التهجين الزراعي في إسرائيل ينتج عجائب من الفواكه والخضار

أمام تغير المناخ وشح المياه اهتدى المزارعون الإسرائيليون إلى تهجين الأشجار المثمرة باستخدام التلقيح الانتقائي وغيرها من الطرق ليحصلوا على أنواع جديدة مثل تهجين المشمش الأسود وبرقوق الرمان في عملية قدمت مذاقا فريدا.
يسود همعلاه (إسرائيل) – تعمل عائلة بن دور في مزرعتها الواقعة في شمال إسرائيل منذ عقود على تطوير فاكهة مهجنة من “المشمش الأسود” و”برقوق الرمان” في عملية تقول إنها تقدّم مذاقا فريدا وقد تساعد على مواجهة التغير المناخي.
وتقع المزرعة في تجمع “يسود همعلاه” الزراعي الذي تأسس في العام 1883 خلال موجة الهجرة اليهودية الأولى إلى فلسطين التي كانت حينها تحت الحكم العثماني. وتمتد المزرعة إلى الجليل الشمالي حيث أراضي وادي الحولة الخصبة.
وباستخدام التلقيح الانتقائي وغيرها من الطرق، ابتكرت العائلة أنواعا فريدة من الفاكهة ذات النواة، ويتراوح معدل إنتاجها السنوي ما بين طنين وثلاثة أطنان.
ويتمتع “برقوق الرمان” بلون وشكل الرمان، لكن حلاوته مميزة. أما “برقوق البطيخ” فيشبه البطيخ من حيث قشرته الخضراء وثمرته الحمراء.
أما “اللمون” كما تطلق العائلة عليه فيشبه شكل الدمعة المقلوبة وبلون أصفر، أما نكهته فهي لاذعة وأشبه بطعم الليمون. ويشمل إنتاج المزرعة أيضا المشمش بألوان عدة بينها الأحمر والأسود.
ويقول مدير العمليات في المشروع العائلي سفي بن دور “نطوّر أصناف الفاكهة منذ 40 عاما، ونصدرها منذ 37 عاما. أدركنا أن هناك إمكانية لتطوير شبكات تجارية إذا أوجدنا فاكهة مختلفة من حيث الشكل والتي يمكن استهلاكها خارج مواسمها العادية”. ويضيف أن عملية التهجين “تستغرق بين 10 و15 عاما”.
ويوضح ابنه إيدو أن عمل الأسرة توسّع خصوصا في مجال التصدير، مشيرا إلى أنها حصلت على تراخيص في 33 دولة لإنتاج أنواعها المهجنة.
ويشير الأب إلى أن تفشي فايروس كورونا جعله يوجه تركيزه نحو إسرائيل، مضيفا “رأينا أن هناك مجالا للتوسع وإيجاد نقاط بيع على رفوف المحال التجارية، إذ تمّ تطوير فاكهة مختلفة ومميزة في شكلها ومذاقها”.
ويقول إيدو إنهم يعملون على تطوير أنواع جديدة مع أخذ التغيّر المناخي بالاعتبار.
ورغم أن معظم الأراضي الإسرائيلية صحراوية وصخرية، تشكل الخضار والفواكه أكثر من 17 في المئة من إجمالي الإنتاج الزراعي. وطور المتخصصون الإسرائيليون أنواعًا هجينة جديدة من الخضار تحظى بشعبية كبيرة في العالم، وهي مقاومة للأمراض وتتمتع بمذاق ممتاز على غرار الطماطم السوداء والليمون الأحمر والكوسة الصفراء الزاهية.
وهناك مجموعة كبيرة من الخضار والفواكه المهجنة في إسرائيل، وفي كل عام تظهر أصناف جديدة يتم تهجينها بواسطة مزارعين محليين.
يذكر أنه يتم تهجين معظم أنواع الفاكهة والخضروات في إسرائيل خصيصًا للزراعة في الداخل، في البلدان ذات الظروف المناخية الحارة.
وينظم المهندسون الزراعيون الإسرائيليون بشكل دوري معرضًا زراعيًا وطنيًا لإنجازاتهم المذهلة. هذا المعرض يحير خيال حتى أكبر العلماء الذين يقولون عنه إنه في جوهره “مصنع ضخم للمعجزات”.
ويقول الكثير من الذين يأتون إلى المعرض أنه في مثل هذه الظروف الرهيبة من المستحيل زراعة محاصيل خضروات مختلفة! لكن لم يكن أمام البلد خيار آخر، وبالتالي يمكن للعالم كله أن يلاحظ مثل هذه النتائج المذهلة اليوم.
ويرى رئيس صندوق البحث والتطوير الزراعي بين إسرائيل والولايات المتحدة (بارد) بورام كابولينك أن إنتاج الفواكه بهذه الطرق يمكن أن يساعد في التعامل مع درجات الحرارة المتغيرة.
ويقول كابولنيك إن التهجين يمكن أن “يخلق مزايا معينة للمنتج يجعل من الممكن أن نستمتع بنكهته لفترة أطول”، ويجعله أكثر مقاومة للجفاف كما يسمح للمزارعين باستخدام أقل للمبيدات الحشرية.
ويضيف “بعض منتجات (بن دور) لديها القدرة على التميز على السلالات الموجودة وربما تنمو في أماكن غير معتادة أيضا”.


كما تُزرع الفاكهة والخضروات في إسرائيل بطرق غير عادية، فلم تعد الحدائق المعلقة في إسرائيل تثير الفضول، إذ أصبحت هي الطريقة التي تُزرع بها جميع الفواكه والخضروات.
وتحظى مثل هذه “العجائب الزراعية” بشعبية لدى السياح الذي يعبّرون عن سعادتهم بالتقاط الصور مع ألواح الفراولة المعلقة مثلا.
ويقول المهندسون الزراعيون الإسرائيليون إن هذه الهندسة الزراعية تمنع العديد من الأمراض النباتية.
وأصبحت الزراعة الإسرائيلية – عمليا – تمثل المنصة التجريبية الكبيرة للزراعة في العالم. ففي مثل هذا البلد الصغير هناك العشرات من أكبر الجامعات العلمية الزراعية. وتصدر إسرائيل الفاكهة والخضروات المزروعة في الصحراء إلى جميع أنحاء العالم اليوم.
كما تحتدم منافسة شرسة بين المزارعين. وفي إسرائيل من المهم للغاية من سيكون الأول! ويشبه خبراء المعرض الزراعي الذي ينظم سنويا بخط إطلاق النار في الجبهة الزراعية.