لقاء مدير المخابرات الأميركية بالدبيبة وحفتر مؤشر على قرب حسم الملف الليبي

فاجأت زيارة مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليامز بيرنز إلى ليبيا المتابعين للملف الليبي الذين اعتبروا أن الزيارة تشكل منعطفا مهما نحو حسم الأزمة.
طرابلس- قالت أوساط سياسية ليبية إن زيارة مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز إلى ليبيا مؤشر على مدى الاهتمام الذي تبديه الولايات المتحدة لحسم الملف الليبي وإنهاء الأزمة.
وأضافت الأوساط أن الزيارة الأولى من نوعها للمسؤول بصفته مدير وكالة المخابرات تعني أن الملف لم يعد محصورا لدى السفير والمبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، وأنه بات يحظى باهتمام أكبر لدى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وعرف الدور الأميركي في ليبيا تذبذبا منذ اندلاع الأزمة، حيث اختارت الإدارة الأميركية في البداية الانكفاء رغم حادثة الهجوم على سفارتها في بنغازي وقتل السفير كريستوفر ستيفنز، لتقرر لاحقا لعب دور أكبر ولو بطريقة غير مباشرة عن طريق المبعوثة الأممية السابقة الأميركية ستيفاني ويليامز.
ولعبت ويليامز ونورلاند دورا مهما في إنهاء حرب طرابلس وترتيب حوار جنيف الذي جاء بحكومة عبدالحميد الدبيبة ونجحا في فرض سلام هش يضمن استمرار تصدير النفط.
وانتهت مدة الاتفاق السياسي ومعها ولاية حكومة الدبيبة قبل نحو سنة لكنها رفضت تسليم السلطة، ما انجر عنه تشكيل حكومة جديدة بقيادة فتحي باشاغا وهو ما أعاد الانقسام من جديد إلى الواجهة.
ويقول مراقبون إن زيارة المسؤول الأميركي بمثابة تحذير لبعض الأطراف الدولية والإقليمية التي تدعم تأسيس مرحلة انتقالية جديدة في مقدمتها مصر وفرنسا.
وتجرى لقاءات منذ فترة بين رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري تهدف إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة بالأساس ومقابل تهميش قضية القاعدة الدستورية التي ستجرى عليها الانتخابات، وهو الأمر الذي لا يرضي الولايات المتحدة وبعض الدول مثل بريطانيا وتركيا.
وقال المحلل السياسي محمود شمام إن ويليام جوزيف بيرنز دبلوماسي محترف ومحنك عمل باحتراف خلال 33 عاما ويفهم ليبيا جيدا حيث كان المكلف بتفكيك مشروع ليبيا النووي.
وأضاف “عمل كرئيس لوقفية كارنيغي للسلام العالمي بعد خروجه من وزارة الخارجية (…). هو مستمع جيد ولا يتكلم كثيرا. أحد مستشاريه في كارنيغي هو فريد وهيري الذي زار الرجمة (مقر القيادة العامة لحفتر) وسرت عدة مرات واجتمع مع المشير حفتر وقادة البنيان المرصوص”.
ونجحت الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية في فك تحالف الدبيبة وأنصار العقيد الراحل معمر القذافي عن طريق إعادة فتح قضية لوكربي وتسليم بوعجيلة مسعود.
ويقول مراقبون إن فك التحالف بين الطرفين يمهد الطريق لتحالف بين القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر والدبيبة.
وكانت وسائل إعلام محلية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحدثت عن لقاء جمع صدام ابن حفتر وقيادات من ميليشيات طرابلس في العاصمة الأردنية عمان.
ورجح مراقبون أن يكون اللقاء تمهيدا لتسوية جديدة شبيهة بما حصل عندما تم تعيين فرحات بن قدارة رئيسا لمؤسسة النفط، مقابل تسديد الدبيبة لديون المؤسسة العسكرية، بحسب ما ذكرت تقارير وتسريبات محلية حينئذ.
وقبل ذلك جرى تبادل للأسرى بين حفتر والدبيبة تم بموجبه إطلاق سراح الطيار بالقوات المسلحة عامر الجقم، مقابل إطلاق سراح 15 أسيرا لدى الجيش.
وأسر الطيار في ديسمبر 2019 بعد تحطم طائرته روسية الصنع ميغ – 23 في مدينة الزاوية على بعد 40 كيلومترا غرب طرابلس، ونشر مقطع فيديو يظهره وهو متحجز في مقر أمني تابع لحكومة الوفاق الوطني السابقة التي كان يقودها آنذاك فايز السراج.
والتقى مدير وكالة الاستخبارات الأميركية الخميس عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، وخليفة حفتر في بنغازي.
وقالت حكومة الوحدة في بيان إن “الدبيبة استقبل بيرنز بديوان مجلس الوزراء في طرابلس، رفقة القائم بالأعمال بالسفارة الأميركية والوفد المرافق له”.
ووفق البيان، حضر اللقاء وزيرة الخارجية والتعاون الدولي نجلاء المنقوش، ورئيس جهاز المخابرات حسين العائب، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عادل جمعة.
الزيارة الأولى من نوعها للمسؤول بصفته مدير وكالة المخابرات تعني أن الملف لم يعد محصورا لدى السفير والمبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند
ونقل البيان عن بيرنز تأكيده خلال اللقاء “ضرورة تطوير التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين”، مشيدا بـ“حالة الاستقرار والنمو الذي تشهده ليبيا خلال الفترة الأخيرة”.
أما الدبيبة فقال “الهدف هو استقرار بلادنا ودعمها دوليا من أجل الوصول إلى الانتخابات”، وفق بيان الحكومة.
وفي لقاء آخر، اجتمع المسؤول الأميركي مع حفتر، وفق وسائل إعلام ليبية مقربة من الأخير.
وقالت قناة “المسار” التلفزيونية وصحيفة “العنوان” إن حفتر استقبل بيرنز “الذي يزور ليبيا لأول مرة” في مكتبه بالرجمة (بضواحي بنغازي شرق البلاد).
وفيما لم تذكر وسائل الإعلام تلك مزيدا من تفاصيل اللقاء، لم تعلق السفارة الأميركية على الزيارة حتى الساعة 17:00 بتوقيت غرينيتش.