هو تغيير الهوية الديمقراطية للبلاد تماما”.

ويثير الاقتراح القلق داخل إسرائيل وخارجها من إمكانية أن يستخدمه نتنياهو أو شركاؤه في الائتلاف القومي الديني لتمهيد الطريق لقوانين ربما تتعدى على الليبراليين العلمانيين والأقليات.

وزادت وتيرة الخلاف مع دعوة عضو الكنيست تسفيكا فوغل، من “القوة اليهودية”، الثلاثاء إلى اعتقال رئيس الوزراء السابق زعيم المعارضة يائير لابيد ووزير الدفاع السابق بيني غانتس بتهمة “خيانة الوطن”.

وتزامنت هذه الدعوة مع تلويح بن غفير باستخدام الشرطة خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين المعارضين للحكومة واعتقال من قال إنهم يغلقون الشوارع أثناء الاحتجاجات.

وحذر غانتس، عبر تغريدة الإثنين، من أن الحكومة تدفع باتجاه “حرب أهلية” إذا ما استمرت في خططها بشأن القضاء، داعيا الإسرائيليين للخروج إلى الشوارع للاحتجاج و”زلزلة الدولة”.

ورد عليه بن غفير بتدوينة “لا تهددوا بحرب أهلية. لقد فقدتم السلطة، استوعبوها.. لن تكون هناك حرب أهلية، يمكنكم الاحتجاج ويمكنكم الانتقاد، ولكن لا يمكنكم التحريض، هذا منحدر خطير”.

ومع ذلك لوح باستخدام القوة تجاه المحتجين قائلا إنه “لسنوات، تم تطبيق سياسة تمييز بين اليمينيين والمتدينين واليسارين في المظاهرات”.

وأوضح “عندما يغلق المحتجون اليمينيون والمتدينون الطرقات فإنهم يواجهون سياسات عدم التسامح مطلقا: تفريق أعمال شغب وزيادة قوات واعتقالات واسعة”.

وأضاف “أما عندما يغلق اليساريون الشوارع فإننا لا نرى هذا. لن تكون هناك مظاهرات من النوع ‘أ’ و’ب’، حرية التعبير للجميع، منع الشغب للجميع”. ورأت المعارضة في تصريحات بن غفير تهديدا للمتظاهرين المؤيدين لها.

وقال لابيد، في تغريدة الثلاثاء “يقول بن غفير إنهم سيستخدمون خراطيم المياه ضد متظاهرينا، عضو الكنيست فوغل يقول إنه يجب إلقاء القبض على غانتس وإلقائي في السجن بتهمة الخيانة وفي الجامعة يحاولون دهس طلابنا لأنهم يحتجون ويمارسون حقهم في حرية التعبير”.

وبينما رفض نتنياهو تصريحات النائب الذي دعا إلى اعتقال لابيد وغانتس، فإنه أيضا هاجم المعارضة.

وغرد بقوله “في بلد ديمقراطي، لا يُعتقل قادة المعارضة مثلما لا تسمي وزراء الحكومة بالنازيين، ولا تسمي الحكومة اليهودية بالرايخ الثالث ولا تدعو المواطنين للذهاب لأعمال الشغب المدنية”.

وبتغريدة رد عليه لابيد “نتنياهو، في بلد ديمقراطي لا يُفترس المواطنون ولا القضاء. أصبحت رئيس وزراء ضعيفا يرتجف خوفا من شركائه المتطرفين. إنهم يقودون إسرائيل إلى الانهيار. هكذا تنهار الديمقراطية في يوم واحد”.

2