حان الوقت لتعامل الولايات المتحدة إيران مثل روسيا

تساهل العالم مع طهران يدفعها للمزيد من تحدي القوى الدولية.
الأربعاء 2022/09/21
كل واحد يتحدى العالم بطريقته

تؤول مخططات الولايات المتحدة والغرب لمواجهة إيران وكبح نفوذها إلى الفشل، فهي لم تحقق بعد أبرز الأهداف منها بإحياء الاتفاق النووي، مما يفرض عليهما التفكير في أساليب جديدة للتعامل مع طهران، أو حتى معاملة إيران المعاملة نفسها التي تتلقاها روسيا حاليا.

واشنطن - تماطل إيران لتعطيل احياء الاتفاق النووي مع القوى الدولية أو تأجيله، وتفرض الشروط التعجيزية، لكنها تستغل الوقت لمواصلة أنشطتها في الشرق الأوسط، ودعمها العلني لأنظمة وجماعات تهدد أمن المنطقة، بالإضافة إلى تحديها الغرب بدعمها العسكري لروسيا في غزوها لأوكرانيا.

ويرى بعض المحللين أن طهران تنتهج سياسة شبيهة بتلك التي تتبعها موسكو، لذلك صار من الضروري مراجعة تعاطى الولايات المتحدة والدول الغربية مع الجمهورية الإسلامية.

ويشدد المحلل والباحث البريطاني كون كوفلن على أنه، الآن، وحتى بعد أن اضطرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الاعتراف بمحاولاتها غير المدروسة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، يتعين على الغرب ألا يغفل عن أنشطة إيران الشريرة في أنحاء العالم.

كون كوفلن: يجب التصدي لإيران بالطريقة التي تواجه بها روسيا

ويقول كوفلن في تحليل نشره معهد جيتستون الأميركي إنه طوال عملية المفاوضات التي استغرقت عاما في فيينا بشأن الطموحات النووية الإيرانية، التي اعترفت إدارة بايدن الآن أنها انتهت إلى حالة من الجمود، حاولت طهران إعطاء انطباع بأنها مهتمة بالتفاوض للتوصل إلى اتفاق، بينما هي تصعّد في الوقت نفسه أنشطتها العدوانية في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من المناطق.

ويضيف المحلل البريطاني أنه رغم مزاعم القادة الأوروبيين بأنه ما زال من الممكن التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، أنهى التعنت الإيراني المفاوضات بالفعل، حيث اعترف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأن المطالب الأخيرة لإيران أعادت العملية “إلى الوراء”.

كما تصر إيران على رفض مصادرة أموالها مطالبة بدفعها منذ سنوات كتعويض عن هجمات إرهابية منسوبة إليها. ولجأت الجمهورية الإسلامية إلى المحكمة منذ منتصف عام 2016 من أجل الإفراج عن أموالها بعيد صدور قرار من المحكمة العليا الأميركية أتاح مصادرتها. وكانت محاكم في الولايات المتحدة قد قررت في وقت سابق تخصيصها لتعويض الضحايا الأميركيين لهجمات إرهابية، وهي خطوة اعتبرتها إيران غير قانونية.

وطالب الآلاف من الضحايا وأهاليهم جراء هجمات ينسب إلى طهران تدبيرها أو دعمها بالحصول على تعويضات من تلك الأموال، بحسب القضاء الأميركي.

ومن بين هؤلاء أقارب 241 عسكريا أميركيا قتلوا في 23 أكتوبر 1983 في هجومين انتحاريين استهدفا الوحدات الأميركية والفرنسية التابعة للقوة متعددة الجنسيات في بيروت.

وعلى الرغم من أن فشل المحادثات حول إحياء الاتفاق النووي للعام 2015 يمثل انتكاسة كبرى لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قبل الانتخابات النصفية المقبلة، من المهم أن تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها حقيقة العمليات العسكرية الإيرانية المتوسعة في أنحاء العالم.

وقال كوفلن إنه فيما يعتبر زيادة ملحوظة في النشاط الإيراني، أعلنت القوات الأوكرانية المشاركة في الهجوم الناجح للغاية لاستعادة مساحات كبيرة من الأراضي شمال شرقي البلاد أنها أسقطت مسيّرة إيرانية طراز شاهد – 136 تستخدمها القوات المسلحة الروسية في منطقة خاركيف.

وظهرت أول تقارير بأن إيران عرضت تزويد روسيا بمسيّرات ذات طابع عسكري لدعم جهودها العسكرية في أوكرانيا في يوليو الماضي عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طهران، حيث التقى المرشد الأعلى آية الله على خامئني.

على الغرب تقديم نفس مستوى الدعم للدول التي تجد نفسها أهدافا لأعمال عدوانية غير مبررة من جانب إيران
على الغرب تقديم نفس مستوى الدعم للدول التي تجد نفسها أهدافا لأعمال عدوانية غير مبررة من جانب إيران

وأعلن المسؤولون الأميركيون في وقت لاحق أن طائرات الشحن الروسية نقلت أول مجموعة من المسيّرات الإيرانية. ورغم أن طهران نفت تلك التقارير، نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية صورا تظهر ما بدا أنه أجزاء من مسيّرة محطمة كُتب على جانبها بالروسية “جيران – 2”.

ويرى كوفلن أن هذا يعتبر تصعيدا خطيرا حقا في الأنشطة العسكرية الإيرانية، فهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر معدات عسكرية إيرانية على الأرض الأوروبية.

ويضيف أن أحد الحجج التي يسوّقها كثيرا الذين يختلقون الأعذار لإيران هو أن طهران لا تشكل تهديدا لأوروبا، وأن أنشطتها العسكرية قاصرة عن تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط، بما في ذلك طموحها طويل الأمد الخاص بالقضاء على إسرائيل.

ومما يدحض هذه الحجة حقيقة أن هناك أدلة ظهرت توضح أن إيران تدعم بقوة عدوان روسيا، غير المبرر، على أوكرانيا.

الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة وحلفاؤها لأوكرانيا أساسيّ لمقاومة كييف الناجحة لمحاولات روسيا احتلال البلاد

ويرى كوفلن أنه إذا كانت إيران مستعدة لنشر معدات عسكرية متطورة، مثل المسيّرات، على الأرض الأوروبية، حينئذ من الواضح أن حكام إيران لن يترددوا في إطلاق صواريخهم الباليستية طويلة المدى، المحتمل تزويدها بأسلحة نووية على أهداف أوروبية.

ومن ناحية أخرى، ليس من الغريب أن تسعى روسيا وإيران إلى زيادة تعاونهما العسكري في جهودهما لمواجهة الغرب، فالدولتان تعانيان من تداعيات العقوبات الغربية وتجدان نفسيهما في عزلة على المسرح الدولي.

وعلى أيّ حال، يمثل استعداد إيران لأن تصبح مشاركة بصورة مباشرة في الصراع الأكثر دموية الذي يشهده الغرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تصعيدا ملحوظا في التهديد الذي تمثله طهران للعالم الخارجي، وتتجاهله الدول الغربية رغم ما ينطوي عليه من خطر لها.

وأوضح كوفلن أنه علاوة على ذلك، ينبغي النظر إلى تورط إيران المتزايد في حرب أوكرانيا في سياق نشاطها الأخير المتزايد في مجالات عسكرية أخرى.

وعلى الرغم من إصرار إيران على أنها حريصة على التفاوض للتوصل إلى اتفاق نووي جديد يحد من قدرتها في الحصول على مواد نووية ذات طابع عسكري، تباهى المسؤولون الإيرانيون الشهر الماضي بأنهم يمتلكون الآن القدرة الفنية لإنتاج قنبلة ذرية.

ليس من الغريب أن تسعى روسيا وإيران إلى زيادة تعاونهما العسكري في جهودهما لمواجهة الغرب

وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في المؤتمر السنوي لـ”جيروزاليم بوست” في نيويورك الأسبوع الماضي عن خارطة تظهر أكثر من 10 منشآت أقامتها إيران في سوريا خلال السنوات الأخيرة لإنتاج صواريخ عالية الدقة متوسطة وطويلة المدى يمكن استخدامها لاستهداف إسرائيل.

والثلاثاء، حذر مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى من أن إيران “ما زالت تسعى للقيام بعملية انتقامية ضد إسرائيل”، ردا على عمليات استهداف عناصرها المنسوبة لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد).

ووضع مجلس الأمن القومي تقييمات مفادها أن “إيران ستواصل محاولاتها لاستهداف إسرائيليين، إما في الدول القريبة من إيران أو في الدول الأوروبية والغربية”. وصدرت توصية “باتخاذ تدابير اليقظة والحذر”.

وقال كوفلن إن هذا ليس تصرف دولة مهتمة بالسلام، كما تؤكد إيران مرارا وتكرارا، وإنه يتعين أن تكون تصرفات إيران جرس إنذار للقادة الغربيين للتصدي للعدوان الإيراني بنفس الطريقة التي واجهوا بها روسيا بالنسبة إلى قرارها غزو أوكرانيا.

ويعتبر المحلل السياسي أن الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة وحلفاؤها لأوكرانيا أساسيّ لمقاومة كييف الناجحة لمحاولات روسيا احتلال البلاد. وينبغي على الغرب الآن تقديم نفس مستوى الدعم لكل الدول – التي تشمل أوكرانيا الآن – والتي تجد نفسها أهدافا لأعمال عدوانية غير مبررة من جانب إيران.

7