الدوري المصري يواجه تحدي انتظام المباريات مع انطلاقته المتأخرة

انطلقت النسخة الـ64 من مسابقة الدوري العام المصري، بعد تأخر دام نحو شهرين عن أغلب المسابقات العربية والعالمية، ما وضع المسابقة أمام مجموعة من التحديات التي تؤثر سلبا على قيمتها التسويقية مع اضطرار عدد من اللاعبين المحترفين إلى ترك أنديتهم مع بدء فترة الانتقالات الصيفية، التي لم تكن فيها المسابقة قد انتهت بعد، على مدار المواسم الثلاثة الماضية.
القاهرة - يحتل الدوري المصري المركز الثالث على مستوى القيمة التسويقية للدوريات العربية، بعد السعودي والإماراتي، وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار عدم انتظام المسابقة إلى تراجع قيمته مجددا، واضطرار لجنة المسابقات التابعة لاتحاد الكرة ورابطة الأندية المحترفة إلى تأجيل بطولة كأس مصر العام الماضي لاستكمالها خلال ديسمبر المقبل، لتتواصل أزمة تداخل البطولات، ما يخلق وضعية غير مواتية لإحداث طفرات على مستوى التطوير الفني والتسويقي.
بدأت الجولة الأولى بمباراة أسوان والاتحاد السكندري، أعقبتها مباراة البنك الأهلي وفاركو، ومباراة المصري وسيراميكا كليوباترا. ويفتتح الزمالك حامل لقب البطولة مبارياته الأربعاء أمام فريق سموحة، ويخوض الأهلي أول لقاءاته مع الإسماعيلي في اليوم ذاته.
ويشارك في الدوري المصري 18 فريقا ويحتل الأهلي صدارة القيمة التسويقية لفرق الدوري بـ28 مليونا و530 ألف يورو، وتصل قيمة الزمالك إلى 22 مليونا و830 ألف يورو، فيما يبلغ إجمالي القيمة التسويقية للدوري 156 مليونا و830 ألف يورو.
ويحظى الدوري المصري بنسب مشاهدة مرتفعة تجعله صاحب الإمكانيات الأكبر على المستوى الجماهيري بين الدوريات العربية، لكن ذلك لا يتم توظيفه بالشكل الأمثل ودائما ما تصطدم قوة المنافسة التي تظهر من خلال إبرام الفرق أكثر من 225 صفقة قبل انطلاق الموسم الحالي، والاستعانة بخدمات 85 لاعبا أجنبيا بعدم انتظام المسابقة وغياب اللوائح التي تسهم في تقليل الأزمات.
تحديات عديدة
تواجه المسابقة المحلية هذا العام تحديات عديدة، على رأسها قدرة الجهات المنظمة على إنهاء المسابقة في نفس المواعيد العالمية في شهر يونيو الماضي، ما قاد إلى عدم الإعلان عن موعد انتهائها مع تحديد جدول المباريات، كذلك القدرة على تنظيم ثلاث مسابقات محلية أخرى في نفس التوقيت وهي: بطولة كأس مصر العام الماضي، كأس العام الحالي، بطولة رابطة الأندية المستحدثة من العام الماضي.
ويتخوف النقاد من أن تستمر عملية تداخل المسابقات في المواسم مرة أخرى، ما دفع البعض إلى المطالبة بتنظيم دوري من دور واحد هذا العام أو تقسيمه إلى مجموعتين لاختصار الوقت، لكن الفكرة رفضت من قبل رابطة أندية الدوري التي تستهدف الانتقال بالمسابقة إلى الاحترافية منعا لتأثر قيمتها التسويقية.
ودشن اتحاد الكرة المصري قبل انطلاقة مسابقة الدوري المحلي العام الماضي "رابطة الأندية المصرية المحترفة" ومهمتها تشكيل لجنة لإدارة المسابقة، وإدارة الحقوق التسويقية والتجارية وحقوق الرعاية التلفزيونية والإعلانية للدوري، وإدارة العوائد المالية للرابطة وتحديد نسب توزيعها على الأندية.
واتخذت رابطة الأندية قرارات هدفت إلى إنهاء مشكلات إطالة فترة الدوري، ووضع نظام واضح ومحدد لتأجيل مباريات الأندية المشاركة في البطولات الأفريقية في الموسم الجديد، وتحديد عدد الأيام الفاصلة بين المباريات المحلية والقارية.
علاوة على إقامة ثلاث أو أربع جولات من الدوري بالتزامن مع بطولة كأس العالم 2022، مع إحداث تغيير في نظام بطولة كأس الرابطة لتصبح كل الأدوار بنظام خروج المغلوب وإلغاء دور المجموعات، ما يترتب عليه تقليص عدد المباريات.
قال الإعلامي والناقد الرياضي محمد الليثي إن رابطة الأندية المصرية تخطو خطوات أولية للحفاظ على انتظام المسابقة، في مقدمتها إعلان جدول مباريات الدور الأول بالكامل والتأكيد على عدم تأجيل أي من المباريات تحت أي ظروف، وحال نجاحها في ذلك فإنها تمهد لتحقيق الانتظام الغائب عن المسابقة منذ سنوات طويلة.
وأضاف في تصريح لـ"العرب" أن "المسابقة المحلية ينقصها وجود إدارة منظمة قادرة على تطبيق قراراتها على الجميع دون استثناء والتعامل مع كل الأندية بنفس درجات الانضباط، وهو أمر لم يتم تحقيقه بالشكل الكافي حتى الآن، كذلك فإن عدم الإعلان عن لائحة الانضباط والتأكيد على تنفيذها على الجميع يجعلنا أمام مشكلات متوقعة مع زيادة التراشق بين إدارات الأندية مع اشتعال المنافسة".
وأوضح أن الدوري المصري يعاني غياب الرعاة الدوليين نتيجة عدم انتهائه في نفس توقيتات المسابقات العالمية ولا يتم وضعه ضمن المسابقات الجاذبة، وأن انتظام المسابقة مع الاهتمام بالجوانب التنظيمية للمباريات وتطوير نظم التصوير تساعد على مضاعفة عوائد البث وتجعل هناك متابعة خارجية على نحو أكبر.
اصطدمت المسابقة الجديدة بجملة من المشكلات قبل انطلاقها، ارتبطت أغلبها بمشكلات قلة الملاعب الملائمة لاستضافة المباريات واستخدام تقنية “الفار” فيها، واستمرار تأثيرات المسابقة المحلية بحادث ملعب بورسعيد قبل عشر سنوات وأدى إلى مقتل 74 مشجعا، وهو ما ترتب عليه نقل مباريات عدد من الأندية خارج محافظاتها وغياب الجمهور، والسماح فقط بحضور ستة آلاف مشجع.
جملة مشكلات
اعتذر ملعب القاهرة الدولي والذي تقام عليه مباريات فريق الزمالك عن أولى مبارياته مع سموحة بسبب زراعة البذرة الشتوية للنجيلة وتحتاج ثلاثة أسابيع للانتهاء منها. وهدد مجلس إدارة النادي المصري البورسعيدي بالاستقالة حال عدم الاستجابة لمطالب إقامة مباريات الفريق على ملعب هيئة قناة السويس بالإسماعيلية، في شرق القاهرة، وهو ما رفضته الجهات الأمنية ورابطة الأندية.
وطالب المصري رابطة الأندية بتأجيل أولى مباريات الفريق في الدوري إلى حين الحصول على الموافقات الأمنية اللازمة لخوض المباريات على ملعب هيئة قناة السويس أو الملعب البديل له.
◙ الدوري المصري يحظى بنسب مشاهدة مرتفعة تجعله صاحب الإمكانيات على المستوى الجماهيري بين الدوريات العربية
وما زالت مشكلة لعب فريق الداخلية الصاعد حديثا إلى الدوري العام مبارياته على ملعبه ملعب اتحاد الشرطة مع رفض الجهات الأمنية إقامة المباريات عليه، وعمل الفريق على تحسين جودة الملعب مع ملاحظات أبدتها رابطة الأندية وتضمنت ضعف الإضاءة وعدم ملاءمته لتقنية الفيديو، لكن دون أن يحصل الفريق على موافقة لإقامة مبارياته قبل ساعات من انطلاق المسابقة.
وشدد الناقد الرياضي أشرف زوف على ضرورة وضع خطة مستقبلية تضمن تطوير كافة عناصر لعبة كرة القدم بما ينعكس إيجابا على مستوى الدوري المحلي، مع أهمية عدم إدخال تعديلات مستمرة على اللوائح المنظمة للدوري وتؤدي إلى مزيد من المشكلات للأندية، والاستفادة من قدرة الدوري على جذب أكبر عدد من اللاعبين العرب من دول شمال أفريقيا لتسويقه بالشكل الأمثل.
وأوضح في تصريح لـ"العرب" أن المنظومة الكروية تنتظر بصمة القيادات الشابة المنتخبة في اتحاد الكرة المصري التي حلت بديلا لأشخاص هيمنوا على المناصب طيلة العقد الأخير وتسببوا في المزيد من التراجع، وأن المشكلة الأكبر تتمثل في تعارض المصالح وعدم القدرة على تنفيذ القرارات سواسية بين الجميع.