روبوكوب في شوارع الولايات المتحدة

روبوتات قاتلة في صفوف عناصر الشرطة تثير المخاوف.
الجمعة 2022/12/09
روبوتات قادرة على القتل في بعض الحالات الطارئة

الحديث هنا ليس عن الفيلم الشهير "روبوكوب"، بل عن روبوتات قاتلة حقيقية تتجول في شوارع المدن تتتبّع وتطارد المشتبهين، وتقتلهم أحيانا. وتقول سلطات سان فرانسيسكو إنها تعتزم السماح لعناصر شرطتها باستخدامها مثيرة بذلك مخاوف بين المدنيين من أن يتسبّب انتشارها في الشوارع في زيادة أعمال العنف الممارس من قبل عناصر الشرطة.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - أصبحت مدينة سان فرانسيسكو ذات الأغلبية الليبرالية من مؤيدي روبوتات الشرطة المسلحة الأسبوع الماضي بعد أن وافق المشرفون على استخدام محدود لهذه الآلات التي يمكن التحكم فيها عن بعد عبر التكنولوجيا المتطورة التي أصبحت متاحة على نطاق واسع وإن كان نادرا ما يعتمد عليها لمواجهة المشتبه بهم.

وأيّد مجلس بلدية سان فرانسيسكو الثلاثاء تبنّي القرار الذي حصل على ثمانية أصوات مؤيدة وثلاثة معارضة. وينص الاقتراح على استخدام الشرطة روبوتات قادرة على القتل في بعض الحالات الطارئة جدا كالهجمات الإرهابية أو عمليات القتل الجماعي، وهي حوادث شائعة جدا في الولايات المتحدة.

وجاء التفويض في وقت تواجه فيه إدارات الشرطة في جميع أنحاء الولايات المتحدة تدقيقا متزايدا في طرق استخدامها للأسلحة والقوة. ويُسمح فقط لكبار عناصر الشرطة بإصدار أوامر باستخدام روبوت للقتل، بحسب بيان للشرطة.

وتحوز شرطة سان فرانسيسكو حاليا عددا كبيرا من الروبوتات يمكنها التحكم فيها مِن بُعد، وتستخدمها "أثناء تلقيها إشعارات بوجود قنابل أو مواد خطرة أو غير ذلك من حوادث ينبغي على رجال الشرطة الحفاظ على مسافة للتأكّد من أنّ الأماكن آمنة".

وأشارت الشرطة إلى أنّ الإجراء الجديد سيتيح استخدام هذه الروبوتات لوضع “عبوة ناسفة” قادرة على "إعاقة أو إرباك أي مشتبه فيه مسلح أو عنيف يهدد بقتل أشخاص". وأوضحت الشرطة أنّ "الروبوتات المجهزة على هذا النحو لن تُستخدم إلا لإنقاذ حياة الأبرياء".

وغرّد نائب رئيس مركز “نيو أميركان سكيوريتي” للأبحاث بول شار إنّ “هذه سياسة مروعة ومعاكسة تماما لكيف ينبغي على الشرطة استخدام الروبوتات”. وأضاف أنّ “ميزة الروبوتات تتمثل في إيجاد مسافة أكبر بين عناصر الشرطة وأي تهديد محتمل، فلا يضطر العناصر تاليا إلى الجوء إلى إجراء القتل”، لافتا إلى طرق عدة يمكن للشرطة استخدامها لتحييد مهاجم من دون قتله ومن بينها مثلاً مسدسات الصعق الكهربائي والغاز المسيل للدموع.

خيارات دموية

بيل سكوت: أعمال العنف تتزايد نحن بحاجة إلى خيار لإنقاذ الأرواح
بيل سكوت: أعمال العنف تتزايد نحن بحاجة إلى خيار لإنقاذ الأرواح

وناقشت الشرطة في مدينتين فقط في كاليفورنيا حتى الآن (سان فرانسيسكو وأوكلاند) استخدام الروبوتات كجزء من هذه العملية. وقد استخدمت الشرطة في جميع أنحاء البلاد الروبوتات على مدار العقد الماضي للتواصل مع المشتبه بهم المحصنين، ودخول الأماكن التي يحتمل أن تكون خطيرة، واستخدام القوة المميتة في حالات نادرة.

وأصبحت شرطة دالاس أول من قتل مشتبها به بروبوت في 2016 خلال مواجهة مع قناص قتل خمسة من ضباط الشرطة وجرح تسعة آخرين.

وجدد التصويت الأخير في سان فرانسيسكو جدلا حادّا اندلع منذ سنوات حول أخلاقيات استخدام الروبوتات لقتل مشتبه به والأبواب التي قد تفتحها مثل هذه السياسات. ويؤكد الخبراء أن استخدام مثل هذه الروبوتات لا يزال نادرا إلى حد كبير حتى مع تقدم التكنولوجيا.

وقال مايكل وايت، الأستاذ في كلية علم الجريمة والعدالة الجنائية بجامعة ولاية أريزونا، إنه حتى لو قدمت شركات الروبوتات خيارات أكثر دموية في المعارض التجارية، فهذا لا يعني أن أقسام الشرطة ستشتريها. وذكر أن “الشركات صنعت روبوتات صلبة متخصصة في كسر الحواجز وسارعت لتزويد الكاميرات التي يرتديها رجال الشرطة ببرامج التعرف على الوجه. لكن أقسام الشرطة لم ترغب في التزود  بها لأن المجتمعات لم تدعم هذا المستوى من المراقبة. يصعب تحديد ما سيحدث في المستقبل، لكنني أعتقد أن الروبوتات المسلحة لن تلقى رواجا بين عناصر الشرطة لأن السكان يرفضون استخدامها حتى الآن".

وقال المسؤول في سان فرانسيسكو الذي شارك في صياغة مشروع قانون كاليفورنيا عندما كان في المجلس التشريعي للولاية، ديفيد تشيو، إن المجتمعات تستحق المزيد من الشفافية في تطبيق القانون وأن يكون لها رأي في استخدام المعدات العسكرية. ويرى أن سان فرانسيسكو صادف أن كانت هي المدينة التي عالجت موضوعا لم يفكر فيه عندما كان هذا القانون في طور الصياغة. وهي تواجه الآن ما يسمى بـ"الروبوتات القاتلة".

في 2013، حافظت الشرطة على مسافة الأمان واستخدمت روبوتا لرفع غطاء، خلال مطاردة مشتبه به في تفجير ماراثون بوسطن، وجدته مختبئا تحت الغطاء. بعد ثلاث سنوات، أرسل مسؤولو الشرطة في دالاس روبوتا للتخلص من المتفجرات في كلية إل سنترو لإنهاء مواجهة استمرت لساعات مع القناص ميكا كزافييه جونسون الذي أطلق النار على الضباط عند انتهاء احتجاج على وحشية الشرطة.

وفجرت الشرطة العبوات الناسفة، لتصبح أول إدارة تستخدم الروبوت في قتل مشتبه به. ورفضت هيئة محلفين كبرى التهم الموجهة إلى الضباط، وشهد قائد شرطة دالاس ديفيد أوبراون الإشادة على نطاق واسع لتعامله مع إطلاق النار والمواجهة.

وقال مارك لوماكس، وهو رائد متقاعد من شرطة ولاية بنسلفانيا والمدير التنفيذي السابق لجمعية الضباط التكتيكيين الوطنيين “واجهنا فترة صعبة حول كيفية استخدام إدارات الشرطة للروبوتات في الأشهر الستة التي أعقبت حادثة دالاس. لكنني لم أسمع الكثير منذ ذلك الحين عن استخدام تلك الطريقة لتحييد المشتبه بهم.. حتى ظهرت سياسة سان فرانسيسكو في الأخبار".

سياسات غامضة

غموض واضح
غموض واضح تجاه سياسة لا تراعي حقوق الناس  

ولم تظهر بعد مسألة الروبوتات القاتلة في الخطاب العام في كاليفورنيا حيث يسعى أكثر من 500 قسم من أقسام الشرطة وعمدة الشرطة للحصول على الموافقة على سياسة استخدام الأسلحة من الدرجة العسكرية بموجب قانون الولاية الجديد. وتخلت شرطة أوكلاند عن فكرة تسليح الروبوتات بالبنادق بعد رد فعل شعبي عنيف، لكنها ستجهزها برذاذ الفلفل.

وقال جون ليندسي بولاند، الذي كان يراقب تنفيذ القانون الجديد، إن العديد من سياسات الاستخدام التي لاقت الموافقة تعدّ غامضة بالنسبة إلى الروبوتات المسلحة، وقد تفترض بعض الإدارات أن لديها إذنا ضمنيا لنشرها. وتابع "لا أعتقد أن معظم الإدارات مستعدة لاستخدام الروبوتات المزودة بالقوة المميتة، ولكنني أتوقع أن هناك أقساما أخرى تريد هذه التكنولوجيا".

واقترح المشرف في سان فرانسيسكو، آرون بيسكين، منع الشرطة من استخدام قوة الروبوتات ضد أي شخص. لكن الوزارة قالت إنه في حين أنها لن تزود الروبوتات بالأسلحة النارية، فإنها تريد خيار إرفاق متفجرات لكسر الحواجز أو إرباك المشتبه به.

وتسمح السياسة المعتمدة لعدد محدود فقط من الضباط رفيعي الرتب بتفويض استخدام الروبوتات كقوة مميتة، عندما تكون الأرواح معرضة للخطر وبعد استنفاد القوة البديلة أو تكتيكات خفض التصعيد، أو استنتاج أنهم لن يكونوا قادرين على إخضاع المشتبه به بوسائل بديلة.

◙ التصويت على استخدام الروبوتات القاتلة جدد جدلا حول الأبواب التي يفتحها تبني مثل هذه السياسات رغم أن استخدامها لا يزال نادرا

وتقول شرطة سان فرانسيسكو إن عشرات الروبوتات التي تستخدمها الإدارة لم تستخدم قط في توصيل عبوة ناسفة، لكنها تستخدم لتقييم القنابل أو تصوير المكان في حالات الرؤية المنخفضة.

وقال قائد شرطة سان فرانسيسكو بيل سكوت في بيان إنّ “استخدام الروبوتات في المواقف التي يُحتمل أن تحصل فيها جرائم، هو خيار أخير أمامنا”، مضيفا "نعيش في عصر تتزايد فيه أعمال العنف الجماعي، ونحن بحاجة إلى خيار مماثل لإنقاذ الأرواح، في حال حدوث مأساة في مدينتنا”.

وقال الملازم روبن لوبيز إن إدارة شرطة لوس أنجلس لا تمتلك أي روبوتات مسلحة. ورفض الإفصاح عن سبب عدم سعي وزارته للحصول على إذن لتغيير ذلك، لكنه أكد أنهم سيحتاجون إلى إذن لنشر واحد منها. وتابع "إنه عالم عنيف، لذلك فإننا سنعبر ذلك الجسر عندما نصله".

وقال لوماكس إن هناك في الغالب خيارات أفضل من الروبوتات إذا وُجدت الحاجة إلى القوة المميتة لأن القنابل يمكن أن تسبب أضرارا جانبية للمباني والأشخاص، وإن "هذه العوامل ستضيف الكثير من المخاطر بالنسبة إلى العديد من مراكز الأمن، خاصة في المدن المأهولة بالسكان".

وفي العام الماضي، تخلت إدارة شرطة نيويورك عن كلب آلي مستأجر في وقت أقرب مما كان متوقعا بعد رد الفعل العام، مما يشير إلى أن المدنيين ليسوا مرتاحين بعد لفكرة الآلات التي تطارد البشر.

واستخدمت الشرطة في ولاية ماين الروبوتات مرتين على الأقل لإيصال متفجرات تهدف إلى هدم الجدران أو كسر الأبواب وإنهاء المواجهات. وكانت الشرطة تعتزم استخدام روبوت لإلقاء متفجرات صغيرة من شأنها أن تهدم جدارا خارجيا في بلدة ديكمونت الصغيرة بولاية ماين في يونيو 2018، لكنها تسببت في انهيار سقف المنزل بدلا من ذلك.

 

• اقرأ أيضا:

          بمقترحات جديدة وحلول مبتكرة الروبوت لينا تذهل زملاءها في العمل

12