العلماء يطورون اختبارا يكشف مبكرا عن أنواع عديدة من السرطان

اختبار "إم سي أو دي" يبحث عن الكميات الضئيلة من الحمض النووي للورم في مجرى الدم.
الثلاثاء 2022/11/08
الاختبارات تعتمد طرقا مختلفة للكشف عن السرطان

لتقليل معدل وفيات السرطان وتحسين نوعية حياة المعالجين الناجين منه، طور الباحثون اختبار الدم” إم سي أو دي” الذي بإمكانه الكشف عن عدة أنواع من السرطان دفعة واحدة. وتختلف اختبارات “إم سي أو دي” عن الخزعات السائلة الحالية بأنها تحاول اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة، عندما لا يكون هناك بعد العديد من الخلايا السرطانية.

واشنطن - يمكن أن يساعد اختبار دم خاص على اكتشاف السرطان مبكرا قبل انتشاره في جميع أنحاء الجسم، بغية علاجه والتخلص منه.

وهذا هو السبب في أن الأطباء يوصون بإجراء فحص منتظم للعديد من أنواع السرطان الشائعة، باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب.

وعلى الرغم من أهمية إجراء جميع الاختبارات، إلا أن إجراءها قد يكون صعبا من الناحية اللوجستية، ومكلفا، وأحيانا غير مريح للمرضى. ولكن ماذا لو استطاع اختبار دم واحد فحص معظم أنواع السرطان الشائعة دفعة واحدة؟

وسعى الخبراء لتطوير اختبارات الكشف المبكر عن السرطانات المتعددة أو “إم سي أو دي”، كأولوية لمبادرة الحكومة الأميركية المسماة “الأفكار الاستكشافية للسرطان”، وهو جهد فيدرالي قيمته 1.8 مليار دولار لتقليل معدل وفيات السرطان وتحسين نوعية حياة المعالجين الناجين من السرطان والذين يتعايشون معه.

وتعتقد كولين بريتشارد، أستاذة الطب المخبري وعلم الأمراض، كلية الطب بجامعة واشنطن، أن اختبارات  “إم سي أو دي” من المحتمل أن تغير فحص السرطان في المستقبل القريب، خاصة إذا تلقوا دعما فيدراليا قويا لتمكين الابتكار السريع.

اختبارات "إم سي أو دي" تختلف عن الخزعات السائلة الحالية بأنها تحاول اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة

تفرز جميع الخلايا في الجسم، بما في ذلك الخلايا السرطانية، حمضا نوويا في مجرى الدم عندما تموت. وتبحث اختبارات “إم سي أو دي” عن الكميات الضئيلة من الحمض النووي للورم في مجرى الدم. ويحتوي هذا الحمض النووي “الخالي من الخلايا” على معلومات حول نوع النسيج الذي أتى منه، وما إذا كان طبيعيا أم سرطانيا.

ولا يعد اختبار البحث عن الحمض النووي للورم المنتشر في الدم بالأمر الجديد. فهذه الخزعات السائلة تستخدم أصلا على نطاق واسع لكشف المرضى المصابين بالسرطان في مراحل متقدمة.

ويستخدم الأطباء اختبارات الدم هذه للبحث عن الطفرات في الحمض النووي للورم التي تساعد على توجيه العلاج. ونظرا إلى أن المرضى المصابين بالسرطان في مراحل متأخرة يميلون إلى وجود كمية كبيرة من الحمض النووي للورم في الدم، فمن السهل نسبيا اكتشاف وجود هذه التغيرات الجينية.

وتختلف اختبارات “إم سي أو دي” عن الخزعات السائلة الحالية بأنها تحاول اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة، عندما لا يكون هناك بعد العديد من الخلايا السرطانية. وقد يكون اكتشاف هذه الخلايا السرطانية أمرا صعبا في وقت مبكر لأن الخلايا غير السرطانية تفرز أيضا الحمض النووي في مجرى الدم.

ونظرا إلى أن معظم الحمض النووي المنتشر في مجرى الدم يأتي من خلايا غير سرطانية، فإن اكتشاف وجود عدد قليل من جزيئات الحمض النووي للسرطان يشبه العثور على إبرة في كومة قش. وهو ما يجعل الأمور أكثر صعوبة، إذ تفرز خلايا الدم الحمض النووي غير الطبيعي بشكل طبيعي مع تقدم العمر، ويمكن الخلط بين هذه الخيوط لتعميمها بحيث تشمل الحمض النووي للسرطان. وهذه الظاهرة، المعروفة باسم تكوين الدم النسيلي، أربكت المحاولات المبكرة لتطوير اختبارات “إم سي أو دي”، وأسفرت عن العديد من النتائج الإيجابية الكاذبة.

ولحسن الحظ، فإن الاختبارات الأحدث قادرة على تجنب تداخل طبيعة خلايا الدم من خلال التركيز على نوع من “الباركود الجزيئي” المتضمن في الحمض النووي للسرطان والذي يحدد النسيج الذي أتى منه. وهذه الرموز الشريطية هي نتيجة مثيلة الحمض النووي والتعديلات الموجودة بشكل طبيعي على سطح الحمض النووي والتي تختلف باختلاف أنواع الأنسجة في الجسم.

وعلى سبيل المثال، أنسجة الرئة لها نمط مثيلة “دي إن إيه” مختلف عن نمط أنسجة الثدي. وعلاوة على ذلك، تحتوي الخلايا السرطانية على أنماط مثيلة غير طبيعية للحمض النووي ترتبط بنوع السرطان. ومن خلال فهرسة أنماط مثيلة الحمض النووي المختلفة، يمكن أن تركز اختبارات “إم سي أو دي” على أقسام الحمض النووي التي تميز بين الأنسجة السرطانية والأنسجة الطبيعية وتحدد موقع أصل السرطان.

ويوجد حاليا العديد من اختبارات “إم سي أو دي”  قيد التطوير وفي التجارب السريرية. ولا يوجد اختبار”إم سي أو دي” معتمد حاليا من قبل إدارة الأغذية والعقاقير أو موصى به من قبل الجمعيات الطبية.

وفي عام 2021، أطلقت شركة “غرايل” للتكنولوجيا الحيوية أول اختبار “إم سي أو دي” متاح تجاريا في الولايات المتحدة. ويكتشف اختبار “غاليري” أكثر من 50 نوعا مختلفا من السرطانات. وما لا يقل عن شركتين أخريين مقرهما الولايات المتحدة، وشركة صينية واحدة لديها اختبارات قيد التطوير.

اختبارات سريع
اختبارات سريعة

وتستخدم بعض هذه الاختبارات طرقا مختلفة للكشف عن السرطان بالإضافة إلى تعميم الحمض النووي للورم، مثل البحث عن البروتينات المرتبطة بالسرطان في الدم.

وسيستغرق اكتشاف كيفية تنفيذ اختبارات “إم سي أو دي” في العيادة سنوات عديدة.

وبدأ الباحثون والأطباء في الإجابة عن أسئلة حول من الذي يجب اختباره، وفي أي عمر، وكيف ينبغي أخذ التاريخ الطبي والعائلي السابق في الاعتبار. إن وضع إرشادات لكيفية تقييم الأطباء لنتائج “إم سي أو دي” الإيجابية لا يقل أهمية عن ذلك.

وهناك أيضا قلق من أن اختبارات “إم سي أو دي” قد تؤدي إلى الإفراط في تشخيص سرطانات منخفضة المخاطر وعديمة الأعراض، من الأفضل تركها دون اكتشاف.

وتساعد اختبارات الدم الطبيب على تشخيص الإصابة بالسرطان.

ووفق خبراء “مايو كلينيك” إذا كان الطبيب قلقًا من احتمال أن يكون المريض مصابًا بالسرطان، فقد يحتاج إلى المزيد من الاختبارات للتأكد من ذلك. وعادة ما تكون اختبارات الدم جزءًا من عملية تشخيص السرطان.

وتؤخذ عينات من الدم لتشخيص السرطان وتُختبر في المعمل للتحقق من عدم وجود مؤشرات مرض السرطان. وعند فحصها تحت المجهر، قد تُظهر العينات الخلايا السرطانية الفعلية. وقد تجد اختبارات الدم الأخرى بروتينات سرطانية أو مواد أخرى تَنتُج بسبب السرطان. كما قد تُشير اختبارات الدم إلى مدى كفاءة أداء أعضاء الجسم لوظائفها.

ولا تُستخدم معظم اختبارات الدم بمفردها لتشخيص السرطان. لكنها قد توفر دلائل يمكن أن تقود فريق الرعاية الصحية إلى تشخيص الإصابة بالسرطان. وبالنسبة إلى معظم أنواع السرطان غالبًا ما تقتضي الحاجة إجراءات لاستخراج عيِّنة من الخلايا من أجل الاختبار للتأكد من الإصابة.

17