مستقبل الصناعة الغنائية البريطانية عالق في ميناء دوفر

أكثر من 100 نائب برلماني من مجلسي اللوردات والعموم يقترحون مجموعة من الحلول، طرحت في تقرير تحت اسم "دعوا الموسيقى تسافر".
الاثنين 2022/10/03
{وايت لايز} لا تغني دون المعدات

ظلت جولات الفرق الغنائية البريطانية الشهيرة في الدول الأوروبية مسألة روتينية وعادية على مدى عدة عقود، غير أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ألقى ظلالا من المتاعب على سهولة القيام بهذه الجولات.

لندن - لا يزال للغناء الإنجليزي مذاقه الخاص وجاذبيته لدى الكثير من المستمعين في مختلف أنحاء العالم، خاصة الدول الأوروبية رغم تعاقب أجيال المغنين، وبوسع كل فرد أن يردد كلمات أغاني فريق أوازيس أو فريق البيتلز، إلى جانب أغاني الجيل الجديد من المغنين البريطانيين، ابتداء من المغنية أديل إلى إد شيران وستورمزي.

وحتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) لم يتسبب في الحد من انتشار هذه الأغاني أو تراجع صادراتها، باعتبار أن الأغاني أيضا والفنون عموما تعد مصدرا للدخل القومي لدى الدول التي تبْرع فيها، غير أن هذا ما بدا للعيان منذ الوهلة الأولى. ومع ذلك يبدو أن النشاط التجاري للأغاني البريطانية يعاني من العقبات.

ويدل على ذلك ما صرح به أسطورة غناء البوب البريطاني إلتون جون مؤخرا، حيث قال إن “دقات قلب ومستقبل صناعتنا الغنائية النابضة بالحياة تجد نفسها عالقة في دوفر، بسبب خطأ لم ترتكبه”، مشيرا إلى ميناء دوفر الذي يمثّل لبريطانيا منفذا رئيسيّا إلى أوروبا.

قوائم الانتظار المكدسة أصبحت مشهدا عاديا في ميناء دوفر بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

وعلى سبيل المثال اضطر فريق “وايت لايز” لأغاني الروك اللندني إلى إلغاء حفل غنائي بباريس في اللحظات الأخيرة، بسبب عدم وصول الآلات الموسيقية الخاصة بالفريق من بريطانيـا، حيث تأخرت نتيجة الإجراءات البيروقراطية.

وأفادت أعداد أخرى من الفرق الموسيقية البريطانية بحدوث مشكلات مماثلة، كما لا تزال المصاعب التي تواجه قيام هذه الفرق بجولات في أوروبا كثيرة.

وأصبح ميناء دوفر يمثل مشكلة كبرى ولكن بتفسيرات خاطئة، وتكدست الآلاف من الشاحنات في الميناء بسبب الافتقار إلى البنية التحتية المناسبة، بينما تأخر السياح في السفر نتيجة الإجراءات الجديدة التي طبقت بعد البريكست، والتي أدت إلى قضاء وقت طويل في فحص جوازات السفر.

وظهرت عقبات حتى قبل أن تشرع الفرق الغنائية في شحن معداتها، فقد تبين أن بعض السيارات البريطانية التي تستخدم لنقل هذه المعدات لا يسمح لها بالقيام بجولات في أوروبا. كما يمثل نظام إصدار تصاريح العمل في الاتحاد الأوروبي مشكلة، حيث يتم السماح فقط للفرق الغنائية بالعمل خلال عدد محدود من الأيام.

وقال جوليوس دراك عازف البيانو الإنجليزي، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، “تبين لفرق الغنائية أن قرار السماح لها بالعمل في أوروبا لمدة 90 يوما فقط خلال فترة نصف عام يمثل قيدا كبيرا”. وأضاف أن “فن الموسيقى الكلاسيكية له طابعه العالمي، ومعظم المغنين يحصلون على تأشيرات دخولهم لتنظيم حفلات في دولة أوروبية ما أو أخرى”، وقال إن “ما يهم هو إجمالي عدد الأيام التي يقضونها في أوروبا، وتشمل هذه الأيام السفر والبروفات وليس فقط أداء الأغاني”.

وأشار إلى المشكلة التي تواجهها الفرق قائلا “أصبح يتعين علينا الآن أن نحصي عدد الأيام ورفض تنظيم الكثير من الحفلات، لأن قبولها يعني تجاوز الفترة المسموح لنا بالبقاء خلالها”.

ومن ناحية أخرى قال جامي نجوكو جودوين، الذي يمثل مصالح الفرق الغنائية برابطة المهن الموسيقية البريطانية، إن “الحال صار يمثل خسارة للجميع”. وأضاف “ليس في مصلحة أحد أن يجعل قيام الفرق الغنائية بجولاتها مسألة صعبة، بل على العكس يستفيد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا من زيادة مثل هذا التبادل للأنشطة الفنية”.

وأوضح نجوكو جودوين أن لوائح إصدار تأشيرات السفر في بريطانيا بالنسبة إلى الفرق الغنائية ليست مسألة خلافية، وقال “لا توجد دائرة انتخابية في المملكة المتحدة تقول إننا نريد أن نجعل من الصعب على الفرق الغنائية القيام بجولات خارجية”. ومع ذلك لم تتوصل كل من لندن وبروكسل إلى حل لهذه المصاعب حتى الآن، بالرغم من اتخاذ بعض الترتيبات الثنائية.

ومازالت المباحثات بين الجانبين جارية، واقترح أكثر من 100 نائب برلماني من مجلسي اللوردات والعموم مجموعة من الحلول، طرحت في تقرير تحت اسم “دعوا الموسيقى تسافر”.

وفي مقدمة التقرير قال النائب العمالي كيفين برينان “إننا في المملكة المتحدة نتمتع بسمعة رائعة في الموسيقى والغناء، أعني ذلك حقيقة، نحن فعلا حققنا مكانة مرموقة إلى درجة أننا أصبحنا من الدول القليلة في العالم التي تصدر الغناء، كما أن فرقنا الغنائية التي تقوم بجولات خارجية تتمتع بمرتبة رفيعة على المستوى العالمي، وإذا استخدمنا عبارات مالية بسيطة أخرى فيمكننا القول إن الموسيقى والغناء يحققان لنا مصدرا للدخل كدولة”.

وتشمل المقترحات تقديم الدعم المالي لمساعدة الفرق الغنائية على تحمل التكاليف الإضافية، غير أنها في جوهرها تمثل مناشدة لبريطانيا من أجل العمل مع الاتحاد الأوروبي وإلغاء هذه التكاليف والعقبات قدر الإمكان.

بينما قالت الحكومة البريطانية إنها ستستمر في ممارسة الضغط على دول الاتحاد الأوروبي التي لم تخفف حتى الآن من لوائحها اللازمة، لتحسين ظروف الحصول على تأشيرات الدخول وتصريحات العمل.

20