هل سنّ اليأس له علاقة بالإصابة بمرض الزهايمر لدى النساء

انقطاع الطمث يعزز البروتين الذي يسبب التهابا في الدماغ.
السبت 2022/12/17
النساء يعشن أطول من الرجال

تشير الدراسات العلمية إلى انتشار مرض الزهايمر لدى النساء أكثر منه لدى الرجال، ويسعى الخبراء لتفسير هذا المعطى مؤكدين أن  التغييرات التي تحدث أثناء انقطاع الطمث تعزز البروتين الذي يسبب التهابا في الدماغ. كما كشفت الأبحاث السابقة التي أجريت على خلايا المخ البشري علاقة انخفاض مستويات هرمون الأستروجين بفقدان الذاكرة.

كاليفورنيا (الولايات المتحدة) - يسعى العلماء لاكتشاف سبب تعرض النساء للإصابة بالخرف أكثر من الرجال، وهم الآن على بعد خطوة واحدة من ذلك. ووجدوا أن التغييرات التي تحدث أثناء انقطاع الطمث تعزز البروتين الذي يسبب التهابا في الدماغ.

وأظهرت الاختبارات التي أجريت على أدمغة مرضى الزهايمر أن مستويات هذا البروتين ، المعروف باسم “سي 3”، كانت أعلى بست مرات في أدمغة النساء المصابات بمرض الزهايمر مقارنة بالرجال.

ويعمل الأستروجين كمضاد طبيعي للالتهابات ويعتقد أنه يلعب دورا في قمع “سي 3”. وبينما ترتفع مستويات هرمون الجنس عند الرجال مع تقدمهم في السن، ينخفض هرمون الأستروجين بشكل حاد عند النساء أثناء انقطاع الطمث. وتتزايد الأدلة حول دور سن اليأس في الإصابة بمرض الزهايمر.

البروتينات المعدلة تتم إزالتها بواسطة هرمون الأستروجين الجنسي، لكن انخفاض مستوياته لدى الإناث يزيل هذه الحماية

وفي أحدث دراسة نشرت في “ساينس أدفنس”، نظر الخبراء في 40 دماغا لدى الرجال والنساء. وتم تقسيمهم بالتساوي حسب الجنس، وكان نصفهم من الأشخاص الذين ماتوا بسبب مرض الزهايمر.

وكشفت الاختبارات عن 1449 نوعا مختلفا من البروتينات في الدماغ تتشكل مع تقدم العمر، تم ربط العديد منها بالفعل بمرض الزهايمر، بما في ذلك “سي 3”.

وتؤدي البروتينات المكملة  مثل “سي 3” إلى حدوث التهاب في الخلايا للمساعدة في مكافحة العدوى. ومع ذلك، يمكن أن تتفاعل مع أكاسيد النيتريك مكونة نوعا “معدلا” من المكملات التي يمكن أن تسبب “عاصفة” في الجسم، ما يزيد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعادة، تتم إزالة البروتينات المعدلة بواسطة هرمون الأستروجين الجنسي. لكن العلماء يعتقدون أن انخفاض مستوياته لدى الإناث بعد انقطاع الطمث يزيل هذه الحماية.

وأظهرت الدراسات السابقة أنه بالإضافة إلى إثارة الالتهاب، يمكن للبروتينات المعدلة في الدماغ تنشيط الخلايا المناعية في العضو، المسماة الخلايا الدبقية الصغيرة. وهذه الخلايا تهاجم المشابك العصبية على الخلايا العصبية وتدمرها، كما توقف الاتصال بين الخلايا. وفي مرض الزهايمر يعاني المرضى من خسارة كبيرة في المشابك العصبية.

وكشفت الأبحاث السابقة التي أجريت على خلايا المخ البشري أن خفض مستويات هرمون الأستروجين أدى إلى ارتفاع مستويات بروتين “سي 3” المعدل.

1449

نوعا مختلفا من البروتينات في الدماغ تتشكل مع تقدم العمر، تم ربط العديد منها بالفعل بمرض الزهايمر

وقال الدكتور ستيوارت ليبتون، خبير الطب الجزيئي في أبحاث سكريبس في لا جولا بكاليفورنيا “تشير نتائجنا الجديدة إلى أن التعديل الكيميائي لأحد مكونات النظام التكميلي يساعد في تحفيز الإصابة بمرض الزهايمر. وقد يفسر هذا، جزئيا على الأقل، سبب تأثير المرض في الغالب على النساء. وزدياد احتمالية إصابة النساء بمرض الزهايمر كان لغزا منذ فترة طويلة، لكنني أعتقد أن نتائجنا تمثل جزءا مهما من حل اللغز الذي يفسر ميكانيكيا الضعف المتزايد للنساء مع تقدمهن في العمر”.

بدورها أولت دراسة أميركية جديدة حلّ واحد من الألغاز الطبية الذي لم يجد تفسيراً إلى اليوم، وهو لماذا يُصاب النساء بمرض الزهايمر بمعدلات تفوق تلك التي تحدث بين الرجال. ووفق ما نُشر ضمن عدد 13 أكتوبر الماضي من مجلة الخلية “سال”، اشترك 9 باحثين طبيين من كلية الطب في جامعة “كيس ويسترن ريزيرف” الأميركية بكليفلاند أوهايو، ومعهد أبحاث ألزهايمر في كلية طب وايل كورنيل بنيويورك، وكلية الطب بجامعة جنوب فلوريدا، في إعداد دراسة قد تساعد في تفسير الفجوة بين الجنسين في الإصابات بالزهايمر. ويأملون في نفس الوقت أن تقدم نتائجهم أدلة على علاجات جديدة، ربما تساعد المرضى من كلا الجنسين في المستقبل على مقاومة الإصابة بمرض الزهايمر.

ومعلوم أن مرض الزهايمر يُصنف كـ”اضطراب عصبي مُتفاقم”، ويؤدي بشكل تدريجي إلى ضمور الدماغ وموت خلاياه. لكن من غير المفهوم حتى اليوم، أيّ من الأسباب الدقيقة وراء الإصابة بمرض الزهايمر، والآليات التي يبدأ ويتطور بها.

ويُلاحظ وفق نتائج تحليل أنسجة الدماغ لدى المصابين بالزهايمر أن ثمة تغيرات تحصل في الدماغ؛ حيث تتراكم نوعيات معينة من البروتينات في أنسجته، هي بروتينات بيتا أميلويد ، وبروتينات تاو، وتنتج عن ذلك سلسلة من المواد الضارة بخلايا الدماغ، ما يهدد بشكل عميق كفاءة عمل خلايا الدماغ وتواصلها بعضها مع بعض.

عادة ما يبدأ التلف بشكل بطيء في منطقة الدماغ التي تتحكم في الذاكرة، ثم تظهر الأعراض بعد أعوام

وعادة ما يبدأ التلف بشكل بطيء في منطقة الدماغ التي تتحكم في الذاكرة، ثم تظهر الأعراض بعد أعوام. وبعدها ينتشر فقدان الخلايا العصبية في مناطق أخرى بالدماغ. وبالمحصّلة، ينكمش الدماغ بشكل كبير بمجرد الوصول إلى المراحل المتأخرة من المرض.

وتحت عنوان “لماذا يكون النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر؟”، قال الدكتور أندرو إي بودسون، وهو رئيس قسم علم الأعصاب الإدراكي والسلوكي في نظام بوسطن للرعاية الصحية بشؤون المحاربين القدامى، ومحاضرٌ في علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد “السبب الأول والأهم هو أن المرأة تعيش فترة أطول من الرجل. ويعد العمر عامل الخطر الأكبر للإصابة بمرض الزهايمر”. إلا أنه استدرك قائلاً “لكن هذا ليس الجواب الكامل”.

وأوضح استدراكه على هذا السبب المُحتمل بقوله “تابعت إحدى الدراسات نحو 17 ألف شخص في السويد، ووجدت أنه بدءاً من سن الثمانين تقريباً، كانت النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر من الرجال في نفس العمر. وبالمثل، وجدت دراسة في تايوان أن فرص إصابة المرء بمرض الزهايمر على مدى 7 سنوات كانت أكبر لدى النساء مقارنة بالرجال. ووجدت التحليلات العلمية التي فحصت حالات الإصابة بمرض الزهايمر في أوروبا، أن ما يقرب من 13 امرأة من أصل 1000، يُصبن بمرض الزهايمر كل عام، مقارنة بـ7 رجال فقط. لذلك، لا يمكن أن تكون الإجابة الكاملة عن سبب إصابة النساء بمرض الزهايمر أكثر من الرجال، هي أن النساء يعشن أطول من الرجال، لأنه بين الأفراد الذين يعيشون في نفس العمر، النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر من الرجال”.

17