مصائد الموت تتربص بسكان لوس أنجلس في "راليات" الشوارع

متظاهرون يحتجون على تصوير فيلم "فاست إكس" لأنه يضفي بريقا على مسابقات سيارات الشوارع الخطيرة.
الجمعة 2022/09/09
مللنا الخوف

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) – في كل ليلة تقريبا، ينطلق قائدو السيارات بسرعة مدوية، في الشارع الذي يسكن فيه رينيه فافيلا، الكائن في ضاحية أنجلينو هايتس العريقة بمدينة لوس أنجلس.

ونقلت صحيفة لوس أنجلس تايمز عن فافيلا قوله، “يقود بعض الأشخاص سياراتهم في الشارع في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وفي الثانية بعد الظهر”، وانتقل فافيلا للإقامة في هذه الضاحية مع زوجته بيلا منذ 17 عاما.

والآن وقد أنجب الزوجان طفلا، أصبحا يخشيان عليه من خطر سباقات السيارات التي تجرى في الشارع، وأيضا من الألعاب البهلوانية التي يقوم بها قائدو السيارات أمام باب منزلهما، الأمر الذي يتسبب في إزعاج وقلق بالغين، ويقول الجيران عن هذه السباقات إنها جاءت تقليدا للسباقات التي حفلت بها سلسلة أفلام “فاست آند فيورياس” التي تعني السريع والغاضب، وهي أفلام حفزت مجموعات من الشباب المعجب بها، على التدفق على شوارع ضاحية أنجلينو هايتس، التي يصفها النجم السينمائي الأميركي فين ديزل بأنها موطنه. وقام فين ديزل بدور البطولة في أفلام “فاست آند فيورياس”.

ويتفهم فافيلا حقيقة أن سباقات الشوارع بمدينة لوس أنجلس، تسبق سلسلة الأفلام التي تحفل بها، حيث صدر أول جزء منها في عام 2001، ولكنه ليس بوسعه سوى أن يشعر بأن هذه الأفلام أسهمت في تعمّق المشكلة.

ويقول فافيلا وهو يقف خارج منزله في شارع بليفو أفينيو، حيث ظهرت على أسفلت الشارع آثار سوداء نتيجة احتكاكات إطارات السيارات، “إنك لا تريد أن تقول إن هذه الأفلام تشجع سباقات الشوارع، ولكنك تعلم أنها لا تساعد على منع هذه الظاهرة”.

شركة "يونيفرسال بيكتشرز" لتوزيع الأفلام، وأيضا مدينة لوس أنجلس لم يفعلا شيئا يذكر، لردع قائدي السيارات الذين يقلدون الممثلين في سلسلة أفلام سباقات السيارات

وتجمع محتجون الجمعة الماضي في ضاحية أنجلينو هايتس، للاعتراض على تصوير فيلم “فاست إكس”، وهو الجزء العاشر من سلسلة سباقات الشوارع، ويقول السكان إن الفيلم يضفي بريقا على هذه السباقات، وعلى عملية الاستحواذ غير القانونية على الشوارع، ويشجع اتجاها خطيرا ليس في هذه الضاحية فقط، وإنما في أي مكان يتفاعل فيه مع مشاعر قائدي السيارات الشباب.

وصورت كاميرات محطات التلفاز الإخبارية عملية الاحتجاج، بينما تجمع هواة السباقات بالقرب من النقاط الأمنية الخاصة بموقع التصوير، بينما انتشر أفراد طاقم العاملين في أنحاء الضاحية، حيث قاموا بوضع شاشات كبيرة بالقرب من المنازل التي يرجع طرازها المعماري إلى العصر الفيكتوري.

ويقع متجر بوب في آخر الشارع، وتمتلكه أسرة الممثل ديزل الذي أدى دور شخصية دومنيك توريتو بطل فيلم”فاست آند فيورياس”، وأصبح الآن مقصدا للمتسابقين في الشوارع لالتقاط صور السيلفي.

وتقف خوانيتا تشايدز أمام المتجر في صباح يوم جمعة، وتقول “هناك زحام مروري شديد هنا مع وجود السيارات السريعة والكثير من الشباب، وهم يستولون على جميع ساحات الانتظار ويلتقطون الصور”.

ونشأت تشاديز (56 عاما) في ضاحية أنجلينو هايتس، وتضيف أن عملية الاستحواذ على الشوارع تحتدم، منذ تفشي جائحة كورونا.

وتابعت تشاديز أنها حتى لو لم تشاهد قائدي السيارات، وهم ينحنون بسياراتهم بسرعة بشكل دائري في الشارع، فإنها تلمح الدخان يتصاعد نتيجة حرق السائقين لإطارات السيارات وسنادات الفرامل، وأحيانا يتوقفون لالتقاط الصور ثم يقودون سياراتهم في الشارع بسرعة تتراوح بين 60 و70 ميلا في الساعة.

وتحولت نقاط التجمع الأخرى، إلى عمليات من الاستيلاء واسعة النطاق على مساحات من الشارع، حيث يسد قائدو السيارات تقاطع الطريق في ساعة متأخرة من المساء، وهم يقودون سياراتهم بسرعة فائقة تؤدي إلى احتراق الإطارات.

وضاحية أنجلينو هايتس ليست غريبة عن تصوير الأفلام، فقد تم فيها تصوير عدة أفلام، من بينها فيلم “ماد مين” أي الرجال المجانين من إنتاج محطة (أيه.إم.سي) لتلفزيون الكابل الأميركية، والفيديو الموسيقي الشهير لمايكل جاكسون “ثريللر”، والفيلم الشهير للمخرج العالمي رومان بولانسكي “الحي الصيني”، غير أن أيا من الأفلام التي صورت لم تثر أي رد فعل غاضب، مثلما حدث مع فيلم “فاست آند فيورياس”.

ويقول السكان إن شركة “يونيفرسال بيكتشرز” لتوزيع الأفلام، وأيضا مدينة لوس أنجلس لم يفعلا شيئا يذكر، لردع قائدي السيارات الذين يقلدون الممثلين في سلسلة أفلام سباقات السيارات، ويندفعون بسرعات هائلة في شوارع ضاحيتهم، وتم وضع حواجز مرورية عند تقاطع شارع بلفيو أفينيو مع طريق إيست كينسينغتون، إلى جانب العديد من إشارات التوقف، ولكن السكان يطالبون بالمزيد من الإجراءات الوقائية.

وبينما كان المحتجون يسيرون حول تقاطع للطريق، صاح منظم المسيرة الاحتجاجية داميان كفيت، وهو من منظمة “الشوارع للجميع” غير الربحية، قائلا عبر مكبر للصوت “سباق الشوارع قاتل”.

وهم يريدون إعادة تصميم الشوارع بشكل يثني الشباب عن التسابق بالسيارات، كما يطلبون من منتجي سلسلة الأفلام، تقديم إعلان في وسائل الإعلام كخدمة عامة، لتوعية هواة التسابق بخطورة الانطلاق بسرعات هائلة وسط الشوارع السكنية، في محاولة لإثنائهم عن المشاركة في هذه السباقات.

وقال أحد السكان ويدعى تاد يناواين أثناء مسيرة الاحتجاج يوم الجمعة، “فضلا، صوروا أفلامكم في المكان المناسب للتصوير، وضعوا راحة السكان في المنطقة التي تصورون فيها نصب أعينكم، وكونوا شركاء لنا في التجمع السكني”.

ولم يستجب مسؤول شركة “يونيفرسال” ولا مكتب العمدة إريك جارستي، لطلبات التعليق على الاحتجاجات ومطالب السكان بإعادة تصميم الشوارع.

ومن ناحية أخرى قالت لوري أرجوميدو إن ابنة أختها بيثاني هولجوين لقيت مصرعها، في مايو 2019 في حادث تصادم، وكان قائد سيارة قد اندفع متجاهلا إشارة مرور بالتوقف، بينما كان منهمكا في سباق مع سيارة أخرى، واصطدم بالسيارة التي كانت تقل هولجوين، ففارقت الحياة على الفور.

وأضافت أرجوميدو وهي واقفة في الشارع الذي كان يتم فيه تصوير الفيلم، “كان علي أن أتعرف على جثة ابنة أختي في عيد الأم، وكان يتعين علي أن أخبر ابنتها التي تبلغ من العمر ست سنوات، بأن أمها لن تعود إلى المنزل مرة أخرى”.

18