السلطات الصحية الأميركية تخفف شروط وصف الأفيونيات لتسكين آلام المرضى

أدى قيام الأطباء الأميركيين فجأة بقطع جرعات المرضى الذين يتناولون المواد الأفيونية بشكل كبير أو تقليلها إلى تدخل السلطات الصحية بأن خففت شروط وصف الأفيونيات لتسكين آلام المرضى، خشية ازدياد خطر الانتحار لديهم. وتسعى التوصيات الجديدة، التي جُمعت في تقرير من 200 صفحة، وضمّن في دليل جديد إلى تحقيق توازن بين مخاطر الأفيونيات ومنافعها.
واشنطن - أصدر مسؤولو الصحة الأميركيون توصيات جديدة تهدف إلى مساعدة الأطباء على وصف مواد أفيونية مسكنة للألم رغم مخاطر تسببها في الإدمان.
وراجعت المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والسيطرة عليها (سي دي سي)، المبادئ الصادرة عام 2016 لمحاولة القضاء على آفة الجرعات الزائدة من المواد الأفيونية في الولايات المتحدة.
وعلى عكس الوثيقة السابقة، يحرص الدليل الجديد على عدم تحديد عتبات لناحية الجرعة أو مدة الوصفة الطبية.
وقد أدى تفسير ذلك بشكل صارم إلى قيام الأطباء فجأة بقطع أو تقليل جرعات المرضى الذين يتناولون المواد الأفيونية بشكل كبير. كما استلهمت دول وشركات تأمين من هذه القواعد لوضع حدودها الخاصة.
واشتكى مرضى يعانون من آلام مزمنة من عدم حصولهم على الأدوية التي تسمح لهم بأن يعيشوا حياة طبيعية، وحذروا من تضاعف خطر الانتحار لديهم.
تقديرات الأطباء المبنية على أساس الفحص السريري للمرضى تبقى أولوية من أجل إيجاد توازن بين المخاطر والمنافع
وتسعى التوصيات الجديدة، التي جُمعت في تقرير من 200 صفحة، إلى تحقيق توازن على هذا الصعيد.
وذكر معدو الوثيقة أنّ واحداً من كل خمسة أميركيين يعاني من ألم مزمن و”يمكن أن تكون المواد الأفيونية عقاقير أساسية” للتعامل مع معاناتهم، “لكنها تنطوي على مخاطر كبيرة”.
وبحسب معدي التوصيات، من أجل إيجاد توازن بين المخاطر والمنافع، تبقى الأولوية لتقديرات الأطباء المبنية على أساس الفحص السريري الشخصي للمرضى. وتشدد مراكز “سي دي سي” على أن التوصيات الجديدة “لا ينبغي تطبيقها كمعيار غير مرن”.
مع ذلك، لا تزال السلطات الصحية حذرة. وتشير التوصيات إلى أنه لا ينبغي أخذ المواد الأفيونية في الاعتبار إلا بعد فشل مسكنات الألم الأخرى، ويجب على الأطباء مناقشة هذا الأمر مع مرضاهم في كل مرحلة.
وإذا قرروا استخدام المواد الأفيونية، فعليهم أولاً “وصف أصغر جرعة فعالة”، ثم مراقبة آثار العلاج عن كثب.
في حالة حدوث مشكلة، يجب على الأطباء أيضاً “تجنب الإنهاء المفاجئ لوصفات الأدوية الأفيونية”، ويجب عليهم التأكد من أن الأشخاص “الذين يعانون من مشكلة في الاستخدام يتلقون الرعاية اللازمة”.
وكإجراء احترازي، أوصى معدو الوثيقة “في حالة الاستخدام المطول للمواد الأفيونية، بتقديم النالوكسون”، وهو ترياق يمكن أن ينقذ الشخص من جرعة زائدة، بحسب ما قال كريستوفر جونز، أحد كبار المسؤولين في “سي دي سي”، خلال مؤتمر صحفي.
وتضاعفت وصفات الأفيونيات أربع مرات بين عامي 1999 و2010 في الولايات المتحدة. ورغم أن الاتجاه قد انعكس منذ عام 2016، فقد تسببت هذه المواد في حالات إدمان كثيرة، ودفعت بعض المرضى إلى اللجوء إلى مخدرات مثل الهيروين والفنتانيل.
وفي العام الماضي، سجلت الولايات المتحدة 107 آلاف حالة وفاة بسبب الجرعات الزائدة، أكثر من 70 في المئة منها بسبب الأفيون الاصطناعي غير القانوني.
وتساعد أدوية المسكنات الأفيونية عند استخدامها بحسب إرشادات الطبيب وبشكل آمن، على علاج الألم الحاد، مثل الألم الذي يشعر به المريض بعد العمليات الجراحية. وتوجد مخاطر في حالة استخدام الأدوية بشكل غير صحيح.
وأدوية المسكنات الأفيونية هي عبارة عن مجموعة من العقاقير المسكنة للألم التي تعمل من خلال التفاعل مع المستقبلات الأفيونية في خلايا المريض.
يمكن أن تكون المسكنات الأفيونية مصنوعة من نبات الخشخاش مثل، المورفين (مورفين، ميس كونتين، وغيرها) أو مستخلصة في المختبر، مثل، فينتانيل، وغيرها.
وعندما تسير أدوية المسكنات الأفيونية عبر الدم وتتعلق بالمستقبلات الأفيونية في خلايا المخ، ترسل الخلايا إشارات تكبت شعور المريض بالألم وتزيد من مشاعر المتعة.
يمكن أن يكون ما يجعل من أدوية المسكنات الأفيونية فعالة في علاج الألم هو أيضًا ما يجعلها خطيرة.
ويمكن أن يؤدي تناول المسكنات الأفيونية بجرعات قليلة إلى جعل المريض يشعر بالنعاس، ولكن تناولها بجرعات عالية قد يتسبب في إبطاء تنفسه وضربات قلبه مما قد يؤدي إلى الوفاة. ويمكن أن تجعل مشاعر المتعة الناجمة عن تناول المسكنات الأفيونية الشخص يرغب في الاستمرار في الشعور بتلك المشاعر، مما قد يؤدي إلى الإدمان.
ويمكن الحد من خطر الأعراض الجانبية الخطيرة من خلال اتباع إرشادات الطبيب بعناية وتناول الدواء كما وصف تمامًا.
وتحفز المواد الأفيونية إفراز الإِندورفِين، وهو الناقلات العصبية للشعور بالسعادة في المخ. ويكبت الإِندورفِين الشعور بالألم ويزيد من مشاعر المتعة، مكونًا إحساسًا مؤقتًا ولكن قويًا من الشعور بالعافية. وعندما يزول مفعول جرعة الأفيون، قد يجد الشخص نفسه يريد عودة تلك المشاعر الجيدة في أقرب وقت ممكن. وهذه أول علامة بارزة على الطريق نحو الإدمان المحتمل.