وزير الدفاع الكويتي في إجازة أم استقال

تواجه الحكومة الكويتية أزمة مستجدة على خلفية القرار المفاجئ لوزير الدفاع بتقديم استقالته نتيجة تحفظات لديه على مسلك الحكومة في التعاطي مع مجلس الأمة، لاسيما بخصوص ملفات على صلة بوزارته. وتهدد الاستقالة في حال تم المضي فيها وضع حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح الذي حرص على إرضاء فرع السالم بهذه الوزارة.
الكويت - تحاول الحكومة الكويتية بقيادة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح التغطية على الأزمة المستجدة المرتبطة بتقديم وزير الدفاع الشيخ عبدالله علي عبدالله السالم الصباح استقالته، مشيرة إلى أن الأخير في إجازة.
وتعرضت الحكومة الكويتية لأول هزة منذ تشكيلها في أكتوبر الماضي بطرح وزير الدفاع استقالته الأسبوع الماضي على خلفية استيائه من طريقة التعاطي الحكومي مع عدد من الملفات الحساسة المرتبطة بوزارته.
وتقول أوساط سياسية كويتية إن رئيس الوزراء يخوض جهودا لإقناع الشيخ عبدالله علي السالم بالتراجع عن الاستقالة، التي ستشكل إن تم السير فيها شرخا في جدار الفريق الحكومي الذي يحاول أن يظهر وجود تناغم وتماسك في صفوفه.
وأعلن مركز التواصل الحكومي الكويتي الاثنين عن “تكليف وزير الداخلية الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح بأعمال وزير الدفاع الشيخ عبدالله علي عبدالله السالم الصباح خلال إجازته”.
وتشير الأوساط إلى أن تعمد المركز الإشارة إلى أن وزير الدفاع في إجازة هو حجة للتغطية على الأزمة المستجدة، ولمنح المزيد من الوقت من أجل تراجع الأخير عنها.
وقالت الأوساط إنه لا أحد سيقتنع بهذه الحجة الضعيفة، متسائلة كيف يذهب وزير الدفاع في إجازة في وقت ينتظر وزارته الكثير من العمل مع تشكيل مجلس الأمة لجانا للتحقيق في قضايا فساد تشملها.
وتعتبر الأوساط نفسها أن عدم رغبة الشيخ أحمد النواف في القبول سريعا بالاستقالة يعود في جانب منه إلى خشيته من انهيار المسعى القائم على تحييد فرع السالم عبر العمل على احتوائه.
والشيخ عبدالله هو الابن الأكبر للشيخ علي عبدالله السالم الصباح الذي عمل ضابطا في الجيش الكويتي، وتولى منصب محافظ في عدة محافظات، وحفيد أمير دولة الكويت الحادي عشر الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي حكم البلاد بين عامي 1895 و1965. وكانت مصادر تحدثت لوسائل إعلام محلية عن أن من الدوافع الرئيسية التي أدت إلى طرح الشيخ عبدالله لاستقالته هو عدم رضاه عن التعاطي الحكومي مع مطالب مجلس الأمة، لاسيما في علاقة بتشكيل لجان تعنى بملفات فساد بوزارته.
وشكل مجلس الأمة الكويتي الأربعاء لجنة للتحقيق في عقدين لشراء طائرات للجيش وُقعا في 2016 بسبب مخالفات مزعومة، الأول يتعلق بشراء 30 طائرة كاراكال من إيرباص الفرنسية والثاني ذو صلة بشراء 28 طائرة يوروفايتر الأوروبية.
كما شكل المجلس أيضا لجنة أخرى للتحقيق في ما أثير من شكاوى بشأن استبعاد بعض المستوفين للشروط من الدخول في القرعة النهائية لدفعة الطلبة الضباط في الجيش.
وتقول المصادر إن وزير الدفاع كانت لديه تحفظات كثيرة على تلك اللجان، على الرغم من أنه أعرب خلال الجلسة النيابية الأسبوع الماضي عن استعداده للتعاون معها.
وأكد النائب عادل الدمخي استمراره في كشف ملفات الفساد في وزارة الدفاع سواء استقال الوزير أو لم يستقل، وفي غيرها من الوزارات حفاظاً على المال العام.
وقال الدمخي في تصريح للمركز الإعلامي لمجلس الأمة “إنه في ظل أجواء تصحيح المسار يجب فتح كل الملفات التي تسببت في ضياع المليارات على الكويت”.
وأوضح “يجب علينا كممثلين للأمة مراقبتها والتحقيق فيها وأن يكون الهدف هو إظهار الحقيقة، واسترداد الأموال لأبناء الشعب الكويتي”. وأضاف الدمخي في تعليقه على ما تردد بشأن استقالة وزير الدفاع من الحكومة أنه لم يكن يتمنى أن تصل الأمور إلى استقالة وزير في هذه الحكومة وهذا العهد الجديد، لاسيما بعد ما ذكره ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في الخطاب الأميري في افتتاح المجلس، من فتح ملفات للمحاسبة.
ومن جهته قال النائب حمد المدلج عبر صفحته على تويتر إن “استقالة وزير الدفاع لن تُثنينا عن أصل المشكلة”، معدداً مطالب من بينها “إحالة المتورطين في صفقات التسليح، وحقوق الضباط في ترقياتهم، ومكافأة الصفوف الامامية، وبيع الإجازات، والمناصب، وظلم قرعة للطلبة الضباط، والمحاكمات التعسفية”.
ورأى النائب مبارك الطشة أنه و”بعد توارد الأنباء عن استقالة وزير الدفاع، أصبح من الواجب على رئيس الحكومة استبعاد بعض الوزراء المقصرين في أعمالهم، فوجودهم واستمرارهم في مناصبهم سوف يخلق أزمة بين المجلس والحكومة”، مشددا على أن “التعديل الوزاري بات مستحقا لضمان استمرارية التعاون بين السلطتين”.
ونجح نواب المعارضة في السيطرة على مجلس الأمة الكويتي في انتخابات تشريعية جرت في سبتمبر الماضي، ومنح هذا النجاح أفضلية للمعارضة على الحكومة التي تجد نفسها في موقف صعب بين الاستجابة لمطالب المعارضة الكثيرة والتي لا تتوافق في معظم الأحيان وما تريده، أو تحديها وهذا سيقود إلى اصطدام سيعيد الكويت إلى المربع الأول.
ويتمتع البرلمان الكويتي بنفوذ يفوق كثيرا ذلك الممنوح لمؤسسات مماثلة في باقي دول مجلس التعاون الخليجي، ويملك حق استجواب رئيس الوزراء والوزراء وإقرار القوانين والاعتراض عليها.