صندوق النقد يمنح الأردن شهادة ثقة في الإصلاحات رغم التحديات

منح صندوق النقد الدولي ثقته بالاقتصاد الأردني نتيجة إصلاحات الحكومة رغم التحديات التي لا تزال قائمة لتعديل أوتار التوازنات المالية على النحو الذي لا يؤثر على معيشة المواطنين، بعدما عبرت شريحة منهم مؤخرا عن سخطها بشأن سوء إدارة ملف الوقود.
واشنطن/عمّان - تلقى الأردن دعما جديدا من المانحين الدوليين لاستكمال مسار معالجة التوازنات المالية والتي يعد إصلاحها مؤشرا لمدى جدية الحكومة في التعامل مع المشاكل الاقتصادية على الرغم من رفضها من قبل الأوساط الشعبية لشدة قسوتها.
وغلبت التقديرات الإيجابية على تقييمات صندوق النقد الدولي بشأن إدارة عمّان لملف الإصلاحات رغم أن مسؤولي البلد الذي يعتمد بشكل مفرط على المساعدات الخارجية أمامهم الكثير ليفعلوه قبل تثبيت أسس تنمية مستدامة تقطع مع السياسات القديمة.
وكافأ الصندوق الحكومة الأردنية، التي واجهت في الفترة الأخيرة احتجاجات ببعض المناطق بسبب سياستها في ما يتعلق بالوقود، بالموافقة على صرف فوري لشريحة جديدة بقيمة 343 مليون دولار من خط ائتمان متفق عليه قبل عامين.
ويرفع هذا القسط مقدار الأموال الممنوحة للأردن منذ بداية البرنامج في عام 2020 إلى 1.7 مليار دولار، أي 1.27 مليار من حقوق السحب الخاصة، وهي وحدة حساب صندوق النقد الدولي على أساس سلة من العملات.
وقال الصندوق في بيان عقب إنهاء المجلس التنفيذي للمؤسسة المراجعة الخامسة للبرنامج المدعوم من التسهيل الممدد إن “الأردن يواصل الانتعاش على نطاق واسع بفضل استجابة السياسات الفعالة للسلطات”.
ولكن نائب المديرة العامة للصندوق كانجي أوكامورا أكد على ضرورة تركيز السياسات على الحفاظ على الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، وحماية الطبقة الهشة، ودفع الإصلاحات لتعزيز العمالة والنمو والقدرة التنافسية.
وتمت الموافقة على ترتيب الأردن الممتد لأربع سنوات بما يعادل نحو 1.3 مليار دولار من قبل مجلس إدارة صندوق النقد في مارس 2020.
وزاد في أواخر يونيو العام الماضي إلى 1.49 مليار دولار، أي ما يعادل 312 في المئة من حصة الأردن في صندوق النقد.
ويقول خبراء إنه من المهم زيادة دعم المانحين لمساعدة الأردن على تجاوز الصدمات الخارجية السلبية في ظل الحرب في أوكرانيا من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتشديد الأوضاع المالية العالمية، حيث يواصل تحمل عبء استضافة 1.3 مليون لاجئ سوري.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت أواخر نوفمبر الماضي تخصيص مساعدات تزيد قيمتها عن 845 مليون دولار للأردن عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
كما تعهدت واشنطن في الشهر ذاته بمنح البلد مساعدة مالية بقيمة إجمالية قدرها 10.1 مليار دولار حتى عام 2029.
ويواجه الأردن وضعا اقتصاديا صعبا مع معدل بطالة بلغ 22.6 في المئة خلال هذا العام، بحسب صندوق النقد، وترتفع هذه النسبة في صفوف الشباب إلى نحو 50 في المئة.
ويتخذ الدين العام منحى تصاعديا وهو يسير بوتيرة مقلقة، فقد تجاوز مئة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلد، الذي تضرر بشدة من تدفق اللاجئين السوريين مع افتقاره إلى الموارد الطبيعية واعتماده بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
2.7
في المئة النمو المتوقع خلال 2022 و2023 إذا واصلت الحكومة برنامج الإصلاح
ومطلع 2021 أعلنت وزارة المالية عن تغيير منهجيتها في احتساب الدين العام بالاتفاق مع صندوق النقد بحيث يتم استثناء ديونها من صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي والبالغة أكثر من 9.9 مليار دولار.
واعتمدت الحكومة مفهوم دين الحكومة العامة، والذي يعتبر الدين من صندوق استثمار أموال الضمان والبلديات والهيئات المستقلة دينا من مؤسسات تابعة للحكومة.
وفي ضوء ذلك، لفت الصندوق إلى الجهود التي تبذلها الحكومة الأردنية وتحقيق انتعاش اقتصادي أفضل من المتوقع. ومن المرجح أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.7 في المئة للسنة الحالية والمقبلة مقابل 2.4 في المئة متوقعة سابقا.
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل يرى خبراء المؤسسة المانحة أن الحكومة بإمكانها احتواء التضخم نسبيا في ظل السياق الدولي ليصل إلى 4.4 في المئة. وقال إنه “لا يزال التضخم معتدلا ومن المتوقع أن ينحسر في الفترة المقبلة”.
وتعتبر مشكلة الطاقة في البلاد أحد التحديات الأساسية التي تواجه الاقتصاد، حيث تبلغ في المتوسط خمسة مليارات دولار سنويا، وهي في ارتفاع مستمر مع الزيادة الاضطرارية في عدد سكان البلاد بنسبة 10 في المئة.
ويعتقد البعض أن زيادة التحويلات لدعم الأسر الفقيرة وخفض الضرائب على بعض السلع، وقيام مؤسسات القطاع الخاص بالحفاظ على العاملين لديها، واكتفاء التجار بجزء من الأرباح ستساعد في تقليص أثر الارتفاع في التضخم.
وأشار الصندوق إلى أن استمرار التعافي بعد الجائحة والتداعيات الإيجابية في منطقة الشرق الأوسط أديا إلى نمو أقوى خلال هذا العام ومن المتوقع أن يظل كذلك في عام 2023، خاصة وأن النظام المصرفي والمالي يتمتع بمتانة تجعله مصدا أمام التقلبات.

وأوضح خبراء الصندوق أن التوقعات على المدى المتوسط متأثرة بارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتشديد الأوضاع المالية، وتباطؤ الاقتصاد العالمي.
وحول السياسة النقدية الذي يقود دفتها البنك المركزي، أوضح الصندوق أنها ترتكز بشكل مناسب على حماية ربط الدينار بالدولار.
وقال إن “البنك المركزي الأردني يواصل مراقبة جودة أصول البنوك عن كثب، ويجب أن تصبح مخططات الإقراض المدعوم أكثر استهدافا وأن يتم التخلص منها تدريجيا مع ترسخ الانتعاش، لزيادة تعزيز نظام مكافحة غسيل الأموال”.
وأكد على ضرورة الالتزام بتنفيذ البنود المتبقية في خطة العمل للخروج من قائمة مراقبة مجموعة العمل المالي.
كما أشار إلى أن إصلاحات قطاع الكهرباء والمياه ضرورية للحفاظ على استدامة المالية العامة.
وأوضح أن تنفيذ خطة العمل المعدة مع شركاء التنمية في الوقت المناسب يعتبر أمرا أساسيا لتقليل عجز شركة الكهرباء الحكومية بشكل موثوق، بالإضافة إلى أن هناك حاجة أيضا إلى جهود سياسية قوية لمعالجة ندرة المياه والخسائر والمتأخرات المستمرة للقطاع.
وكان الأردن قد أطلق الصيف الماضي خطة جديدة لمواجهة التحديات التي يواجهها تحت اسم “رؤية التحديث الاقتصادي”، ومدتها عشر سنوات، تقوم على النمو المتسارع من خلال إطلاق كامل الإمكانات الاقتصادية.