"غشتي إرشاد" سيف مسلط على رقاب الإيرانيات في الشوارع

شرطة الأخلاق تستهدف النساء دون الرجال في ما يتعلق باللباس المحتشم.
الخميس 2022/10/13
شرطة مسعورة

مازالت الإيرانيات يناضلن من أجل رفع الحجاب السيء، كما يسمينه محليا، عن رؤوسهن، والذي تفرضه الجمهورية الإسلامية في إطار ما يسمى باللباس المحتشم، الذي ينطبق على كل الإيرانيين، لكن شرطة الأخلاق تنكد عيشة النساء دون سواهن بتطبيق قوانين صارمة في ما يتعلق بالزي.

نيقوسيا - لأكثر من عشر سنوات، تشعر النساء الإيرانيات اللواتي يغامرن بالخروج من منازلهن ولو في مهمة بسيطة، بالقلق خوفا من مواجهة شرطة الأخلاق سيئة السمعة.

وتواجه النساء اللواتي ينتهكن قواعد اللباس الصارمة في جمهورية إيران الإسلامية خطر اقتيادهن في واحدة من السيارات البيضاء والخضراء التابعة لهذه الوحدة، لتلقي محاضرات حول كيفية ارتداء الحجاب أو حتى التعرض للضرب المبرح.

ويطلق على “شرطة الأخلاق” في إيران اسم “غشتي إرشاد” أو “دوريات التوجيه”، وهي وحدة تابعة للشرطة الإيرانية منوط بها فرض قوانين اللباس الإسلامي على النساء والفتيات في الأماكن العامة.

ووفقا للقواعد، فإنه يتعين على النساء والفتيات في إيران ارتداء الحجاب وملابس فضفاضة تعرف بـ”الشادور” في الأماكن العامة، لكن دون تحديد السن القانونية التي تلزم على الإيرانيات تغطية الرأس.

وقالت دنيا فرد (26 عاما) التي أفلتت بإنذار فقط، “أمسكوا بي بالقرب من محطة المترو لأنني ثقبت أنفي… لم أكن أرتدي ملابسي بشكل لائق” وفقا لقواعد الآداب العامة الإيرانية في الأماكن العامة.

وتؤكد هذه الناشطة التي تعيش الآن في قبرص “كان الأمر مخيفا لأنني لم أكن معتادة على مثل هذا الموقف، كنت أبكي” في الشاحنة. لكن الحظ لا يحالف عددا كبيرا من الإيرانيات.

أوصياء على غطاء الرأس
أوصياء على غطاء الرأس

وواحدة منهن كانت مهسا أميني التي اعتقلتها شرطة الأخلاق في طهران في السادس عشر من سبتمبر، وماتت بعد ثلاثة أيام عن 22 عاما. وأثار موتها موجة من الاحتجاجات أحرقت فيها نساء النقاب.

وكانت مهسا بصحبة شقيقها في طهران عندما اعتقلت من قبل “شرطة الأخلاق”، التي اتهمتها بمخالفة القواعد التي تفرض على المرأة تغطية شعرها بالحجاب وباقي جسدها بالملابس الفضفاضة.

ويؤكد ناشطون أن مهسا أميني قتلت بضربة على رأسها، في حين ربطت السلطات وفاتها بمشاكل صحية ينفيها والداها.

وتوضّح الصحافية الإيرانية المختصة بشؤون المرأة فاراناك أميدي لـ”بي.بي.سي عربي” أن ما حدث “أمر مخيف، لأنه يمكن أن يحدث لأي امرأة.. لأي امرأة ترتدي ما يعرف بالحجاب السيء.. أو ‘باد حجاب’ كما يعرف محليا”.

وتشرح الصحافية أميدي أن السلطات الإيرانية استخدمت مصطلح “الحجاب السيء” لاعتقال أي امرأة لا تظهر في المجال العام على الهيئة التي حددتها السلطة للمرأة الإيرانية. وهذا يعني أن القانون الذي يفرض الحجاب “يستهدف أيضا النساء المحجبات اللاتي يضعن الحجاب، لكن ليس بالشكل الذي تروّج له السلطة”.

وأصبح الحجاب إلزاميا في إيران، بعد أربع سنوات على الثورة الإسلامية في 1979.

وأنشئت شرطة الأخلاق في عهد الرئيس المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد من أجل “نشر ثقافة اللياقة والحجاب”. وتتألف من رجال يرتدون زيا أخضر ونساء يرتدين الشادور الأسود الذي يغطي الرأس والجزء العلوي من الجسم.

وبدأت هذه الوحدة أولى دورياتها في 2006. وأصدر أفرادها بعد ذلك تحذيرات قبل أن يبدأوا بجلد واعتقال النساء في العام التالي.

وتستند قواعد عمل “شرطة الأخلاق” إلى تفسير النظام الإيراني للشريعة الإسلامية، ما يعني في نهاية المطاف ضرورة ارتداء الرجال والنساء “ملابس محتشمة”، لكن الواقع يشير إلى أن عناصر هذه الشرطة تستهدف النساء في المقام الأول.

شرطة الأخلاق تتكون من رجال يرتدون زيا أخضر ونساء يرتدين الشادور الأسود الذي يغطي الرأس والجزء العلوي من الجسم
شرطة الأخلاق تتكون من رجال يرتدون زيا أخضر ونساء يرتدين الشادور الأسود الذي يغطي الرأس والجزء العلوي من الجسم

واللافت للأنظار هو أنه لا توجد إرشادات محددة بشكل مفصل حيال وصف وتحديد ماهية “اللباس المحتشم”، ما يترك مجالا كبيرا للتفسير الشخصي من قبل عناصر “شرطة الأخلاق”، وسط اتهامات ضدها باحتجاز النساء والفتيات في إيران بشكل تعسفي.

وتطور دور شرطة الأخلاق على مر السنين، لكنه كان دائما مثيرا للانقسام حتى بين المرشحين للرئاسة.

وفي عهد الرئيس المعتدل حسن روحاني كان يمكن رؤية نساء يرتدين الجينز الضيق بحجابات ملونة. لكن في يوليو الماضي دعا الرئيس المحافظ الذي خلفه إبراهيم رئيسي إلى حشد “جميع المؤسسات لتعزيز قانون الحجاب”، مؤكدا أن “أعداء إيران والإسلام يريدون تقويض القيم الثقافية والدينية للمجتمع عبر نشر الفساد”.

وعلى الرغم من ذلك استمرت العديد من النساء في تحدي هذه القواعد، فتركن نقابهن ينزلق على أكتافهن أو يرتدين سراويل ضيقة، لاسيما في المدن الكبيرة.

وأنشئ تطبيق للهاتف المحمول يسمى “غيرشاد” في 2016، للإبلاغ عن مكان وجود وحدة الإرشاد حتى تتمكن النساء من تجنبها.

وهذه الوحدة تهاجم عادة عددا قليلا من النساء من أجل “ترهيب وتخويف” الأخريات، كما يحلل أوميد ميمريان، الصحافي والناشط المقيم في الولايات المتحدة.

وأضاف أن “وفاة الصبيّة الكردية الإيرانية مهسا أميني تأتي بعد شهور من إجبار النساء على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة”.

وخلال التظاهرات الأخيرة خلعت مجموعة من الشابات الحجاب في الشوارع وهتفن “امرأة ، حياة ، حرية”، وأحيانا يواجهن قوات الأمن.

هل العفة في الحجاب
هل العفة في الحجاب

وتخشى العديد من النساء الإيرانيات أن تقبض عليهن شرطة الأخلاق، وكلهن يتذكرن القصص المروعة التي رواها أفراد العائلة أو الأصدقاء.

وتتذكر سيجل شهبازي (32 عاما)، وهي إيرانية تعيش في قبرص، اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق عندما كانت في الثامنة من عمرها وتهديدها بالسجن إذا لم ترتد الحجاب.

وقالت “كان الأمر مرعبا، لأنني سمعت عما يمكن أن يحدث للنساء اللواتي يُرسلن إلى السجن من تجربة والدتي”.

ويمكن إرسال النساء اللواتي يعاقبن من قبل شرطة الأخلاق إلى مراكز إعادة التأهيل، أو يتعرضن للضرب أو الجلد أو الاغتصاب أو حتى القتل.

وعلى الرغم من التقارير التي تفيد بأن شرطة الأخلاق اختفت من الشوارع خلال الاحتجاجات الأخيرة التي قادتها النساء، فإن قوات الأمن عززت قبضتها عبر كاميرات مراقبة ومخبرين مجهولين.

وتقول إيرانيات على وسائل التواصل الاجتماعي إنهن تلقين رسائل من الشرطة بعد قيادتهن لسياراتهن من دون حجاب، وهي جريمة يعاقب عليها بغرامة أو بمصادرة السيارة.

الإيرانيات يمتن بالحياة
الإيرانيات يمتن بالحياة

18