البدانة وقلة النشاط البدني من أسباب تراجع تركيز الحيوانات المنوية عالميا

التراجع لا يقتصر على العالم الغربي وإنما يشمل أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا.
الخميس 2022/11/17
انخفاض عدد الحيوانات المنوية مؤشر على تراجع الخصوبة

توصل باحثون بعد تقويمهم لحوالي 40 دراسة يُعنى موضوعها بتراجع تركيز الحيوانات المنوية إلى أن الاتجاه التراجعي لا يتعلق فقط بالعالم الغربي بل يشمل أيضا أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا، مشيرين إلى أن البدانة وقلة النشاط البدني والتلوث والتعرض للمواد الكيميائية في البيئة من ضمن أسباب تراجع تركيز الحيوانات المنوية عالميّا.

باريس - خلصت دراسة كبيرة نُشرت نتائجها مؤخرا إلى أن تركيز الحيوانات المنوية، وهو أحد عوامل خصوبة الذكور، انخفض بشكل كبير في جميع أنحاء العالم خلال العقود الأخيرة.

وجاء في الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة “هيومن ريبروداكن أبدايت” وتضمنت تقويما لحوالي أربعين دراسة سابقة تهتم بالموضوع ذاته، أن “تركيز الحيوانات المنوية انخفض بشكل ملحوظ بين عامي 1973 و2018”.

وتعد هذه الدراسة إنجازا غير مسبوق في هذا المجال، رغم أن نتائجها تؤكد استنتاجات دراسة سابقة أجراها الفريق عينه بقيادة عالم الأوبئة الإسرائيلي هاغاي ليفين.

وأثارت هذه الدراسة إثر نشرها عام 2017 انتقادات كثيرة، لأن استنتاجاتها كانت تتعلق فقط ببلدان معينة تنتمي جميعها إلى العالم الغربي. هذه المرة، بعد دمج المزيد من البيانات، خلص معدو الدراسة إلى أن الاتجاه التراجعي يتعلق أيضاً بأميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا. وكتب هؤلاء "تشير البيانات إلى أن هذا التراجع العالمي استمر بوتيرة متسارعة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين".

◙ كمية الحيوانات المنوية من العوامل التي تؤثر على خصوبة الذكور
◙ كمية الحيوانات المنوية من العوامل التي تؤثر على خصوبة الذكور

وتُعتبر كمية الحيوانات المنوية من العوامل التي تؤثر على خصوبة الذكور، لكنها ليست العامل الوحيد، إذ يؤدي تنقل هذه الحيوانات المنوية أيضا دورا مهما، وهو عامل لم يتم قياسه من خلال هذه الدراسة. وبالتالي فإن هذه النتائج لا تسمح باستنتاج أن هناك انخفاضاً عاماً في خصوبة الذكور، حتى لو كانت توفر عناصر في هذا الاتجاه وتتماشى مع دراسات أخرى حللت أكثر أسباب هذا التراجع.

وعزا الأخصائي في الغدد الصماء تشانا جاياسينا هذا الوضع إلى “أسباب مثل البدانة وقلة النشاط البدني والتلوث والتعرض للمواد الكيميائية في البيئة". ورحب هذا الخبير في "إمبريال كولدج"، والذي لم يشارك في الدراسة وكان يتحدث إلى مركز الإعلام العلمي البريطاني، بهذه الدراسة الجديدة واصفاً إياها بأنها "هامة".

لكنّ باحثين آخرين، ممن شككوا أصلا في دراسة عام 2017، قللوا من أهمية استنتاجات الدراسة الجديدة، معتبرين أنها لم تحلّ جميع أوجه القصور في الدراسة السابقة.

وقال عالم الذكورة آلان باسي لوكالة فرانس برس "ما زلت أشك في جودة الدراسات، وخاصة منها الدراسات القديمة (..) التي يستند إليها هذا التحليل الجديد"، دون أن يشكك في الطريقة التي جمع فيها معدو البحث الجديد بياناتهم. وأشار إلى أن تبدّل عدد الحيوانات المنوية يمكن أن يعكس في الواقع تطور تقنيات القياس بشكل متزايد، دون أن يشكل بالضرورة مؤشراً على الواقع نفسه.

وبحسب خبراء "مايو كلينيك" يعني انخفاض عدد الحيوانات المنوية أن عدد هذه الحيوانات في السائل المنوي أقل من المعتاد. ويُسمى أيضًا انخفاض عدد الحيوانات المنوية بقلة النطف. ويسمى الغياب الكامل للحيوانات المنوية "انعدام الحيوانات المنوية". ويُعَد عدد المني أقل من المعتاد إذا كان أقل من 15 مليون حيوان منوي في الملّيلتر من السائل المنوي.

وتخفض قلة عدد الحيوانات المنوية مرات الإصابة التي يخصِّب فيها أحد الحيوانات المنوية البويضة لينتج الحمل. ورغم ذلك تظل أمام العديد من الرجال الذين لديهم انخفاض في عدد الحيوانات المنوية فرص إنجاب أطفال.

ويمكن أن تشمل أعراض انخفاض عدد الحيوانات المنوية مشاكل في الوظيفة الجنسية، على سبيل المثال انخفاض الدافع الجنسي أو صعوبة الحفاظ على الانتصاب والألم أو التورُّم أو وجود كتل بالقرب من منطقة الخصية، ونقص شعر الوجه أو الجسم، أو وجود علامات أخرى من الشذوذ الصِبغيِّ أو الهرموني.

◙ كمية الحيوانات المنوية تؤثر على خصوبة الذكور، كما يؤدي تنقل هذه الحيوانات دورا مهمّا

وهناك دراسة حذرت من احتمال تعرض الجنس البشري للانقراض إذا استمرت معدلات تراجع أعداد الحيوانات المنوية لدى الرجال بنسبتها الحالية. وتوصل العلماء إلى نتائجهم بناء على مراجعة نحو 200 دراسة تقول إن أعداد الحيوانات المنوية عند الرجال في أميركا الشمالية وأوروبا وأستراليا ونيوزيلندا تراجعت إلى النصف خلال أقل من 40 عاما.

وأعرب بعض الخبراء عن شكوكهم في نتائج الدراسة، غير أن هاغاي ليفين، كبير الباحثين، قال إنه “قلق للغاية” بشأن ما قد يحدث في المستقبل. وتوصل الباحثون إلى نتائجهم بناء على تجميع 185 دراسة خلال الفترة الممتدة من عام 1973 إلى سنة 2011.

وقال ليفين "إذا لم نغير الطرق التي نعيش بها وأيضا البيئة والمواد الكيميائية التي نتعرض لها، فأنا قلق بخصوص ما سيحدث في المستقبل". وأضاف "سنواجه مشكلة في نهاية المطاف، وفي التكاثر عموما، وقد تكون النتيجة انقراض البشر".

وأشاد علماء غير مشاركين في الدراسة بجودتها، لكنهم قالوا إنه من السابق لأوانه التوصل إلى مثل هذا الاستنتاج. ورصد ليفين، من الجامعة العبرية في القدس، تراجع تركيز الحيوانات المنوية بواقع 52.4 في المئة، وتراجع إجمالي عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال في أميركا الشمالية وأوروبا وأستراليا ونيوزيلندا بواقع 59.3 في المئة.

◙ تراجع معد الإنجاب نتيجة وليس سببا
◙ تراجع معد الإنجاب نتيجة وليس سببا 

17