باحثون يطورون طريقة جديدة لاستهداف الخلايا السرطانية

تمكن الباحثون من تطوير طريقة جديدة لاستهداف الخلايا السرطانية عبر مهاجمة الأحماض الريبوزية الطويلة غير المشفرة وتحطيمها، ما أدى إلى تثبيط انقسام الخلايا الحاملة للورم. وقد يفتح هذا النجاح الباب لاكتشاف علاجات فعالة لمرضى السرطان وتطوير أدوية لا تؤذي الخلايا السليمة، بل تهاجم الخلايا السرطانية فقط.
جنيف – طور باحثون في سويسرا طريقة لاكتشاف مقاربة جديدة تستهدف الخلايا السرطانية، في جزء من الجينوم يطلق عليه اسم “المادة المظلمة”؛ وذلك بمهاجمة الأحماض الريبوزية الطويلة غير المشفرة وتحطيمها، وهو ما أدى إلى تثبيط انقسام الخلايا الحاملة للورم. و”المادة المظلمة” مصطلح يطلق على جزء من الجينوم البشري الا يحمل شيفرة لإنتاج البروتينات.
ويحتوي الجينوم البشري على حوالي 20 ألف جين ترميز بروتين، أي أن الجين يتضمن تعليمات للجسم تحضه على إنتاج بروتين معين.
وفي المقابل لا يحمل الجزء الأكبر من الجينوم البشري شيفرة بروتين، ولذلك يطلق عليه اسم “المادة المظلمة”، لأن وظائف هذه المادة غير معروفة إلى حد الآن.
وفي علم الفلك تعد “المادة المظلمة” غير مرئية، لكن يمكن الاستدلال عليها من خلال قوة جاذبيتها التي تمسك المجرات معا، ويُعتقد أنها تشكل نحو 90 في المئة من الكو
هذا النجاح قد يفتح الباب لاكتشاف علاجات فعالة للسرطانات وتطوير أدوية تكون آمنة، ولا تؤذي الخلايا السليمة، بل تهاجم الخلايا السرطانية فقط
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة بيرن ومستشفى أنسل في سويسرا، ونشرت في مجلة “سيل جينومكس”. وقام الباحثون بتحديد أهداف جديدة يمكن من خلالها تطوير أدوية لمعالجة السرطان.
ونظر العلماء إلى فئة جينات غير مفهومة جيدا تسمى “الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفر”، وتوجد في “المادة المظلمة” من الجينوم البشري.
والأحماض الريبوزية الطويلة غير المشفرة -أو الرنا غير المشفِّر- هي جزيء رنا لا تتم ترجمته إلى بروتين، وغالبا ما يسمى تسلسل الدنا الذي يُنسَخ منه الرنا غير المشفر “الرنا”. وتوجد أنواع كثيرة من الرنا غير المشفر ذات وظائف مهمة.
وطبق العلماء مقاربتهم على نوع من سرطان الرئة اسمه “سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة”، الذي يرتبط بعدد مرتفع من الوفيات. وتواجه العلاجات المتوافرة لهذا النوع من السرطان مجموعة من التحديات تتضمن وجود طفرات جينية لا يمكن التغلب عليها بالأدوية المتوافرة، بالإضافة إلى السمية المحتملة ومقاومة هذه العلاجات من قبل الخلايا السرطانية.
ولدراسة الدور الذي تقوم به الأحماض الريبوزية غير المشفرة في سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة قام الباحثون بتحليل قواعد البيانات المتاحة للبحث عن الأحماض الريبوزية غير المشفرة. ونتجت عن هذا التحليل قائمة تحتوي على أكثر من 800 حمض من الأحماض الريبوزية غير المشفرة.

تأثر الخلايا غير السرطانية بهذا التحطيم طفيف، إن لم نقل منعدما، الأمر الذي يجب توافره في أدوية السرطان
ثم قام الباحثون بدراسة خلايا سرطان الرئة غير الصغيرة التي تم الحصول عليها من بشر مصابين بالسرطان، وبعد ذلك قيّموا الدور الذي يقوم به حذف حمض نووي غير مشفر في تحديد السمات السرطانية لهذه الخلايا. وسمات الخلايا السرطانية هي التكاثر والانتقال ومقاومة العلاج.
ويقول الباحث والدكتور روري جونسون “الفائدة من تقييم هذه السمات الثلاث تعود إلى أننا نستطيع الوصول إلى فهم شامل وكمية كبيرة من البيانات من خلال هذه التجارب، التي نحتاجها لنستخلص قائمة واحدة تحوي أهم الأحماض الريبوزية الطويلة غير المشفرة التي لها دور مهم في سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة”.
وأوصلت الاختبارات التي قام بها الباحثون على أكثر من 800 حمض ريبوزي طويل غير مشفر إلى إعداد قائمة تحتوي على 80 حمضا ريبوزيا طويلا غير مشفر، وتلعب هذه الأحماض دورا بارزا في ظهور سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، وستخضع لمتابعة الباحثين.
ولاحقا قام الباحثون بمهاجمة هذه الأحماض الريبوزية، وتبين أن تحطيمها أدى إلى تثبيط انقسام الخلايا السرطانية في الخلايا التي زرعت.
الأمر الآخر الذي ظهر في هذه التجارب هو أن الخلايا غير السرطانية تأثرت بشكل طفيف، أو لم تتأثر مطلقا بهذا التحطيم، الأمر الذي يجب توافره في أدوية السرطان، أي أن هذه التقنية تدمر الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا السليمة.
ويواصل الباحثون إجراء اختباراتهم على حيوانات المختبر ويخططون للتعاون مع شركات الأدوية الموجودة أو إنشاء شركات جديدة تتبنى فكرة تطوير هذه الأدوية. ويبحث الباحثون في مسألة تبني النهج الذي اتبعوه للوصول إلى هذه النتائج وتطبيقه على سرطانات أخرى من أجل اكتشاف علاجات لهذه الأنواع الأخرى.
وقد يفتح هذا النجاح الباب لاكتشاف علاجات فعالة للسرطانات وتطوير أدوية تكون آمنة، ولا تؤذي الخلايا السليمة، بل تهاجم الخلايا السرطانية فقط.
اقرأ أيضا: