فرنسا ترفع القيود عن التأشيرات الممنوحة للجزائريين في أعقاب طيها للأزمة مع المغرب

الجزائر - أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان عن رفع القيود عن التأشيرات الممنوحة للجزائريين، وعودة العلاقات القنصلية العادية إلى ما كان عليه الوضع قبل جائحة فايروس كورونا.
وجاءت هذه الخطوة بعد أيام من إعلان فرنسا خلال زيارة أجرتها وزيرة الخارجية كاترين كولونا إلى الرباط عن انتهاء أزمة التأشيرات مع المغرب، والتي كادت أن تتحول إلى أزمة دبلوماسية.
الرئيس الفرنسي اضطر إلى التنازل عن تشدده حيال التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة، بعد ما لمسه من تمسك مغربي بضرورة إنهاء هذه المشكلة
ويرى متابعون أن الإعلان عن قرار رفع القيود عن التأشيرات الممنوحة للجزائريين كان متوقعا، حيث أن باريس تسعى للموازنة في علاقاتها مع الجزائر والرباط، ولا تريد أن تستفز أيا من الطرفين، لاسيما في ظل الوضع الصعب الذي تمر به وتآكل نفوذها في الساحة الأفريقية.
وقال دارمانان في تصريح بعد استقباله من طرف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الأحد “طلب مني الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان زار الجزائر على رأس وفد ضم العديد من الوزراء العودة تبعا لدعوة من الرئيس تبون الذي أشكره على حفاوة الاستقبال”.
وأضاف الوزير الفرنسي “هي فرصة للجانب الفرنسي لإبراز إرادته الكبيرة لمواصلة التعاون وتثمين وتجسيد الحوار الذي تم بين الرئيسين الفرنسي والجزائري. ويشمل التعاون المجال الأمني، وحماية الأفراد، والتعاون في مجال التبادلات بين البلدين”.
وقال إن “العلاقات عادت إلى ما كانت عليه قبل جائحة كورونا بشأن كل ما يتعلق بالتأشيرات والمبادلات بين شعبي البلدين، وذلك لنرتقي بهذا التبادل إلى مستوى علاقات الصداقة القوية والخاصة التي تربط فرنسا والجزائر”.
وأثارت مسألة التأشيرات تجاذبا بين باريس والجزائر خلال الفترة الماضية. وجاءت زيارة المسؤول الفرنسي بالموازاة مع اتصال جرى بين رئيسي البلدين، ذكر بشأنه بيان للرئاسة الجزائرية بأنه “خصص للتشاور ومناقشة التطورات الإقليمية في المنطقة بين تبون وماكرون، خاصة الوضع في ليبيا ومنطقة الساحل”.
ويقول المتابعون إن الرئيس الفرنسي اضطر إلى التنازل عن تشدده حيال التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة، بعد ما لمسه من تمسك مغربي بضرورة إنهاء هذه المشكلة، التي طفت على السطح في سبتمبر 2021، قبل أن تتفاقم وتؤثر بشكل ملموس على العلاقة بين الطرفين.
ولم يكن من الرئيس الفرنسي سوى إنهاء أزمة التأشيرات مع المغرب، لكنه ولتلافي حدوث ردود فعل جزائرية سارع إلى أن يشمل القرار أيضا الجزائريين.
مسألة التأشيرات كانت قد تسببت في سجال بين الفرنسيين والجزائريين قبل الزيارة الأخيرة التي أداها ماكرون إلى الجزائر
وكان ماكرون قد أكد في مداخلته في قمة الفرنكوفونية التي احتضنتها تونس مؤخرا على أن “عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين من فرنسا أتت بنتائج إيجابية في الأشهر الماضية، وأن قنصليات الجزائر وتونس والمغرب أظهرت تعاونا في مسألة إصدار تصاريح ترحيل المهاجرين غير النظاميين التي كانت تطالب بها وزارة الداخلية العام الماضي”.
لكنه انتقد من جانب آخر الحكومات المغاربية في هذا الشأن، بالقول “رفض استعادة المهاجرين غير النظاميين غير مقبول، خاصة أنهم يتسببون في أنشطة غير مشروعة، وتم التثبت من أنهم مزعجون وخطرون على النظام العام”، في تلميح إلى جرائم وقعت بفرنسا خلال الأشهر الماضية نسبت إلى مهاجرين من بلدان المغرب العربي، أبرزها قضية قتل الطفلة لولا بضواحي باريس على يد مهاجرة جزائرية غير نظامية.
وكانت مسألة التأشيرات والهجرة غير النظامية قد تسببت في سجال بين الفرنسيين والجزائريين قبل الزيارة الأخيرة التي أداها ماكرون إلى الجزائر، وتضاربت البيانات في هذا الشأن بين تصريحات المسؤولين الفرنسيين ونظرائهم الجزائريين، غير أن الاعتراف كان واضحا من طرف باريس بشأن تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين.
وعزا هؤلاء الخطوة إلى ما أسموه بـ”عدم تعاون السلطات الجزائرية لإصدار التصاريح القنصلية التي تسمح بترحيل المهاجرين غير النظاميين”.