الخيول في سوريا بلا منافسات ولا جوائز

تشتهر سوريا بتربية الخيول العربية الأصيلة والمتجارة بها وخاصة في المناطق الشرقية المعروفة بتنظيم السباقات الدورية، لكن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والجفاف أصبحا لا يشجعان عشاق الحصان العربي الذي عاني بدوره من ويلات الحرب على تربيته وتدريبه للسباقات المحلية القليلة التي لا تسلم جوائزها غير المجزية.
دمشق - حرمت خطوط السيطرة بين مناطق الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية وفصائل المعارضة، الخيول العربية الأصيلة من المشاركة في السباقات، وبالتالي منعت المنافسة الحقيقية.
ويرتبط الجواد السوري الأصيل بشجرة عائلة تعود إلى أكثر من مئتي عام على الأقل. وسوريا هي الدولة الوحيدة في العالم التي سُجل فيها نسب الحصان إلى العشيرة التي ينتسب إليها، فلم يتم إيجاد كِتاب أنساب في العالم للجياد العربية يعود بها إلى عائلتها ورسنها أكثر مما أوجد للخيول السورية الأصيلة. وتعد مناطق شرق سوريا هي الأكبر التي توجد فيها الخيول العربية الأصيلة، ومع ذلك تفتقر إلى السباقات المهمة بسبب قلة الجوائز والأوضاع الأمنية.
ويقول الشيخ أسعد الهفل، مربي خيول عربية أصيلة في محافظة دير الزور، “تعتبر منطقة ذيبان بريف دير الزور الشمالي الشرقي أبرز مناطق تربية الخيول العربية الأصيلة، وتقام السباقات في المنطقة منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، ولكن حالياً يتم تنظيم بعض السباقات المحلية فقط، بسبب الأوضاع الأمنية، وهو ما يحرم الخيول من المنافسة الحقيقية".
ويضيف الشيخ الهفل أن الأوضاع الاقتصادية وأزمة الجفاف تمنعان المربين من تدريب خيولهم على السباقات بسبب ضعف قيمة الجوائز التي ربما لا تكفي لتدريب الحصان . وعزا المربي خالد النواف، من بلدة الشعفة بريف دير الزور الشرقي، تراجع السباقات إلى غياب الدعم الرسمي، مشيرا إلى أن أصحاب الخيول يقومون بتنظيم سباقات على نفقتهم الخاصة للحفاظ على رياضة الفروسية التي تعد من إرث الأجداد.
ويقول النواف "غالبا ما يتم توزيع أشواط السباق على عدة مربين وأصدقاء لدعم تلك السباقات، حيث تكون قيمة الجائزة أكبر من القيمة المادية".
وتقام بمحافظة الحسكة عدة سباقات سنويا على مضمارين بمشاركة العشرات من الجياد، ويقول المربي مصطفى الجزعة “ننظم منذ سنة 2016 أربعة سباقات كل عام يشارك فيها أكثر من 100 جواد، ونتائج سباقاتنا معتمدة من الجمعية السورية للخيول العربية الأصيلة".
ويرى مدرب الخيول عمر الرحيل أن "هذه السباقات لا تعطي النتائج المرجوة منها ولا تخلق منافسة حقيقية بين الخيول، باعتبار أن الحصان الذي فاز في الشوط المخصص له سوف يفوز في السباق القادم، وبذلك يحجم البعض عن المشاركة باعتبار أن النتيجة معروفة سلفا". وقال المدرب الرحيل، الذي يحمل إجازة جامعية في الاقتصاد ولكنه تفرغ لتربية الخيول وتدريبها، “نتمنى أن يُسمح
لجميع خيول سوريا بالمشاركة في جميع السباقات، كما كانت سابقاً، ونشارك نحن في دمشق وتدمر واللاذقية، وتشارك خيول دمشق وغيرها من المحافظات في سباقات شرق سوريا".
ويوجد في مناطق شمال سوريا التي تسيطر عليها فصائل المعارضة عدد كبير من الخيول العربية الأصيلة، ويقول مربي الخيول وأحد المشرفين على سباقات الشمال دحام العلاوي “تقام عدة سباقات في مناطق ريف حلب وإدلب بدعم من مربين ورجال أعمال ومغتربين، وأنجزنا هذا الموسم مضمارا في منطقة الراعي قرب الحدود السورية – التركية، وحاولنا الابتعاد قدر الإمكان عن خطوط التماس القريبة من مدينة الباب التي هي خط جبهة بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية والجيش الوطني".
ويضيف العلاوي أن "الخيول هي خيول سورية بغض النظر عن مكان وجودها، ونحن نشتري ونبيع خيولا من مناطق سيطرة الحكومة السورية ومناطق شرق سوريا". ويعتبر مضمار الديماس، غرب العاصمة دمشق في مناطق سيطرة الحكومة السورية، من أهم ميادين السباقات في سوريا منذ العشرات من السنين، وتشرف على هذه السباقات الجمعية السورية للخيول العربية الأصيلة.
◙ عدد الخيول العربية الأصيلة في سوريا يتجاوز 13 ألف رأس، أكثر من نصفها موجودة في مناطق شرق سوريا
ويعزو المهندس محمد الوادي، مدير الجمعية، تراجع سباقات الخيول إلى الحرب التي أوقفت النشاطات منذ عام 2011 حتى عام 2014، مشيرا إلى أن الجمعية استأنفت نشاطاتها وعملت على تنظيم سباقات في ميادين دمشق وحماة واللاذقية، حيث جرى خلال العام الحالي تنظيم تسعة سباقات موزعة على المحافظات، وتمت إقامة مهرجانات وعروض جمال الخيول وسباقات، بدعم من فعاليات اقتصادية ومربي الخيول.
ويضيف الوادي “فيما يخص سباقات مناطق شرق سوريا تم تزويد إدارة السباقات بالقواعد الأساسية والفنية، لكن التنسيق مازال دون المستوى المطلوب بسبب عدم إمكانية الإشراف المباشر على السباقات".
وأعاد السباق، الذي أقيم قبل أيام بمحافظة الرقة، شيئا من المنافسة الحقيقية حين اجتمعت خيول كافة مناطق شرق سوريا، ويقول أحد المشرفين على السباق “وجود خيول الحسكة ودير الزور والرقة ومنبج في ميدان واحد أوجد منافسة حقيقية هي الأولى منذ أكثر من 10 سنوات".
وأضاف أن قيمة الجوائز المادية في السباق هي الأعلى إضافة إلى إقامة الخيول وأصحابها كليا على نفقة الشيخ أبوعلي برد أحد مربي الخيول. ويتجاوز عدد الخيول العربية الأصيلة في سوريا 13 ألف رأس، أكثر من نصفها موجودة في مناطق شرق سوريا.