متاحف مشيرب.. قطر من قرى تعيش على صيد اللؤلؤ إلى بلد يستضيف كأس العالم

بموقعها المتميز في قلب العاصمة القطرية الدوحة، انطلقت متاحف مشيرب في عام 2015، لتشقّ طريقها كواحدةٍ من مراكز الجذب السياحي والثقافي في منطقة الخليج العربي.
الدوحة – تعتبرمتاحف مشيرب صرحا علميّا وثقافيا يزوّد الطلبة بفيض معلومات تشرح تاريخ البلاد ورحلتها، منذ كانت قرى تعيش على صيد اللؤلؤ، وصولًا إلى محطتها الحالية حيث الريادة الثقافية والمعرفية.
وتُعد المتاحف أول مشروع استهدف تجديد وسط الدوحة بشكلٍ ذكي ومستدام. وفيها 4 بيوت تراثية هي: بيت بن جلمود، الذي يتناول تاريخ الرقّ في قطر والمنطقة، وبيت الشركة، الذي يبرز تاريخ النفط في قطر، وبيت الرضواني الذي يروي نمط الحياة القطرية قديمًا، وبيت محمد بن جاسم، الذي يحكي تاريخ منطقة مشيرب.
وقال حافظ علي علي، رئيس إدارة التسويق والاتصال في مشيرب العقارية إن “البيوت الأربع التي تم ترميمها وتحويلها إلى متاحف، تعكس التطور الذي عاشته دولة قطر على مرّ الحقب التي توالت بعد انتشار البترول”. وأضاف أن “المتاحف لها دور في المجتمع القطريّ كأول متاحف اجتماعية تحكي قصصًا تستخدم فيها التكنولوجيا الحديثة وشاشات تفاعلية تحاكي بثماني لغات، تستقطب الزوار من كل أنحاء العالم وتقدم صورة حضارية عن المجتمع القطري”.
إدارة المتاحف تواصل منذ افتتاحها جمع وإضافة القطع الأثرية النادرة إلى رفوفها لتعزيز التراكم التاريخي والمعرفي
ووفقًا لحافظ علي، فإن “البيت الأول هو بيت بن جلمود، الذي يؤدي دورًا محوريًا في التوعية ومحاربة مظاهر الاسترقاق على مستوى العالم، حيث يستعرض مظاهر الصبر والمثابرة في مواجهة العديد من المحن والصعاب الإنسانية”. وأوضح قائلاً “كما يعرض البيت قضية الرِقّ والمساهمات المتعدّدة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي قدّمها الرقيق في إنماء الحضارات الإنسانية”.
وأضاف “يُعدّ هذا البيت مكانًا للتأمّل، يسافر مرتادوه في رحلةٍ إنسانية عبر قصة تاريخ الرِقّ وكيفية تحوّل منظومة الرِقّ قديمًا إلى مظاهر الاسترقاق المعاصر”. ويتابع “كما يقدّم بيت بن جلمود فرصةً للزوار لإبداء التزامهم الشخصيّ بمكافحة الاتّجار بالبشر بمختلف تجلياته”.
وحول بيت الشركة قال حافظ علي “يسرد هذا البيت، الذي كان مقرًا رئيسيًا لأول شركة نفط عملت في قطر، قصص الروّاد القطريين الذين عملوا بكدٍّ ونشاط في حقول النفط قديمًا، ووهبوا حياتهم من أجل بناء وطنهم وتأمين لقمة العيش لأبنائهم وأسرهم، وكانوا أول من ساهم في إحداث تحوّلٍ حاسم في مسيرة نموّ قطر خلال فترة اكتشاف النفط”.
وتابع “في هذا البيت تُعرض قصص كفاح رسمتها السواعد السُمْر التي كافحت من أجل بناء مستقبل أفضل لوطنها، لتصبح القصص مصدر إلهام للشباب القطريّ لاستكمال مسيرة النمو والازدهار في دولة قطر”.
وبالنسبة إلى البيت الثالت وهو “بيت الرضواني”، قال رئيس إدارة التسويق والاتصال في مشيرب العقارية إنه “تم بناء بيت الرضواني في عشرينات القرن الماضي، في موقع يفصل بين أقدم أحياء مدينة الدوحة، وهما حيّ الجسرة وحي مشيرب”.
وأضاف “يستعرض هذا البيت حياة العائلة القطرية قديمًا، ومن خلال زيارته يمكن التعرف على كل ما يميّز تلك الفترة من الزمن، حيث يعطي فكرة عن التحوّل الذي طرأ على حياة العائلة القطرية مع اكتشاف النفط وتوصيل الكهرباء في دولة قطر”.
وأردف “تعتبر الحفريات التي أجراها عدد ٌمن علماء الآثار في بيت الرضواني، بمثابة أول عملية تنقيب عن الآثار يتمّ تنفيذها في وسط مدينة الدوحة، حيث تم العثور على عدد من القطع الأثرية التي تعطي بعض المؤشرات على طبيعة الحياة خلال تلك الفترة”.
وفيما يخص البيت الرابع، قال الدكتور حافظ علي “يعرض بيت محمد بن جاسم تسلسل الزمن، لنتأمّل ماضي الدوحة وعراقة الإرث المعماري الأصيل”.
وتابع موضحًا “لقد تم تشييد هذا البيت من قبل الشيخ محمد بن جاسم آل ثاني، وهو ابن مؤسّس دولة قطر الحديثة، ويسرد البيت قصصًا من الماضي والحاضر، كما يتناول مبادئ الاستدامة التي يتمحور مشروع ‘مشيرب قلب الدوحة’ حول تحقيقها”.
ومع اقتراب موعد بدء بطولة كأس العالم 2022، استعدّت إدارة متاحف مشيرب لتوفير تجربةٍ جميلة وجذابة للسائحين والزوار من كل أنحاء العالم، الذين سيأتون لحضور مباريات البطولة والتنزّه في مختلف المواقع السياحية في دولة قطر.
وفي هذا الصدد، ذكر حافظ علي أن “متاحف مشيرب أصبحت من الوجهات السياحية والثقافية الأساسية في قطر، وبالتأكيد نحن نستعد لبطولة كأس العالم واستقبال الزوار من مختلف أرجاء العالم”.
وتابع “لدينا برنامج مميز للزوار للجولات التعريفية في المتحف، كما أعددنا منصّة خاصة بثماني لغات عالمية تمنح الزوار الاستماع إلى معلومات عن المتاحف بلغتهم الأم، وهو ما يسهّل عليهم التعرف على هذا الصرح المميز بسهولة”.
ومنذ افتتاحها في عام 2015، استقطبت متاحف مشيرب آلاف الزوار من قطر والمنطقة فضلًا عن السياح القادمين من دول عدة حول العالم، إلى جانب طلاب المدارس والجامعات المهتمين بالرحلات العلمية والمعرفية ودراسة التاريخ.
المباني التي أُعيد ترميمها والمعارض التي تضمّها المتاحف، وفّرت مساحة مهمة للمجتمع للتعرّف عن كثب على مختلف جوانب الحياة في قطر في الماضي قبل النهضة الاقتصادية.
كما تضمّ المتاحف أقسامًا متخصصة للتدريب والفعاليات والبرامج العلمية والتعليمية، والتي تحوّلت إلى وجهة شاملة تجمع السياحة والترفيه والتعليم والثقافة تحت مظلةٍ واحدة.
وتوفّر متاحف مشيرب كذلك، الدعم الكامل لرواد الأعمال من الشباب، لتنظيم معارضهم وتقديم أفكارهم ضمن رؤيتها لدعم الشباب وتنشيط الحركة الثقافية.
وحرصًا على تعزيز الروابط مع المجتمع، عقدت المتاحف شراكات تعاونية مع مؤسسات أكاديمية وثقافية تضمّ جامعات ومدارس، للاستفادة من القدرات التي تحظى بها المتاحف، فضلًا عن إتاحة مكتبتها للزوار إمكانيةَ مطالعة مصادر المعلومات الرقمية التي توفرها مكتبة قطر الوطنية.
ونسجت متاحف مشيرب جسورًا قوية مع أركان المجتمع المحلي وأبنائه، بصفتهم المساهمين الرئيسيين في جمع مقتنيات المتاحف وتوثيق التاريخ، إذ وهب عددٌ كبيرٌ من المواطنين ما ورثوه عن الآباء والأجداد من تحفٍ وقطع تراثية قديمة لتكون تحت تصرّف المتحف ويتمّ عرضها للزائرين بالشكل العلميّ الملائم.
ليس هذا فقط، إذ تستقبل المتاحف كبار السنّ ممن يروون ذكرياتهم عبر التاريخ الشفهي بأسلوب مشوّق وجذاب، وذلك حتى تتمكن الأجيال الجديدة من توثيق تراثها الاجتماعيّ والوطنيّ، وتكتشف جزءًا محوريًا من تاريخ البلد.
ومن خلال الشراكات التي عقدتها مع الكثير من المؤسسات، لعبت متاحف مشيرب منذ انطلاقتها دورًا مهمًّا باستضافة عددٍ من المعارض والمؤتمرات التي تناقش مختلف الموضوعات وتساهم في إثراء الساحة الثقافية في قطر، إلى جانب المعارض العلمية المتخصصة.
وتواصل متاحف مشيرب منذ افتتاحها جمع وإضافة القطع والمقتنيات الأثرية النادرة إلى رفوفها، وذلك في إطار تعزيز الركام التاريخي والمعرفيّ لأحد أهم مراكز الجذب السياحي في قطر.
ولتحقيق هذا الهدف، أعدّت إدارة المتاحف خطة لتوفير المرشدين السياحيين المعنيين بتقديم كلّ المعلومات حول المتاحف، وما تزخر به من معلومات وتحف فنية وتراثية.
كما تم إطلاق تطبيق خاص بالمتاحف، من شأنه أن يمدّ الزوار بالمعلومات بأكثر من ثماني لغات، بشكلٍ يتناسب مع مختلف الثقافات ويرسم صورة صحيحة عن قطر وإرثها.