النظام الجزائري يستعرض عضلاته بسجن الصحافيين

الجزائر - أصدرت محكمة جزائرية حكما بالسجن عاما، منه شهران نافذان، بحق الصحافي بلقاسم حوام، بعد اتهامه بـ"نشر أخبار كاذبة" في مقال عن رفض شحنة تمور جزائرية بعد تصديرها، بسبب معالجتها بمبيدات محظورة، حسبما ذكرت الأربعاء صحيفة الشروق التي يعمل بها.
وأوضحت الصحيفة أن الحكم الصادر مساء الثلاثاء عن محكمة الجنح بحسين داي بالعاصمة الجزائرية "أدان بلقاسم حوام بجنحة نشر وترويج أخبار كاذبة بالسجن عاما، منه شهران نافذان، وبرّأته المحكمة من جنحة الإدلاء بأخبار كاذبة الغرض منها إحداث اضطراب في السوق، مع تغريمه 100 ألف دينار (نحو 712 دولارا)".
وأضافت أن الصحافي الموقوف منذ العاشر من سبتمبر سيغادر السجن في الثامن من نوفمبر.
وأودع الصحافي السجن بعد نشر مقال تحدث عن "وقف فوري لتصدير التمور الجزائرية" من نوع "دقلة النور" المشهورة في العالم، مؤكدا أن القرار جاء بعد رفض شحنة من ثلاثة آلاف طن وإعادتها إلى الجزائر لأنها "غير صالحة للاستهلاك".
وفنّدت وزارتا التجارة والفلاحة هذه "المعلومات المغلوطة" التي تعد "مساسا بالاقتصاد الوطني"، وقالت وزارة التجارة في بيان إن "جودة التمور الجزائرية مطلوبة على كل المستويات الدولية".
وذكرت وزارة الفلاحة في بيان أنها "لم تتلق أي إبلاغ أو إشعار رسمي من طرف الممثلين الرسميين للصحة النباتية للدول المستوردة برفض تمورنا لسبب متعلق بالصحة النباتية".
كما أصدرت نفس المحكمة حكما بالسجن ستة أشهر مع وقف النفاذ بحق رئيس تحرير الشروق مع تغريم الصحيفة 300 ألف دينار (حوالي 2138 دولارا)، ونفس الحكم بحق مصدّر تمور ذُكر في المقال، مع "إلزام المتهمين المدانين بتعويض وزارة التجارة بمبلغ مليون دينار (نحو 7 آلاف دولار)"، كما ذكرت الصحيفة.
وكانت قضية حبس بلقاسم حوام قد أثارت تفاعلات قوية في الأوساط الإعلامية والسياسية، حيث طالبت أحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات حقوقية وصحافية دولية بالإفراج عنه.
وفي سياق الحملة الداعية إلى الإفراج عنه، كان صحافيون قد نظموا وقفة تضامنية مع حوام بدار الصحافة، أمام مبنى جريدة الشروق الأربعاء الماضي، ورفعوا شعارات ترفض سجن الصحافيين وتؤكد أن "الصحافة ليست جريمة".
وتعد حالة بلقاسم حوام غير مسبوقة، لأنها المرة الأولى التي يُحاكم فيها صحافي بموجب القانون المتعلق بمكافحة المضاربة، و"الذي يجب أن يطبق على المضاربين".
ووفقا للمادة 12 من القانون المتعلق بمكافحة المضاربة الصادر في ديسمبر 2021، في ذروة تفشي وباء كوفيد - 19، لمحاربة ارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية، يواجه بلقاسم حوام خطرا بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات، وغرامة تتراوح بين مليون ومليوني دينار (من 7100 يورو إلى 14200 يورو).
وبحسب المادة ذاتها، فإن العقوبة قد تصل إلى 20 سنة، إذا ما تمت المضاربة في مواد الحبوب ومشتقاتها أو البقول الجافة أو الحليب أو الخضر أو الفواكه أو الزيت والسكر أو البن أو مواد الوقود أو المواد الصيدلانية.
وكانت نقابة الصحافيين بالجزائر قد قالت في وقت سابق إن هذا الإجراء يتعارض مع جميع النصوص السارية التي تحكم ممارسة مهنة الصحافي والإعلام بشكل عام في الجزائر، ولاسيما الدستور وقانون الإعلام. وهي النصوص التي تحظر بشكل صريح حبس الصحافيين بسبب جنح الصحافة. وطالبت النقابة بـ"إعادة النظر في هذا القرار الجائر".
وفي الجزائر، حيث تخضع حرية الصحافة لرقابة صارمة، تعتزم السلطات الجزائرية إجراء تشديد جديد يتمثل في مشروع قانون سيناقشه البرلمان في الأسابيع المقبلة.
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أمر بشأن مشروع قانون الصحافة المكتوبة والإلكترونية بـ"تنظيم أشمل لمجال الصحافة المكتوبة والإلكترونية، من خلال هذا القانون، لإبعادها عن كل أشكال الاستغلال، مع التصريح بمصادر التمويل".
وأكد تبون أن الآليات التي تضمنها مشروع قانون الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية، "تستند إلى منطق حماية الصحافيين وتهدف إلى النهوض بقطاع الإعلام".
وأعرب المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين بالفعل عن عدم رضاه عن المشروع، خاصة أنه لم تتم استشارته أثناء تطويره.
ولا تزال الاعتداءات على حرية الصحافة مصدر قلق في الجزائر. وغالبا ما تتحدث منظمات حرية التعبير عن ضغوط ومضايقات قضائية واعتقالات. وتصنف "مراسلون بلا حدود" الجزائر في المرتبة 134 في مؤشر حرية الصحافة العالمي من إجمالي 180 دولة.