تغريدات مضللة قادمة من الهند تغذي الصدامات في بريطانيا

لندن - بسبب مباراة كريكت بين الهند وباكستان سرت شائعات عن اختطاف فتاة مسلمة وعن إرسال معبد هندوسي لمقنّعين، وامتزجت بالغضب المحلي، وسرعان ما بلغ الأمر حدّ الاقتتال بين الهندوس والمسلمين في شوارع وسط إنجلترا.
وكانت عاصفة على وسائل التواصل الاجتماعي انطلقت من قارة بعيدة وتجسدت في شوارع ليستر، حيث اعتقلت الشرطة ما يقرب من 50 شخصا.
ويقول متحدث باسم موقع لوجيكالي للتحقق من المنشورات الذي حلل صحة ما نُقل على وسائل التواصل الاجتماعي، حسب رينا شاندران في مؤسسة رويترز “إنه مثال قوي على كيفية استخدام ديناميكيات الهاشتاغ على تويتر لتصعيد التوترات على الأرض”.
ويرى الخبراء أن معظم التغريدات والشائعات والأكاذيب جاءت من الهند، مما يُظهر قوة وسائل التواصل الاجتماعي غير الخاضعة للرقابة في نشر معلومات مضللة وإثارة الاضطرابات في قارة كاملة.
وقال عمدة مدينة ليستر بيتر سولسبي لراديو “بي.بي.سي” لقد “رأيت مجموعة كبيرة من مناشير وسائل التواصل الاجتماعي التي تعتبر مشوهة للغاية، وبعضها خاطئ تماما بشأن ما كان يحدث بين المجتمعات المختلفة”.
ووافقه الرأي روب نيكسون الذي يدير شرطة مقاطعة ليسيسترشاير، قائلا إن المعلومات الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي لعبت “دورا كبيرا” في اضطرابات الشهر الماضي.
تويتر لا يستجيب
انتصارات الحزب الحاكم في الهند تعود جزئيا إلى خليته الذكية وبراعتها في وسائل التواصل الاجتماعي التي يغذيها آلاف من المؤيدين
وانتقلت الشرطة نفسها إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة بعض هذه الادعاءات، وأكدت أنها حققت بشكل كامل في تقارير عن ثلاثة رجال استهدفوا فتاة مراهقة في محاولة منهم لخطفها. ولم تجد أي دليل على صحة القصة المتداولة على الإنترنت، وقالوا “نحثكم على مشاركة المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي فقط إذا كنتم تعرفون أنها صحيحة”.
كما لم يجد مدققو الحقائق أي صحة في الادعاءات عن نقل عصابة من الملثمين بالحافلات إلى ليستر. وأظهر التحليل أن العديد من المنشورات المضللة التي تزعم تعرض مواقع هندوسية للهجوم جاءت من الهند. وقال لوجيكالي إن حوالي 80 في المئة من التغريدات التي تشمل إحداثيات جغرافية أو معلومات ذات علامات على الموقع كانت مرتبطة بالهند.
وتؤكد خدمة مراقبة الـ”بي.بي.سي” أن أكثر من نصف التغريدات التي حققت فيها، وعددها 200 ألف، جاءت من حسابات في الهند، واعتمدت هاشتاغات مثل “ليستر” و”الهندوس يتعرضون لهجوم” و”الهندوس يتعرضون لهجوم في المملكة المتحدة”. ولم يستجب تويتر لطلب التعليق.
هاشتاغات مفزعة
أكدت عمليات التحقق من الوقائع ما اشتبه فيه العديد من سكان ليستر لسنوات، وجاءت المعلومات المضللة والإساءات التي تستهدف الأقليات الدينية من المستخدمين عبر الإنترنت من الهند، ولا تفعل المنصات شيئا يذكر للتحقق من ذلك.
وقال كيفال بهارديا من مجموعة تضامن جنوب آسيا، وهي مؤسسة بريطانية غير ربحية، إن “ما جرى في ليستر لم يحدث فجأة”. وتابع “يرسل الأصدقاء والعائلة أخبارا كاذبة ومعلومات مضللة منذ سنوات. إنها دعاية لا تنتهي من جيوش المتصيدين”.
ولم يرد متحدث باسم وزارة الداخلية الهندية على طلب للتعليق، وقالت المفوضية الهندية العليا في لندن في بيان إنها تدين “بشدة” أعمال العنف ضد الجالية الهندية في ليستر وتخريب “مباني ورموز الديانة الهندوسية”.
ويقول بعض المعلقين والجماعات الحقوقية إن لحزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الحاكم دور في حرب وسائل التواصل الاجتماعي التي تستهدف الأقليات الدينية والعرقية. وتعود انتصارات الحزب الحاكم جزئيا إلى خليته الذكية وبراعتها في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يغذيها الآلاف من المؤيدين الذين يُطلق عليهم اسم المحاربين الرقميين.
وقالت ثينموزي ساونداراراجان إن “القومية الهندوسية هي واحدة من أكبر شبكات التضليل في الشتات العالمي في جنوب آسيا، مع هجماتها المتعصبة والمفزعة في كثير من الأحيان ضد الأقليات الطبقية والدينية”. واستشهدت في حديثها بمصطلح مهين للصحافيين ونظرية مؤامرة معادية للإسلام شائعة في الهند، مضيفة “فكر فقط في الهاشتاغات المروعة التي أصبحت طبيعية الآن”،
ويقول براتيك سينها المؤسس المشارك لموقع التحقق من الأخبار الهندي “ألتنيوز” إنه بينما استوعب المغتربون المحتوى من الهند منذ فترة طويلة وتفاعلوا مع الأحداث، انتشرت المعلومات المضللة مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي.
فيسبوك وضجيجه
عمدة مدينة ليستر بيتر سولسبي: رأيت مجموعة كبيرة من مناشير وسائل التواصل الاجتماعي التي تعتبر مشوهة للغاية، وبعضها خاطئ تماما بشأن ما كان يحدث بين المجتمعات المختلفة
ويأتي الكثير من الضجيج من “ميتا”، المعروفة سابقا باسم فيسبوك، والتي كلفت في 2019 بإجراء تقييم مستقل لدورها في نشر خطاب الكراهية والتحريض على العنف على منصاتها في الهند بعد انتقادات المجتمع المدني.
لكن الشركة قالت منذ ذلك الحين إنها لن تنشر التقرير الكامل، واكتفت بالقول إنها “رفعت بشكل كبير” من المشرفين على المحتوى والدعم للغات الهند.
وطلب موقع تويتر الذي يضم حوالي 24 مليون مستخدم في الهند من محكمة هندية إلغاء بعض الأوامر الحكومية حول إزالة المنشورات التي قالت دلهي إنها تنشر معلومات مضللة.
وقالت المحكمة العليا في الهند خلال الشهر الماضي في توبيخ نادر إن التلفزيون هو “الوسيلة الرئيسية لخطاب الكراهية” وسألت عن سبب “وقوف الحكومة متفرجة كشاهد أبكم”. لكن الحكومة لم ترد على ذلك.
وفي الآن نفسه، قال براتيك سينها إن خطاب الكراهية والمعلومات المضللة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي تمر دون رادع في واحدة من أكبر أسواقها.