الرسم على الزجاج فن يزيد منازل العراق وفنادقه جمالا

هذا الفن بدأ يزدهر وينتشر بصورة أوسع بعد رفع الحصار عن العراق وتوفر كل المواد التي يحتاجها الممارسون له.
الخميس 2022/09/15
إبداع ورزق (شينخوا)

بعد أن عانى فن الرسم على الزجاج من الحصار في العراق يعود اليوم إلى الواجهة؛ حيث يهتم به بعض الشباب الذين جعلوا منه فنا ومورد رزق بعد أن توفرت المواد والتقنيات الحديثة، أما الفنانون فمازالوا يبدعون لوحات فنية.

بغداد – على الرغم من دخول فن الرسم على الزجاج منذ عقود إلى العراق إلا أنه بقي لفترة طويلة محدود الانتشار، لكنه شهد مؤخرا انتشارا واسعا بعدما دخل المجال التجاري.

ويجمع فن الرسم على الزجاج بين الجمال والأناقة، ما دفع إلى دخوله المجال التجاري المربح، حيث يمكن استخدامه في تزيين وتطريز العديد من الأدوات المنزلية المصنوعة من الزجاج من خلال اختيار الألوان الزاهية بما يحولها إلى تحف فنية.

وقال أوس البندر أستاذ معهد الفنون الجميلة في بغداد، وهو أحد رواد هذا الفن، “بدأ فن الرسم على الزجاج ينتشر في العراق منذ تسعينات القرن الماضي، لكن في تلك الفترة كان العراق تحت الحصار الاقتصادي وكان من الصعب الحصول على الألوان، وهو ما دفعنا إلى  صناعتها محليا باستخدام الأصباغ الموجودة بعد استعمال تقنيات معينة وتوظيفها للرسم على الزجاج”.

وأكد البندر على أن هذا الفن بدأ يزدهر وينتشر بصورة أوسع بعد رفع الحصار عن العراق وتوفر كل المواد التي يحتاجها الممارسون له.

وتتنوع أعمال الرسم على الزجاج حاليا، حيث تشمل تجسيد بعض الرسوم التراثية في الديكورات واللوحات الجدارية والأبواب والشبابيك والقباب الخاصة بالمساجد، فضلا عن التحف والأواني.

لوحات من التراث
لوحات من التراث

وساهمت التقنية الحديثة في انتشار هذا الفن، ما دفع البعض إلى ممارسة هذا الفن لأغراض تجارية، لكن البندر بيّن أن الفنانين يركزون على العمل والإبداع الفني والمحافظة على التراث من خلال التركيز على الزخارف التاريخية، وخصوصا التراث البغدادي للحفاظ عليه.

وأضاف البندر “التقنية الحديثة المستخدمة في فن الرسم على الزجاج هي تقنية إنتاجية لأغراض تجارية، أما في عملنا الذي يعتمد على الإبداع الشخصي فإننا ننتج القطع التي تكون أقل عددا لكن قيمتها الفنية والجمالية أعلى”.

وجذب هذا الفن الذي يعتمد على الإبداع العديد من الشباب العاطلين عن العمل والذين تلقوا دروسا تطبيقية على أيدي متخصصين لإتقان هذا الفن الذي من خلاله تمكنوا من شق طريقهم في الحياة.

ومن هؤلاء الشباب مهند كريم (26 سنة) الذي قال لشينخوا “حدثني صديقي عن هذا الفن وبدأت أبحث عن معلومات عنه في مواقع التواصل الاجتماعي حتى تعرفت على مجموعة من الشباب الذين يتلقون دورات تدريبية فيه، وفعلا انخرطت معهم وتعلمت المهنة”.

وتابع “الآن لدي عمل وأقوم بالرسم على الزجاج بعد أن خصصت غرفة في منزلي للعمل، وأحقق مبيعات لا بأس بها”.

وأضاف “في البداية واجهت مشكلة تكسر الزجاج ما يؤدي في بعض الأحيان إلى إصابتي بالجروح، لكن بمرور الوقت أتقنت العمل، ولدي حاليا زبائن أقوم بإيصال الطلبات إليهم وتنال استحسانهم”.

ف

وقالت الفنانة التشكيلية إيناس العاني، التي بدأت العمل في الرسم على الزجاج منذ عام 1997، “إن ممارستي لهذا الفن أصبحت مهنتي ومصدر رزقي، وأصبحت لدي سمعة جيدة بفضل جودة العمل والمواد الجيدة التي أستخدمها”.

وتقوم إيناس العاني، التي تسكن حاليا في محافظة السليمانية شمالي العراق، بصنع المواد التي تستخدمها في الرسم بيدها. وهذا هو سر شهرتها وإقبال الزبائن عليها، وتقول في هذا الخصوص “المواد التي أستخدمها كلها أصنعها أنا بيدي، فالعمل كله بشكل متكامل هو صنع يدوي”.

وتنظم إيناس دورات لتعليم الرسم على الزجاج بعد حصولها على شهادة مدرب دولي معتمد، وأصبحت مشهورة ولديها متابعون كثيرون من كل أنحاء العالم تقوم بتعليمهم الرسم على الزجاج.

وأوضحت أنها أسهمت في إنجاز مشاريع كثيرة (مضايف وفنادق ومنازل…) في أنحاء متفرقة من العراق، مبينة أنها تقوم بعمل الديكورات ورسمها بطريقة فنية وتختار الألوان المناسبة التي تساعد على بث الراحة النفسية.

وعن الرسوم التي تجسد التراث الشعبي العراقي قالت إيناس “منذ نحو سبع سنوات هناك توجه إلى الرسومات التراثية، وهذه أصبحت مرافقة لاسمي كوني أرسم التراث لإحياء الحضارات العراقية القديمة بنمط جديد”.

ودعت الشباب المهتمين بهذا الفن إلى الاعتماد على أنفسهم والعمل بضمير والتعاون لشق طريقهم الطويل في هذا الفن الذي يحتاج إلى الدقة والصبر والتفاني في العمل.

Thumbnail
20