سلطنة عُمان تسعى لتعزيز نجاحات الصيرفة الإسلامية

استكشاف فرص تطوير القطاع وزيادة مساهمته في دروب التنمية.
الثلاثاء 2022/11/08
نافذة أخرى للنهوض بالأعمال

اتسع اهتمام صناع القرار النقدي في سلطنة عُمان بالتجربة المصرفية الإسلامية بعد أن أثبتت نجاحها على مر السنوات الماضية، إذ تأمل الحكومة في تحقيق أقصى استفادة من هذه الأداة التمويلية وتعزيز مكانتها في مسيرة التنمية الشاملة وبناء الاقتصاد.

مسقط - تتطلع سلطنة عمان إلى استكشاف المزيد من الفرص الواعدة في مجال الصيرفة الإسلامية من خلال تنظيمها أول منتدى يناقش آفاق القطاع خلال العقدين المقبلين لجعله محركا مهما في التنمية.

ويأتي تركيز مسقط على صناعة المالية الإسلامية تحقيقا لمستهدفات “رؤية 2040″، والتي تعتبر هذا النوع من التمويل مهما لتعزيز النشاط الاقتصادي على نحو أكبر وبشكل أكثر فاعلية.

وتريد الحكومة إحداث نقلة جديدة في الاستثمارات مستعينة بما تتيحه التمويلات الإسلامية، وذلك بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها بهدف الابتعاد تدريجيا عن خط الأزمة الذي مرت به منذ سنوات طويلة.

محمد بن ثويني: قفزات القطاع منذ إطلاقه تزيد الطموح المعقود عليه
محمد بن ثويني: قفزات القطاع منذ إطلاقه تزيد الطموح المعقود عليه

واستهلت أعمال منتدى “آفاق النمو والتطور للصيرفة الإسلامية” باستعراض إسهامات القطاع في رفد منظومة التنمية وتحليل أدائه خلال السنوات الماضية، والذي تؤكد المؤشرات أنه ساعد في تمويل قطاع الأعمال على نحو مستقر رغم التقلبات.

وناقش المشاركون بالمنتدى الذي نظمته جمعية المصارف العُمانية بالشراكة مع صحيفة “الرؤية” المحلية، هيكل الصناعة المصرفية الإسلامية ومُتطلبات النشاط الاستهلاكي والاستثماري والاقتصادي للأفراد والقطاع الخاص والمؤسسات العامة.

ويهدف المنتدى إلى اعتماد مُحددات جديدة لمؤشرات قياس الحصة السوقية ونسب النمو السنوية والتمويل الممنوح ومجمل الودائع، مع تعزيز الوعي المجتمعي بالدور التنموي للصيرفة الإسلامية في البلد الخليجي.

وأكد رئيس مجلس أمناء كلية الخليج العمانية محمد بن ثويني آل سعيد أن المنتدى يشكل منصة “لاستشراف مُستقبل القطاع في ضوء الأولويات الوطنية والمُعطيات الواقعية”.

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى آل سعيد قوله إن “ثمة نقلات مُهمَّة حدثت خلال السنوات العشر الماضية وذلك مُنذ تدشين الصيرفة الإسلامية في سلطنة عُمان”.

وأوضح خلال افتتاح المنتدى الذي عقد في العاصمة مسقط أن تلك القفزات تعزز الطموحات المعقودة على القطاع مع نظرة إيجابية تستدعي من الفاعلين بالقطاع العمل على تمكين الإبداع والابتكار من منتجاتهم المصرفية.

سعيد المحرَّمي: التمويل الإسلامي يملك مُمكنات تساعد في دفع التنمية
سعيد المحرَّمي: التمويل الإسلامي يملك مُمكنات تساعد في دفع التنمية

وأشار آل سعيد إلى أن ذلك سيحقق عامل الجذب للجمهور من جهة ويعزز المساهمات التنموية للقطاع من جهة أخرى لاسيما مع آفاق الازدهار الواعد الذي يتطلع إليه الاقتصاد العماني.

وتسهم الصيرفة الإسلامية في تحقيق مجموعة من المستهدفات مثل توفير حياة مزدهرة في بيئة صحية ضمن سياسة مسح البصمة الكربونية عبر تمويل الاقتصاد الأخضر والمستدام.

وعلاوة على ذلك، تمكين المسؤولية المجتمعية وتنويع موارد الدخل من خلال تطوير سوق الأسهم وسوق الدين وكذلك زيادة معدلات التوظيف وتوفير الحلول التمويلية التشاركية ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وغيرها.

ويُعتبر القطاع المصرفي من أهم قطاعات الاقتصاد في عُمان وأبرزها تطورا وأكثرها كفاءة، ما جعله لاعبا في الحفاظ على التوازن المالي وداعما للحركة التنموية وفي مقدمتها دعم المشاريع الاستثمارية والمساعدة على توفير فرص العمل.

واعتبر سعيد المحرَّمي أستاذ العلوم المالية والمصرفية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس أن الصيرفة الإسلامية لها ممكنات تساعد في نشر دروب التنمية في كامل البلاد.

وتطرق في ورقة عمل بعنوان “الدور التنموي لسياسات التمويل والاستثمار في البنوك الإسلامية العُمانية” إلى النجاحات التي حققها القطاع منذ إطلاقه لأول مرة في السوق المحلية.

15.3

في المئة أصول الصيرفة الإسلامية من إجمالي القطاع البالغ 102.5 مليار دولار

ويشير متابعون إلى أن أسعار الفائدة وعلى الرغم من أنها بلغت 3.75 في المئة لمواكبة زيادات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) إلا أنها لا تبدو عائقا أمام نمو عمليات الإقراض كونها محفزة خاصة للشركات والمستثمرين.

ويعود ذلك إلى قوة الملاءة المالية التي تتمتع بها البنوك المحلية وخاصة البنوك الإسلامية، وفي مقدمتها بنك نزوى، والتي تتوافق مع المعايير والأنظمة الدولية لكفاية رأس المال، مدعومة بالسيولة النقدية المتوفرة للقطاع بشكل عام.

ووفق بيانات اتحاد البنوك العربية، يضم القطاع 7 بنوك تجارية محلية وبنكين حكوميين متخصصين وبنكين إسلاميين. كما تعمل في البلاد تسعة فروع لبنوك أجنبية.

وتمثل أصول مجال الصيرفة الإسلامية حوالي 15.3 في المئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي التي تشير التقديرات إلى أنها تصل إلى 39.3 مليار ريال (102.5 مليار دولار).

ويعد العمل المصرفي نشاطا حيويا في أي اقتصاد، ولدى البنوك مهمة أساسية ومتعاونة للقيام بها، كما يعتمد سلوك القطاع المصرفي والمالي على صلابة نمو الناتج المحلي الإجمالي.

اقرأ أيضاً: قفزة في فائض الميزانية العمانية
اقرأ أيضاً: قفزة في فائض الميزانية العمانية

ويتميز القطاع في البلد الخليجي، وهو من أضعف اقتصادات المنطقة، عموما بأنه مرن بوجه التقلبات حيث يدير بنك مسقط، وهو أكبر مؤسسة مصرفية في عُمان نحو 42 في المئة من إجمالي أصول القطاع.

ويحوز بنك مسقط إلى جانب بنك ظفار والبنك الوطني العماني، وهي أكبر ثلاثة بنوك محلية، حوالي 68 في المئة من إجمالي أصول القطاع.

ووفرت التقنيات الحديثة مجالا واسعا للمؤسسات المالية الإسلامية لتقديم منتجات وحلول وتبني التحول الرقمي بما يعزز تجربة ورضا زبائنها.

ويقول البنك الدولي إن البنوك الإسلامية تبدو صلبة ومتماسكة فقد استطاعت أن تتجنب التداعيات الأكثر ضررا للأزمة المالية في 2008 لأنها لم تكن معرضة لأزمة الرهون العقارية وإلى الديون المعدومة، كما أنها أبقت على علاقة وثيقة بالاقتصاد الحقيقي.

ويبدو أن السياسات المالية والاقتصادية المتزنة نجحت في تعزيز ثقة المستثمرين في إمكانات سلطنة عمان رغم الضغوط وساهمت في جلب الاستثمارات الكبيرة وتقديم العديد من التسهيلات لتحفيز وإنعاش الاقتصاد المحلي في كافة المجالات.

ويؤكد المسؤولون عن رسم السياسات النقدية للبلاد أن الصيرفة الإسلامية ستواصل وضع إمكانياتها وقدراتها المالية والفنية في خدمة مختلف المشاريع التنموية خلال المرحلة المقبلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

10