صالح والمشري يتفقان على تسريع المسار الدستوري والانتخابات

القاهرة - اتفق رئيسا مجلسي النواب الليبي عقيلة صالح والأعلى للدولة خالد المشري الخميس على الإسراع في إنجاز القاعدة الدستورية تهييئا للأجواء لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب الآجال، مؤكدين ضرورة وجود سلطة موحدة للذهاب نحو هذين الاستحقاقين.
وأكد رئيسا مجلسي النواب والدولة عقيلة صالح وخالد المشري الخميس خلال مؤتمر صحافي جمعهما بالقاهرة، عقب لقاء ثلاثي مع رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي بمقر المجلس، على إعلان خارطة طريق جديدة لليبيا قريبا.
وقال صالح "هناك توافق ونحتاج إلى سلطة موحدة في ليبيا لإجراء الانتخابات تحت رقابة الحكومة".
وأضاف "ستكون هناك آلية كالآلية السابقة في جنيف لوضع إجراءات جديدة وتكون سلطة جديدة بين المجلسين، وفي الأيام المقبلة سيعلن عن خارطة الطريق الجديدة في منطقة داخل ليبيا".
وأوضح صالح أن "الخارطة (التي سيعلن عنها رفقة المشري) ستكون عبارة عن وثيقة دستورية وليست مادة واحدة في الدستور، وستتخذ الإجراءات اللازمة طبقا للقانون ورأي المجلسين"، مشيرا إلى أنها تتضمن كيفية إتمام الانتخابات وتوحيد المؤسسات وغيرهما.
وأكد "حدوث تقارب كبير بين مجلسي النواب والدولة للوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت".
وفي رده بشأن تلك الخارطة، أوضح المشري أنه "سيتم العمل على خارطة طريق بالتشاور مع صالح وبعثة الأمم المتحدة، وسيتم الإعلان عنها في القريب العاجل في لقاء سيتم بيننا في ليبيا".
وأوضح أن "الوثيقة تتعلق بعدة ملفات ومسارات وتحديد مدد ومهام واضحة، لهذا لابد أن يكون التوافق بين المجلسين طبقا للاتفاق السياسي وبمظلة ورعاية أممية حتى تتجنب أي تشكيكات".
وأشار إلى حدوث التوافق خلال جولات الحوار بين لجان المجلسين في الغردقة والقاهرة، حيث اتفق على وضع القوانين الانتخابية بتوافق تام بين المجلسين، وفي حال عدم حدوث ذلك تعرض القوانين للاستفتاء وسماع رأي الشعب مصدر السلطات.
ووصف رئيس مجلس النواب المصري لقاء عقيلة صالح وخالد المشري بأنه "مثمر"، مؤكدا أن "نتائجه ستتضح الأيام المقبلة"، دون تفاصيل أكثر.
والأربعاء، وصل الطرفان إلى العاصمة المصرية، وعقدا مشاورات منفصلة مع مسؤولي اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي، تمهيدا للاجتماع الثنائي الذي يعقد الخميس تحت رعاية البعثة الأممية إلى ليبيا، ويهدف إلى الاتفاق على القاعدة الدستورية وقانون الانتخابات، كما سيناقش الوضع الحكومي.
وهذا الملّف هو من الأكثر تعقيدا في ليبيا، ولم يحصل بشأنه إلى حدّ الآن أيّ توافق بين الأطراف السياسية، بسبب الخلافات حول شروط الترشح لسباق الرئاسة، والتي شكلت سببا أساسيا في انهيار خطة الانتخابات الماضية التي كانت مقررة في شهر ديسمبر 2021.
ويأتي هذا اللقاء تزامنا مع حراك دبلوماسي دولي لاستعادة الزخم للعملية الانتخابية في ليبيا، يقوده المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، الذي أكد في جميع لقاءاته مع الأطراف على "أولوية الانتخابات في عام 2023".
وكان آخر لقاء بين صالح والمشري جرى بالمغرب في شهر أكتوبر من العام الماضي، وتمّ خلاله التوافق على توحيد السلطة التنفيذية وعلى تعيين شاغلي المناصب السيادية.
وتشكّك أوساط سياسية ليبية في إمكانية توصل عقيلة صالح وخالد المشري إلى تفاهمات جديدة تمهدّ لنقل ليبيا إلى إجراء انتخابات، لصعوبة تسوية الطرفين للنقاط الخلافية في القاعدة الدستورية، وخاصة شروط الترشح للرئاسة.
وترى هذه الأوساط أن النقاط الخلافية تمسّ كافة الشخصيات الجدلية التي تتزعمّ المشهد السياسي وكانت سببا في فشل الانتخابات الماضية، وكذلك القوى العسكرية التي تتحكمّ في الأرض.
وتعتبر نفس الأوساط أن قبول عقيلة صالح بشروط خالد المشري بعدم ترشح العسكريين وأصحاب الجنسيات المزدوجة، سيقصي قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر من الترشح، وهو ما يرفضه الأخير الذي سبق أن دعا إلى "ضرورة ترك الخيار للشعب وللصندوق ولكل من يرى في نفسه القدرة على المنافسة".
وفي حال الاتفاق على تمكين الجميع من الترشح، فقد يفتح الطريق أمام سيف الإسلام القذافي وحفتر للترشح، وهو ما يرفضه معسكر الغرب الليبي، وأيضا بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، حيث سبق أن أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى جوي هود أن "العالم لديه مشكلة في ترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات الرئاسية في ليبيا".
وكان من المفترض أن تجري انتخابات في ليبيا نهاية العام 2021، لكنها تعثرت بسبب خلافات بين الأطراف السياسية، وازداد الوضع تعقيدا منذ مارس الماضي، بعد منح مجلس النواب الثقة لحكومة وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، في مقابل حكومة الوحدة المنتهية ولايتها والتي ترفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
ولحل الأزمة، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة (نيابي استشاري) للتوافق على قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات تعثر إتمامها أكثر من مرة.