"كيو أنون" سلاح دونالد ترامب لمواجهة متاعبه القضائية

الرئيس الأميركي السابق يعمد إلى إعادة إحياء حركة "كيو أنون" لمروجي نظرية المؤامرة التي كرّسها أعضاؤها أيقونة لهم.
الخميس 2022/09/22
"كيو أنون" قوة جماهيرية داعمة لترامب

واشنطن - لم يعترف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب صراحة بدعمه لحركة "كيو أنون" المتطرفة، لكنه يستخدم مفرداتها ويروج لأيديولوجيتها ويلجأ إليها إذا ما ضيّق عليه الخناق، فهي تبدو وفق محللين سلاحه الوحيد في مواجهة متاعبه القضائية.

وفي خضم بلورته إمكانية ترشّحه لولاية رئاسية ثانية في العام 2024، يعمد دونالد ترامب الذي يواجه متاعب قضائية إلى إعادة إحياء حركة "كيو أنون" لمروجي نظرية المؤامرة التي كرّسها أعضاؤها أيقونة لهم.

وفيما يتوارى المؤسس المجهول للحركة اليمينية المتطرفة المعروف باسم "كيو" (Q) عن الأنظار، بدا جليّا خلال تجمّع لمؤيدي ترامب في نهاية الأسبوع في ولاية أوهايو أن الحركة ما زالت قوة داعمة للرئيس الأميركي السابق.

وتم تداول مشاهد لمناصري ترامب وهم يرفعون أذرعتهم مع توجيه السبابة إلى الأعلى لدى انتهاء خطاب ترامب، على وقع موسيقى إلكترونية قال مركز “ميديا ماترز” للأبحاث التقدمية إنها نشيد الحركة وشعارها “حيثما نذهب مجتمعين، نذهب بكامل زخمنا".

ريتشل غولدواسر: دونالد ترامب أصبح نوعا ما بطل نظرية كيو أنون للمؤامرة

وسبق أن استخدم ترامب هذه المقطوعة الموسيقية في التاسع من أغسطس الماضي في فيديو احتج فيه على تفتيش وحدة تابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي منزله في فلوريدا، وفي مناسبات أخرى عدة، وهو ما لاحظه أنصار “كيو أنون” على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويستعيد ترامب بشكل متزايد أفكار "كيو أنون" على شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال". ففي الثالث عشر من سبتمبر نشر صورة معدّلة له تظهره واضعا شعار “كيو” على سترته.

وتفيد إحدى نظريات "كيو أنون" بأن الرئيس الأميركي جو بايدن والحزب الديمقراطي ضالعان في مؤامرة عالمية شيطانية وللتحرش بالأطفال. ومن أتباع الحركة جيكوب تشانسلي ولقبه تشامان، الذي شارك في اقتحام الكونغرس في السادس من يناير 2021 عاري الصدر حاملا حربة ومعتمرا خوذة بقرنين.

ورأى محللون حينها أن حادثة الكونغرس لم تكن سوى نتيجة لعمل طويل من التحريض ونشر الأكاذيب على منصات خاصة سرية ومواقع التواصل الاجتماعي، قبل انتقال ذلك إلى الشوارع ووصوله إلى قلب العاصمة واشنطن.

ويقول خبراء إن الحركة باتت تتبع بشكل متزايد نظريات "ترامبية"، على غرار إنكار فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في العام 2020، وأيضا مصطلح "الدولة العميقة" الذي غالبا ما يستخدمه الرئيس السابق للتنديد بموظفين حكوميين يقول إنهم يعملون على تقويض سلطات الرئيس.

وتقول الخبيرة في شؤون اليمين المتطرف في مركز "ساذرن بوفرتي لو" ريتشل غولدواسر "بات حاليا من الصعب أن نجد فارقا بين ‘كيو أنون’ وحركة 'ماغا' (جعل الولايات المتحدة عظيمة مجددا) التي أطلقها ترامب".

وتعتبر غولدواسر أن الملياردير أصبح حاليا "نوعا ما بطلا لنظرية المؤامرة". وحركة "كيو أنون" التي ولدت في العام 2017 في الولايات المتحدة، تستمد اسمها من رسائل غامضة نشرها شخص يدعى كيو، يُعتقد أنه مسؤول أميركي رفيع مقرّب من ترامب.

واستخدمت الحركة ادعاءات كاذبة منذ بداية ولاية ترامب الرئاسية عام 2017، من الترويج لوجود عصابات لتهريب الأطفال يديرها الحزب الديمقراطي، إلى عبادة الشيطان العميقة.

◙ دونالد ترامب لم يعلن يوما تأييده رسميا للحركة لكنه لم ينأ يوما بنفسه عنها
◙ دونالد ترامب لم يعلن يوما تأييده رسميا للحركة لكنه لم ينأ يوما بنفسه عنها

وعلى مر السنين تزايدت أعداد أتباع هذه النظريات في صفوف الأميركيين، ووضع مكتب التحقيقات الفيدرالي المجموعة اليمينية المتطرفة تحت الرقابة لخطورتها المحتملة. وشارك عدد من نشطاء "كيو أنون" في تجمّعات انتخابية لدونالد ترامب، رافعين لافتات تحمل اسم حركتهم أو ارتدوا قمصانا تحمل حرف كيو.

ولم يعلن دونالد ترامب يوما تأييده رسميا للحركة، لكنه لم ينأ يوما بنفسه عنها. وبعد هزيمته الانتخابية وتحديدا بعد اقتحام الكونغرس في السادس من يناير العام الماضي، تلاشت الحركة وانقطعت رسائل "كيو". كما دعا شخص على صلة بموقع إلكتروني للتواصل مع أتباع الحركة إلى الإقرار بفوز بايدن.

وبعدما نبذتهم شبكات التواصل الاجتماعي الكبرى، تحوّل أتباع "كيو أنون" إلى تطبيق تلغرام ومن ثم إلى شبكة "تروث سوشال" التي أطلقت في فبراير 2022. وبعدما تقلّصت، عادت الحركة للتركيز على تزوير مفترض للانتخابات أدى إلى خسارة ترامب الاستحقاق الرئاسي، بدفع من مؤثرين كثر نظّموا تجمّعات بهذا الشأن.

◙ بعدما نبذتهم شبكات التواصل الاجتماعي تحوّل أتباع "كيو أنون" إلى تطبيق تلغرام ومن ثم إلى شبكة "تروث سوشال"

وفي العام 2021 نظم جون سابال المعروف بـ"كيو أنون جون" تجمّعا كبيرا في دالاس، وهو يعتزم تنظيم تجمّع جديد في نوفمبر. ويجري مستشار البيت الأبيض الأسبق للأمن القومي الجنرال السابق مايكل فلين جولات مكوكية في الولايات الأميركية للترويج للنظريات نفسها، ومن دون ذكر "كيو أنون"، لكنه يستخدم عبارات مثل عبارة "العاصفة آتية" التي تستخدمها الحركة اليمينية المتطرفة.

وأظهرت مشاهد التُقطت خلال جمع تبرّعات في كاليفورنيا في الثامن عشر من سبتمبر فلين وآخرين يستمعون إلى امرأة تؤدي نشيد "حيثما نذهب مجتمعين، نذهب بكامل زخمنا".

وقبل ذلك، لم يكن رفع السبابة نحو السماء حركة على صلة بـ"كيو أنون"، لكن تسجيل ذلك خلال تجمّع لأنصار ترامب أثار مخاوف كثيرة، فمشاهد مناصري الرئيس السابق يرفعون أذرعتهم شُبّهت بأداء التحية النازية.

كما تظهر استطلاعات للرأي أن أتباع الزعيم السري لحركة "كيو أنون" ليسوا على الأرجح بالآلاف بل بالملايين، وأن حركة "كيو أنون" أصبحت عالمية، حيث يمكن اكتشاف علامة "كيو" الشهيرة في تجمعات يمينية متطرفة في جميع أنحاء أوروبا.

◙ حركة "كيو أنون" أصبحت عالمية، حيث يمكن اكتشاف علامة "كيو" الشهيرة في تجمعات يمينية متطرفة
◙ حركة "كيو أنون" أصبحت عالمية، حيث يمكن اكتشاف علامة "كيو" الشهيرة في تجمعات يمينية متطرفة 

7